إلى الدول الثمانية دون الواحد

إلى الدول الثمانية دون الواحد

مواجهة التطرف أو إعطاء الفرصة للمزيد منه ...

زهير سالم*

[email protected]

لم تزل دوائر صنع القرار الدولي مترددة بشأن ما يجري على الأرض السورية . تردد ابسط ما يقال فيه إنه اختباء وراء الآخر طورا كما اختبأ السبعة وراء الواحد بالأمس . أو الاختباء وراء العذر ثانية كالاختباء وراء ما يسمونه استطلاعات الرأي المحلية التي تظل مخرجات لأوضاع غالبا ما تريدها الحكومات . أو الاختباء وراء حسابات ذرائعية كالحديث عن التطرف والإرهاب في صفوف الثوار السوريين !!

 إنه بعد ما يزيد على العامين على الثورة وما يزيد على مائة ألف شهيد نسبة كبيرة منهم من الأطفال يجد المتخاذلون عن نصرة الشعب السوري  ضالتهم في عذر ظنوه مقنعا لتسويغ نكولهم عن نصرة مشروع الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان في سورية ، بالادعاء بوجود المتطرفين ، والنفخ في جذوتهم وهو العذر الذي ارتاحت إليه بالأمس الدول السبعة وهي تذهب مع قاتل أطفال بلده في مسرح موسكو إلى حيث يريد .  

وينسى هؤلاء المدعون أن التطرف المنفعل – إن وجد – كان هو الجواب المباشر على التطرف الأول  - التطرف الفاعل – الذي لم يترك قبيحة إلا وارتكبها : القتل والانتهاك والتعذيب حتى الموت للصغار والكبار والرجال والنساء . والقصف والتدمير والحصار والتجويع ..

إن السؤال الذي لن تجد الدول الكبرى الرافضة للتطرف جوابا عليه هو لماذا يكون التطرف الأسدي أو الحزبللاوي أو الإيراني مسوغا ومقبولا ومسكوتا عنه وهو التطرف الفاعل وتكون محاولات تطويقه والحد منه أو مواجهته ومنع شروره موضع إدانة واستنكار ؟!

لماذا يعتقد هؤلاء المتحضرون أن الطبيعي في ناموس حقوق الإنسان أن يُكرس فريق من ابناء الشرق العربي في فلسطين ولبنان وسورية والعراق برسم الذبح بالسكين أو الدوس بالبسطار ويشتعل العالم غضبا لأن مذبوحا تشحط بدمه فأصاب ذابحه بقطرة من دماء ؟!

لماذا يسقط الغرب كل مقدمات المشهد ليتعلق ببعض الخطأ المنعكس أصلا عن تخليه وتخاذله وتأخره . ألم تخرج هذه الثورة المباركة سلمية ؟! ألم يرفض ثوارها في البداية أن يرفعوا في وجه قاتليهم العصا أوالحجر ؟! ألم ترتكب الفظائع والفواجع ضد ثوار سلميين بل ضد طفولة بريئة أطفال درعا وحمزة الخطيب وثامر الشرعي ومجزرة بانياس وبساطير ( فرسان البيضاء ) ؟! ماذا فعل المجتمع الدولي لمواجهة كل ذلك الطوفان من عنف المستبد وكراهيته وطغيانه ؟ ألم يكن تخلي مجلس الأمن الدولي عن مهمته الأساسية في حماية المدنيين هو المدخل إلى عسكرة الثورة أولا وإلى بروز المحالات المحدودة لما يسميهم المجتمع الدولي ( المتطرفين ) .

أليس من الحكمة أن يتساءل هؤلاء المتحضرون بمن فيهم الروسي الذي أنقذ مواطنيه المختطفين برميهم بالغاز اختصارا على نفسه الطريق : لماذا لم يشهد العالم حالة واحدة يفرق فيها بشار الأسد المتظاهرين بخراطيم المياه ؟ لماذا لم يستعمل جنود بشار الأسد ولو لمرة واحدة الرصاص المطاطي . من هنا تنطلق البداية الصحيحة لمواجهة الإرهاب الأول الإرهاب الفاعل لا المنفعل ..

ثم لماذا يتخوف المجتمع الدولي من ظاهرة الثائر الذئب – إن وجد – ولا يرفض ظاهرة الحاكم الذئب الذي يستغل كل سلطاته من إمكانيات الدولة في ذبح أبنائها والتلذذ بقلع أظافرهم  وبتر أطرافهم والمتاجرة بأعضائهم . وما يذكر هنا جرائم موثقة كما استعمال السلاح الكيماوي وليس مجرد صياغات لغوية ؟!

المراهنة على أن العنف الذي يطلق المجتمع الدولي فيه العنان للروس والإيرانيين وعصابات بشار الأسد سوف يكسر إرادة الثوار ويطفئ نار الثورة هو رهان خاسر بلا شك . إن العنف سوف يولد المزيد من العنف . والإرهاب الدولي المتمثل في جريمة البعض وصمت الآخرين سوف يشجع المعتدى عليهم على رد الإرهاب بمثله وسوف يوسع رقعته ودائرته ..

من يريد أن يحارب الإرهاب فعليه أن يعالج أسبابه . والحوادث الفردية للفعل المتطرف المرصود على ساحة الثورة السورية هي حوادث محدودة لا يجوز توظيفها بالنفخ فيها لأن النفخ فيها سيشجع عليها . وهي حواداث تنتمي إلى مشاعر عابرة من الغضب والألم والاحتقان وليست تعبيرا عن كوامن أصيلة أو مكبوتة يُتخوف منها أو يبنى عليها . ..

 الرسالة إلى قمة ( 7 + 1 ) ولا نريد أن نشير إلى الواحد إلا على أنه شريك في الجريمة غارق في الفعل الإرهابي : إذا كنتم جادين في نفي الإرهاب والإرهابيين عن حياتكم وحياة السوريين فعليكم بالإرهابي الأول على ظهر المسكونة بشار الأسد وشركاه علوا وسفلا .

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية