لقاء لافروف أند كيري

عقود مرت وما رأينا من أهلنا في الأردن ...

زهير سالم*

[email protected]

المتطرف الإرهابي لافروف إذ يتهمنا بالتطرف والإرهاب

التقى بالأمس وزيرا الخارجية الروسية والأمريكي ، كانت القضية السورية من أهم القضايا المطروحة على جدول الأعمال . يتحدث المراقبون عن صداقة دافئة تربط الرجلين ، وعن أخرى مثلها تربط السيد كيرى مع سفاح سورية بشار الأسد . ومع عدم التكافؤ في الشخصيتين الأمريكية والروسية من حيث الحرص والإرادة والمعرفة فقد كان حظ أطفال سورية من هذا اللقاء سيئا جدا ..

وبينما بدا السيد كيري بين يدي اللقاء مترددا واهنا غير واثق من نفسه ولا من معلوماته ولا من قراره فقد بدأ لافروف اللقاء هجوميا واتهاميا ومنحازا .

إن المعارضة السورية التي أعياها الموقف الأمريكي شرحا وتوضيحا وتفصيلا مطالبة بألا تكون ضحية أي عملية تغرير أمريكية جديدة . إن المطلب الواضح الذي يجب أن تستنجزه هذه المعارضة من كل من يدعون صداقة الشعب السوري أنه لا مكان لسفاح سورية ولا لشركائه الأمنيين والعسكريين في معادلة سورية المستقبلية . وإن صندوق الاقتراع  الشفاف هو الحاكم الوحيد لسورية الغد . وغير هذا فكل أمر تفاصيل.

وعلى الجانب الآخر المبالغ في العدوان على شعبنا والحرب على ثورتنا نؤكد ..

أن الحرص المفتعل الذي يظهره لافروف وزير الخارجية الروسي على ما يسميه السيادة السورية والقرار السوري ورفض بلاده أي تدخل خارجي في الشأن السوري ولو للأخذ على يد السفاح للحيلولة دون  الذبح اليومي للمزيد من السوريين ؛ يخفي وراءه إرادة للهيمنة الاستعمارية المقيتة والخارجة عن سياق التاريخ في القرن الحادي والعشرين .

في هذا السياق لم يترك لافرورف وحكومته شأنا من شئون السيادة السورية إلا وانتهكه وعبث به حتى أن المراقبين والمتابعين بدؤوا يخلطون بين تصريحات الوزير الروسي وتعليق أي شبيح أسدي على الأحداث في تهتك أحاديث هؤلاء المعلقين وتسفلها وافتقادها ليس للعقل السياسي فقط بل للعقل الفيزيولوجي في كثير من الأحيان ..

سنتان على الثورة السورية وما يقرب من مائة ألف شهيد وأضعافهم من المعتقلين وملايين المشردين الذين ملؤوا البر والبحر وسورية التي تحولت إلى أرض يباب ؛ ولافروف وحكومته مازالوا ينصبون القبة المغناطسية السياسية والعسكرية لحماية القتلة والمجرمين تحت عنوان ( الحكومة الشرعية ) التي يحرصون على الوفاء لالتزاماتهم معها بمعنى الحرص على الهيمنة و الاستحواز ...

ويتمادى المستعمر الروسي الجديد في سماجته حين يعود ليلعب لعبة الاستعمار القديم في ضرب أبناء الوطن بعضهم ببعض .

فعلى المستوى الديمغرافي السوري ما زال  لافروف يعلن وحكومته من ورائه تحيزهم ضد فكرة المجتمع المدني الموحد في سورية وإصرارهم على التمسك بدولة ( الأقليات ) !!!

يكرر لافروف ويحذر مرة بعد مرة من وصول ( أهل السنة إلى السلطة في سورية ) أعتذر عن التعبير ولكنه تعبير السيد لافروف نفسه . كما يعلن مرة بعد أخرى تمسكه بدولة ( للأقليات ) ومرة أخرى التعبير له . ويؤكد تخوفه على هذه الأقليات ، وينصب نفسه دائما محاميا عنها ولاسيما الشريحة المسيحية منها ، وإمعانا منه في التفصيل واستدعاء الغرائز العصبوية في روسيا وفي غيرها يحرص على تقديم روسية حامية للشريحة (الأرثوذكسية المسيحية )  وهذا بالنسبة للسيد لافروف ليس تطرفا ولا طائفية ولا تدخلا في الشأن السوري !!!!

 وما يزال السيد لافروف وخبراء وزارة الدفاع الروسية على الأرض السورية يحشون الترسانة السورية بالسلاح ، ويحشون البراميل المتفجرة التي تقتل الأطفال في سورية ، ويديرون المعارك ضد الشعب بكل خبراتهم وقدراتهم ليتيح لهم ذلك احتكار نفوذهم على الأرض والإنسان السوري ثم لا يعتبرون ذلك تدخلا أو انتهاكا للسيادة السورية ...!!!!

السيد لافروف وحكومته يرفضان حتى اليوم إدانة استخدام السلاح الروسي الثقيل الدبابات والمدفعية والحوامات والطيران الحربي والقنابل العنقودية والصواريخ البعيدة المدى ضد المدنيين الأبرياء ثم لا يرى في ذلك تطرفا ولا إرهابا ولا تدخلا في الشأن الداخلي السوري ..

ومرة ثالثة ومع إدراك لافروف حالة العنانة التي تضرب السياسة الخارجية الأمريكية لا ينسى أن يحمل الستارة الحمراء والتلويح بها للثور العجوز بين يدي الحديث الدائم عن الإرهابيين والمتطرفين . والإرهابيون والمتطرفون هنا هم كل سوري يطلب بحقه في الحرية والكرامة الإنسانية ويرفض أن يكون وطنه مستعمرة لروسي أو إيراني أو مزرعة لفاسد ومستبد ...

إن ما يصدر عن السيد لافروف من تصريحات ، وما تنتهجه حكومته من سياسات على الصعيدين السياسي والعملياتي تفرض على المعارضة السورية أن تضع فيتو مقابل على أي دور روسي في الشأن السوري . وإن التهاون في اتخاذ هذا الموقف هو تهاون في القرار الثوري نفسه .

إننا مقابل تحميل السيد لافروف لمن يسميهم المتطرفين مسئولية فشل الحوار في سورية نحمله وحكومته سياسيا وأخلاقيا وتاريخيا مسئولية كل قطرة دم سقطت وتسقط على الأرض السورية .

ونؤكد أن الشعب السوري الذي تحرر من المستعمر الفرنسي في منتصف القرن العشرين يرفض اليوم وبكل إصرار أن تكون سورية مستعمرة روسية بأي اعتبار وتحت أي عنوان .

يشكل الخضوع للهيمنة الروسية وللهيمنة الإيرانية اليوم سببا إضافيا للثورة . فلم تكن سورية ولن تكون قط مزرعة لأي مستبد يرهنها أرضا أو قرارا أو إنسانا لأي طامع أو مستعمر ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية