إلي اليائسين علي الدرب... اطمئنوا

عزة مختار

[email protected]

تتلاحق الأحداث ويشتد الصراع بين الحق والباطل ليصل لذروته بين من يمثل الشرعية الحقيقية التي تأخذ جانب الشعب معبرة عن هويته وأصالته وبساطته وتاريخه واختياره ، وبين فئة أخري جل همها أن تحصل علي مكتسبات لنفسها مهما كانت التضحيات حتى لو وصل الأمر إلي أن يضحوا بأمن الوطن في سبيل سيطرتهم علي الأمور في البلاد ، محتكمين في معتقداتهم إلي خارج الحدود ، حيث فساد الذوق وهبوط المستوي الأخلاقي ، والانحطاط الفكري ، فيقيموا الدنيا ولا يقعدوها حين تكتب في مواد الدستور الجديد " بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية " . وقد صدقوا في مخاوفهم ، فهم الفاسدون المفسدون الذين لا يستطيعوا العيش في الطهر والنظافة والاحترام ، قيمهم يكتبوها بأيديهم لتخدم مصالحهم فقط ، يطالبون الرئيس بقرار ظنا منهم انه عاجز عن اتخاذه ، فإذا اتخذه تباكوا علي الحرية المنتهكة ، يتباكون عن حقوق الشهداء ، فإذا تحرك الرئيس لاستردادها صرخوا كاشفين عن وجوههم الكالحة في الدفاع عن رموز النظام المخلوع ، يملكون الآلة الإعلامية الفاسدة بكل وقتها وجبروتها وأموالهم التي ينفقونها ثم ستكون عليهم حسرة بإذن الله حين يلفظهم الشعب في أول فعالية ديمقراطية سوف تقام . واجتمع الباطل كله في سلة واحدة كي يقاوموا الشرعية واجتمعوا عند قبر الزعيم الميت بقيادة أبي لهب وأبي جهل والشيطان ، يريدون أن يضربوا ضربة رجل واحد ظنا منهم أن التجربة الديمقراطية التي لمتأتي بهم سوف تضيع بتلك الضربة ، ونسوا أن هناك إرادة فوق إرادتهم ، إرادة حمت الثورة المصرية المباركة في وقت تجمعت فيه كل قوي الشر لتقضي عليها ، بالسلاح ، والسجن ، والحصار ، والتجاهل ، إلي موقعة الجمل التي جمعوا فيها بلطجية مصر مجتمعين كي يواجهوا إرادة شباب مصر والتي توافقت مع الإرادة الربانية ، فكان ما نحن عليه اليوم ، يثبت الله المؤمنين بالقول الثابت ، فينزل المطر وتثبت الأرض تحت أقدام أهل بدر ، وتثبت تحت أقدام شباب التحرير ، وكل ميادين مصر فيندحر الجمل وصاحبه كما اندحر طواغيت الكفر في بدر ، ويتكرر التاريخ وتشتد المعركة هنا وهناك ليميز الله الخبيث من الطيب ، وتتكشف الوجوه وكل طرف يذهب إلي إلهه يبتغي عنده العون ، فمنهم من يلجأ لله الواحد الأحد ومنهم من يذهب إلي حيث الأضرحة والأصنام التي صرحوا أنها خالدة فيتفقون تحت مظلتها ويتعاونون علي الإثم والعدوان ويتفقون أمامها وتحسبهم جميعا وقلوبهم شتي ، حركتهم المصلحة الدنيوية والتي جمعتهم حتى ولو تطلب الأمر خراب الوطن .

ووسط ذلك البحر المتلاطم يقف البسطاء حائرين ، إذ ماذا يصدقون والأحداث تتلاحق والكل يقسم بحب الوطن ، حائرون ممن يقول أريد الخير لقومي ثم هو يحمل في يده معولا للهدم ، يقسم انه ما يريد إلا الإصلاح ، ثم هو يصيح هنا ويتباكي هناك علي الكرسي الذي ضاع ولم يستطع الحصول عليه ، ثم هذا الغريب الذي جاء من أقصي حدود الأرض حاملا معه العار وذل التبعية الجديدة في الفكر والثقافة والأخلاق ويريد من الجميع أن يؤيده وإلا فهو التخلف والرجعية ، أمواج متلاطمة من الأحداث المتلاحقة فتجد منهم من يقول ببساطته ليفعل الرئيس ما يريدون حتى تمر العاصفة ، مع أنهم لن يرضيهم من الرئيس إلا إن يترك الأمانة لهم لي غير إرادة من الشعب وعلي غير مرجع قانوني ومن غير سابقة تاريخية ، لن يرضيهم أي شيء خاصة أنه يحث الخطي نحو تغيير الواقع المفروض علينا عشرات من السنوات خسرنا فيها قيمة الوطن والمواطن ، واختلطت كل معاني القيم بعد أن قلبوا الحقائق ليصير الحق باطل والباطل حق ،وليوقفوا مسيرة النهضة التي بدأها رئيسنا الذي لا ينام إلا قليلا ، وكأنهم رأوا انه كثيرا علي ذلك الشعب المبتلي أن يهنا بعض الشيء بحاكم منه يعبر عنه ويعمل لصالحه بعدما كان حاكمه الذي آزروه طويلا كنزا استراتيجيا لكيانات مغتصبة كان عاملا أساسيا في قيام ذلك المغتصب ضد شعوب شقيقة تتكلم بلغتنا وتدين بديينا .

لكن مع كل هذا الظلام ، فإنني أري أن إرادة الله عز وجل التي قصمت ظهورهم في خلع رأس النظام ، وتلك الإرادة التي أتت بالدكتور محمد مرسي علي رأس السلطة رغم تكتل كافة أجهزة الدولة ضده في العملية الانتخابية لصالح مرشحهم اللص الفاسد ، تلك الإرادة التي تقبلت دم الشهداء ليسقي الأرض لتثمر لنا حرية انغرست في هذا الشعب ورويت بتلك الدماء الطاهرة لتقول لا ، لا عودة للوراء أبدا ، والتاريخ يقول ذلك ، إنه ما يفعلونه ما هو إلا حلاوة روح والفصل الأخير من فصول الرواية السمجة ، اطمئنوا فالإرادة الإلهية التي حفظت النبي صلي الله عليه وسلم حين خروجه من بينهم أمام داره وحفظته عليه الصلاة والسلام حين وجوده في الغار هو وصاحبه في الوقت الذي لو نظر احدهم إلي قدمه لرأوه ليلة الهجرة سوف تحفظ بلادنا من كل سوء ، والله عز وجل أكرم من أن يحفظها في أحلك الظروف ثم يدعهم اليوم وهم بهذا الغل والحقد يدعهم ينتصروا ، لقد أذن الله عز وجل أن تنهض مصر ,  وان يتولي أمورها خيارها ، فلن يستطيعوا مهما أوتوا من قوة أن يهدموا تلك الارداة الإلهية ، وقد حاولوا باستماتة لكن الله أفشلهم ودحرهم وجاءنا من لم يختر أن يكون رئيسا ولم يطلب ولم يسعي لذلك .

اطمئنوا ولا تيأسوا من روح الله فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ولا تنساقوا وراء إعلامهم الكاذب الذي يبث السم ليل نهار فهؤلاء هم المرجفون ، لا تستمعوا إليهم والتفوا حول قيادتكم النظيفة واستعينوا بالله إنه ولي المتقين .