احترام الشرعية أو الفوضى!

احترام الشرعية أو الفوضى!

بدر محمد بدر

[email protected]

واثق بفضل الله من أن هذه الزوبعة الجوفاء سوف تنتهي سريعا، ومطمئن إلى قدر الله، الذي يدبر -سبحانه -الأمر لهذا الوطن الغالي، ومتفائل بأن الشعب المصري الواعي، بأفراده وهيئاته ومؤسساته الوطنية، سوف يواجه الدعوة إلى هذه الفوضى التي تشعلها مجموعات داخلية وقوى خارجية، لا تريد الخير أبدا لهذا الوطن.

مرت علينا منذ قيام الثورة فترات كثيرة جدا صعبة، وحاولت قوى الثورة المضادة ومن تحالف معها، عرقلة أي خطوة نتقدم فيها إلى الأمام، وكلما بدا أن الوطن يتجه للاستقرار والأمن، وبالتالي إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد، ورفع مستوى معيشة المواطنين، اشتعلت الأجواء من جديد، وانتشرت أعمال البلطجة وحرائق المولوتوف ومهاجمة الشرطة لكننا في كل تلك الفترات الصعبة كنا نحتمي بأهداف الثورة، وكان المعدن الحقيقي للشعب المصري الأصيل يفسد كل هذه المؤامرات.

بعض الواهمين يتصورون أن هذا الشعب الحر، الذي ثار على الظلم والفساد والاستبداد والطغيان، يمكن أن يتخلى بسهولة عن أهداف ثورته المجيدة، وحلمه في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وأنه يمكن ان يختار طريقا آخر غير تداول السلطة بالطريق الحضاري السلمي، أو أن مثل تلك الدعوات للفوضى والتخريب، ولا أقول للتظاهر السلمي الذي هو أحد منجزات الثورة، يمكن أن تدفع الناس إلى الكفر بآلية الديمقراطية، أو قبول أي حل غير ديمقراطي لحكم البلاد.

أزمة البعض ممن يقفون الآن في خندق المعارضة أنهم لا يريدون أن يجهدوا أنفسهم، في وضع برنامج علمي وعملي وواقعي لإصلاح أحوال البلاد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، ثم ينزلون به إلى عموم الناس في القرى والكفور والنجوع، وفي المدن والحضر لإقناعهم به، والحصول على تأييدهم له، فإن فعلوا ذلك ونجحوا في دعم الشعب لهم، أمكنهم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتحققت لهم الأغلبية التي تمكنهم من امتلاك أدوات السلطة بإرادة الشعب، لتنفيذ ما يرونه.

أما استمرار الكيد السياسي للرئيس المنتخب والحكومة القائمة، ونشر الأكاذيب والبهتان والتحريض ضد التيارات والأحزاب الإسلامية، وتسميم الأجواء والأفكار عبر وسائل التضليل الإعلامي، التي تطفح بالسموم والافتراءات ليل نهار، دون رادع من دين أو قيم أو حتى قانون، كل ذلك لن يغير من الحقائق على الأرض، ربما يؤثر على الناس بعض الوقت، لكنه أبدا لن يستمر طول الوقت، بل سرعان ما تنكشف الحقائق، وهو ما يؤدي في النهاية إلى استمرار فشل من يفعلون ذلك. 

لقد وقف الإعلام المضلل بكل قوة ضد التعديلات الدستورية في مارس 2011، لكن الشعب الواعي وافق عليها بالأغلبية، وشحن هذا الإعلام الكاذب الأجواء ضد إجراء الانتخابات البرلمانية السابقة في نوفمبر 2011، لكن الشعب تسابق بقوة وحماسة في الذهاب إلى صناديق الانتخابات، وقام أول برلمان مصري حر بعد الثورة، وهاجم هذا الإعلام الفاسد بكل ضراوة لجنة كتابة الدستور، لكنها أنجزت عملها في الموعد، كما أطلق الأكاذيب حول الدستور الجديد، لكن الأغلبية أقرته.

لماذا يسير البعض في هذا الطريق الخاطئ، وهو يعلم أن نهايته هي الفشل الذريع؟! لماذا يثير مرشحون خاسرون كل هذا التحريض والفوضى والاحتقان ضد مرشح فائز؟! وما هو البديل في رأيهم لصندوق الانتخابات كوسيلة ديمقراطية حضارية للتداول السلمي للسلطة واحترام إرادة الشعب؟!

أعتقد أن يوم الأحد 30 يونيو الجاري هو فرصة للشعب المصري لكي يرى بوضوح أكثر من يسعى للبناء ومن يسعى للفوضى والهدم، وهو فرصة أيضا لمؤسسة الشرطة لتؤكد مدى تعافيها وجاهزيتها لحماية أمن الوطن والمواطن، وهو فرصة كذلك لمؤسسة القضاء لتصحيح صورتها التي تشوهت كثيرا.