ماذا جرى في الائتلاف الوطني ...؟؟

ماذا جرى في الائتلاف الوطني ...؟؟

زهير سالم*

[email protected]

وأخيرا حسم رجال الائتلاف الوطني أمرهم واختاروا رئيسا للحكومة المرتقبة . اقتحموا العقبة التي طالما تهيبوا وتهربوا من استحقاقاتها . كان الكثيرون يتساءلون عن سر التأخر وها هو سر التأخر والتلوم والتربص بين أيدينا . أصوات ومواقف كلنا يقدر أن المشهد السوري آخر ما يحتاج إليها.

كان المتوقع من شركاء الائتلاف الوطني ألا يتوافقوا . وكان المنتظر للألغام التي ظن البعض أنه قد احتواها أن تنفجر عند أول منعطف ، وكان المقدر لأي عملية تصويت أن تكون لها نتائجها التي نتابعها اليوم على وسائل الإعلام : تنابذ وتبادل اتهام ..

لن ينفع جميع الأطراف التداري وراء القواعد والأصول الديمقراطية . لن ينفعنا في هذا المقام أن ينتصر فريق على فريق حوارا أو جدلا ، فالواقع القائم بغض النظر عن المحق ومخالفه هو ضد مصلحة الثورة والثوار ولمصلحة أعدائهم بكل المعايير . والخاسر الأول فيما نتابع هو هذه الهيئة الوطنية ( الائتلاف الوطني )

لقد يؤثر الرجال السوريون الذين يؤمنون أن مصلحة الثورة هي الأولوية أن يصمتوا دائما عن بعض هؤلاء الذين يتصدرون المشهد على كل المستويات بحق أو بأخيه .يصمتون عن كل التجاوزات والإساءات والانتقاصات ؛ مقتنعين أن هذا هو دور الأم الحقيقية الذي يقدرونه ضروريا في هذه المرحلة لدفع المفسدة الأكبر ( الشقاق والفراق ) ..

الأخطر في المشهد أن البعض حاول أن يخرج بالذي حصل في الائتلاف الوطني عن كونه تجاذبا بين مجموعتين سوريتين وطنيتين على اختيار رئيس حكومة . كان الأخطر محاولة البعض للدفاع عن وجهة نظرهم أن يخرجوا بالتعاطي الديمقراطي من إطاره الوطني إلى إطاره العربي . مدعين أن الذين رجحوا مرشحا على آخر إنما رجحوا علاقة مع دولة شقيقة على أخرى !! ادعاء يسيء إلى أصحابه أولا كما أنه يسيء إلى الائتلاف الوطني والعملية الوطنية ككل .

 إنه مما ينبغي التأكيد عليه أولا أن الذين قاموا بعملية الاختيار

قاموا بذلك على أسس وطنية بحتة ..

وأن حرص الائتلاف الوطني بكل مكوناته وشخصياته على علاقة إيجابية متوازنة مع جميع الدول الشقيقة عربية وإسلامية لا حدود له . وهو حرص يحتل رأس سلم أولويات الائتلاف الوطني بكل مكوناته وشخصياته.

لقد تمت عملية الاختيار الديمقراطي في مناخ عام من الثقة والشفافية وتوفيرالاحترام الكامل لكل المرشحين. ودون الانتقاص من أهلية أي مرشح وقدراته أو التشكيك فيه .

إن محاولة البعض أن يردد أن الشخصية الوطنية التي تم اختيارها إنما كانت مرشحة فريق وطني بعينه هو دعوى عريضة يشكل حالة اتهامية تسيء أول ما تسيء لأصحابها ، وتصادر أصلا على مطلوب الثورة الديمقراطي والتشاركي .

 إنه من نافلة القول أن نكرر أن من حق أي فريق أو شخصية وطنية – ديمقراطيا - أن يكون له مرشحه وأن يحاول إقناع أكبر عدد من المشاركين به ؛ ومع ذلك فقد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين أنها لا مرشح لديها لموقع رئيس الحكومة . وأنها لا فيتو لديها على أي من المرشحين ، وأنها ستكون داعمة لأي مرشح يتوجه التوافق إليه ..

ولقد أعلنا دائما أننا نؤمن أن التوافق هو الطريق الأقرب لجمع العقول والقلوب . وأن التوافق في كل مرحلة من مراحل العمل الوطني هو الخيار الذي يتقدم الذهاب إلى صندوق الحسم بالانتخاب ؛ ولكن التوافق لا يعني أن يفرض القليل إرادته على الكثير ، كما لا يعني تدوير الاستحقاقات الوطنية في دوامات التسويف والتعطيل ..

إن التعاطي الديمقراطي هو فعل إيجابي يقوم على الثقة بالذات ، وعلى احترام الشركاء ، وعلى الحوار البناء في سبيل الإقناع وكسب الأنصار . كما يقوم مع الحرص على نصرة الرأي على قبول الآخر شخصا وجهدا ورأيا ..

وسياسات الرفض والنقض والقذف بالاتهام سياسات موروثة من عهد بائس ثار شعبنا عليها وعلى أصحابها .

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية