إلى المهتمين بالنهضة في مصر وتونس

إلى المهتمين بالنهضة في مصر وتونس

د.إسلام بن صبحي المازني 

فَالحَق قَد تعلمه ثَقيل    **     يأباه إِلا نَفَر قَليل

معيار قياس الأداء، ومقياس تقييم العمل النهضوي وخطواته  ليس هو توفر فرص العمل، أو الاحتياطي النقدي

 والبورصة، والتصنيف الائتماني وو فقط...!

نحن في أمانة ثورة عربية كبرى مختلفة جميلة، قلنا إنها إفاقة حضارية بعد هزيمة طويلة،

ووقفة عالمية تاريخية، لاستعادة ذاتنا من طغاة أذابوها وفتتوها،

وتسعى لعودة الاستقلال المغتصب، والسيادة المعدومة، 

وللتحرر من التبعية "الفكرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية وو .."..للدولة وللأفراد...

  التبعية التي كبلتنا حتى بتنا كما قال شوقي:

حَتّى رَأَينا مِصرَ تَخطو إِصبَعاً   ***      في العِلمِ إِن مَشَتِ المَمالِكُ ميلا

وتسعى لتحرر الفرد المصري المسحوق  داخليا، وعودته من هامش الحياة الكئيب الرتيب،

واستعادة روحه من المسخ الذي حدث لها، كإنسان وكمصري شهم متألق،

وكمسلم صاحب رسالة دين توحيد، بعقيدة قائدة، ورحمة غالبة، وإعمار للأرض،

 وكذلك لاسترداد نفسه واستعادة روحه وذاته، من الاضطهاد والمذلة والقمع والكبت وو...

لا نَعبد الأَصنام وَالأَوثانا   ***      وَلا نَرى الظُلم وَلا العُدوانا

التقدم المطلوب أولا رؤية أثره وخطواته الأولى وملامحه، ولا فصال فيه:

* التقدم في مجال الأداء والنظام والتنظيم والإدارة،

والتقدم في مجال رعاية الإعلام الرسمي والخاص

وتغيير فلسفته ودوره، وتنميته كأداة وعي وتثقيف، وبناء أمة أهم من بناء المصانع..

وفي مجال تنمية الحرية الفكرية، والاستقلال والتوازن لدى الذهنية العربية،  لصد الغزو العولمي، ودفع مسخ هويتنا أهم من رفع الدخل، ومن تشغيل العاطلين، وله أسبقية..

هذه ملفات نريد أن نرى مسؤوليها، وتعلن رؤيتهم، وجدولهم الزمني وخارطتهم..كما

تكتب مؤسسة راند رؤية الليبراليين ومسارهم وفلسفتهم.. فلا أسرار... الكون ليس فيه الأن سياسيا أسرار...

إِن شئتُمُ كانَت لِمصرٍ نِعمَةً     ***    أَو شِئتُمُ كانَت سَبيلَ شَقاءِ

* لا توجد ليبرالية مطلقة، فكل أمة تتدخل في شؤون غيرها وفي شؤون أفرادها،

بشكل يقره برلمانها، أو عن طريق مخابراتها،..ومناهجها التعلمية تسعى لبث حلمها هي أولا ،

وتحدد حرية إعلامها وسلطته كما يتفق حكماؤها ويرتضي

شعبها، فلا يمكنك نشر العري التام والشذوذ مثلا في جميع  قنوات أي دولة غربية،

وكل وقت وبدون تنويه للمحتوى وضوابط لدرجة العري والأفعال!، رغم كون فذلكة الحرية

تقتضي ذلك،

وتتدخل كذلك في شؤون أفرادها بكل الطرق غير المباشرة، والأجهزة المعلومة ومراكز

القوى لصالح أمنها القومي ووو...

وحين كذبت جريدة عربية تصدر في لندن على زوجة أمير،  ورفعت قضية على الجريدة،

أجبروا على التكذيب في الصفحة الأولى، لمدة ثلاثين يوما متتالية، ودفع تعويض ضخم، مما يعد

ردا لكرامة المتأذي، وسحقا للجريدة وتأديبا، لهذا لا يعتادون الإشاعات بهذا الشكل..

من هنا فليس لنا أسوة فيما نحن فيه ولابد من:

التقدم في إيجاد آلية لترشيد  التخلف التأهيلي للمواطن، والركود والمغالطات  التعليمية،

 والقذارات الإعلامية والثقافية اليومية، المنهجية

والفردية، والتزوير للتاريخ، والسفاسف وقتل الوقت والمبادرة والمروءة..

فهذا إعلام يهدم أمة...

 والرقابة المعقولة لمنع فوضى ومحرقة الإشاعات، التي لا تسمح بمثلها أي دولة

ولا شبه دولة...والعقاب على الكذب المتكرر والمتعمد من الإعلام، ومنع الإسفاف والسفالات..

والتوجيه الحكيم لمنع وتحجيم حالة السفه الفضائي والورقي،  والبذاءات المسماة صحافية

*أدمن صفحتي الشروق والفجر يحرضان على القتل الجماعي واشعال النار ونحن وظيفة الدولة عندنا أن تشكل لجنة بعد كل مجزرة وكله بانتظار لجنته...

تحصين مكتسبات الثورة من ناحية الحريات، وتأسيس ضمانات لكرامة المواطن، وللمتابعة لأي تعد عليه، وإيجاد وسائل لمنع التحرش به وامتهانه،

وفي مجال  النمو بالإنسان والتنمية البشرية، واستعادة الروح الحضارية والعقل السوي

غير المقلوب، ولا المهتز ولا المحبط ولا المتعطل،

ولا المغيب ولا المرتشي، ولا السارق-فكريا وماديا- أهم من الخبز

*على الحاكم تفعيل وسيلة رقابية بشرية والكترونية وورقية معترف بها عالميا وبكوادر

محترفة لمتابعة كل أماكن الاحتجاز والاحتكاك لدى الوزارتين وإلا فهو المسؤول عن كل ضحية وعن كونه مستمرا بلا صلاحية

لابد من ورقة عمل لكل هذا، ليست أمنية فقط ولا قانونية فقط، ومن لا يحسن التعامل فليبتعد وليفسح

المجال، لأننا مستهدفون والوقت ثمين..لابد من مؤتمرات وتوصيات عامة وشفافية

ومتابعة وتقييم للدقة والجودة التنفيذية...

 

لا تسوقوا لنموذج أردوغان..

أردوغان لم يكن لديه ثورة

أردوغان لم يسع لقيام ثورة

لهذا تحالف مع بعض الشياطين ضد بعضهم

وأدخل بعضهم تحت جناحه،

ودخل هو تحت جناح بعضهم، ليمر ويسير في مساره

وتنازل في أمور معلومة كبيرة،  ولم تكن لديه شرعية ثورية تقول- وأنت كنت تقول معها  - بتطهير القضاء والإعلام، ثم قلت بمجرد جلوسك القضاء يطهر نفسه،

والإعلام يطهر نفسه، وهو كلام مناف للعقل، مخالف للمنطق وللحق وللحقيقة وللواقع

وخيانة للثورة، ويفقد كثيرا من الإجراءات التطهيرية قوتها المعنوية الهامة ...

ومثله تغيير الداخلية وحل جهاز الأمن الوطني،

ووضع الرقابة الآلية الالكترونية والشعبية

على كل مكان احتجاز، ومتابعة كل العمليات التي تعطي رقابة ذاتية للمؤسسات، وللأفراد على بعضهم

هذه هي مهمة تأسيس الدولة قبل الاستثمارات،

ولا تلغي الاستثمار ولقمة العيش وأهميتهما، بل الحرية والروح والحلم المشترك،

والحب والانتماء من المواطن والشعور بالكرامة هي الأمور التي تأتي بالرخاء على أسس سليمة،

لا يأكلها الفساد، ولا تكون حكرا على  رجال الأعمال كالرأسمالية، ثم تشحذ منهم الدولة

تبرعات ومساهمات وتنمية..

*خطوة واحدة في الطريق الصحيح خير من ثلاثين خطوة منحرفة عنه...بل ويتم التراجع عنها في مضيعة للوقت والجهد وللدين....... ....

كثير من الرسل صلى الله عليهم وسلم كانت بدايتهم من الصفر مع مجتمعاتهم, وكان ما يقولونه حلما ومثالية حتى في نظر بعض الفضلاء, والربيع العربي كان حلما قبل أن يحدث, ويزول مبارك وزين ومعمر, وكان راقيا مهذبا..

وحين نسعى لرد الناس إلى فطرتهم و إسلامهم وإلى إنسانيتهم المهتزة, وعقلهم وإفاقتهم حتى كبشر , وإلى حقهم وكرامتهم كأمة ذات سيادة واستقلال بلا تبعية للغرب, وكأفراد لا يصفعون ولا يهانون ولا يداسون ولا يهمشون في أوطانهم ولا يحرمون...,

حين نسعى لهذا بحق ولا نعلق الناس بوهم عذب وآمال كذاب عن مسارات مغلقة مسدودة ولا تحدث نتيجة فهو أفضل من أن نقول لهم أن المطلوب ليس ثورة كبرى تامة, وتغييرا كبيرا شاملا جذريا فيهم وفي مؤسساتهم, ومرجعيتهم وطريقة تفكيرهم وتصرفهم , ونظرتهم وقيمهم, وأنه مجرد تطهير وهيكلة, واستكمال مؤسسات تقوم بدور تدريجي, خلطا بين التربية والمنجزات التدريجية لأي ثورة تسير في الطريق الصحيح, ولأي كيان يصارح الناس بالواقع والمأمول، وبالهدف الحقيقي, وبحجم الخراب القائم المتهالك المنخور , وثمن التخلص منه, وأنه مواجهة وصراع كبير وحاسم, وليس فيه منتصف طريق, ولا مساومات ولا مداهنة, وبين التميع والتأرجح والترقيع, والقبول بالواقع, وبقنواته هو في التحرك محدد المدى, ودوما كان لدى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم حد فاصل بين ما يمكن تركه, وما لا يمكن إقراره وتمريره والسير فيه...

.والظروف الخاصة التي تعرض للفرد المكلف لا يقاس عليها التدليس على أمة كاملة...لهذا فلابد من مصارحة القوم بأنه مطلوب إنشاء مؤسسات ومعايير جديدة كليا , والإطاحة بغيرها وإلا فسيظل الأمر ترقيعا...وهذا لا ينفي الاستعانة بنفس أفراد المؤسسات أو كثيرين منهم, لكنه يكون كبناء جديد، وانتماء جديد وعقد اجتماعي جديد, ومرجعية مجددة..وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم وأسس كل هذا من بدايته, وكل التغييرات الكبرى في التاريخ أتت بكياناتها كاملة, فليس هذا خرافة قول ولا معجزة قوم دون قوم....

الإسلاميون السجناء:

كان لابد أن يظهر من السلفيين والاخوان والثوار موقف من احترام أحكام القضاء الوضعي غير الشرعي عموما...والقضاء العسكري خصوصا، ومحاكم أمن الدولة طوارئ التي بسببها يبيت الناس مؤبدات وعشرات السنين, نتيجة تحقيقات تمت تحت النار والعذاب وتلفيقات, واستعجال وتصفيات...وأن يظهر عفو عام كما ظهر .... وليس إقرارا بتورط في دماء، وهم يعلمون أن هذا مصطلح حاكم قبل التحقيق النزيه الشامل, ويفترض استحالة الاحتكاك, ولا بقلب نظم وهم شاركوا في قلبها، واغتفر كل جرى من الطرفين!!! خلال العامين...كأن الثورة لقيطة، ولم يكن هناك حراك معتبر فكريا وعمليا وإعلاميا قبلها...

فهناك شق ديمقراطي وشق ثوري،  ولا الإسلام ولا الديمقراطية تقبل إقرار أحكام عسكرية لنظام فاشي، ومحاكم استثنائية لديكتاتور، بل تعاد محاكمتهم علنا، وتقرأ كل أوراق ووثائق التحقيق وحيثيات الأحكام، ويعاد البت في كل شيء من الظلم، لأن الطغاة يقمعون وينكلون بسيف القانون

المنظمات الحقوقية:

للمرة الثالثة وعلى المدى البعيد شيطنة "كل" المنظمات الحقوقية خطأ، وعزلها في جزء من المشهد خطأ وتشويه كل أفرادها خطأ ووضعهم بشكل ضبابي مريب جميعا خطأ وواجب الإخوان خاصة وغيرهم التفرقة والتمييز، ونشر ثقافة حقوق معتدلة وبديل أو شريك محترم فاعل مستقر، وعدم تشويه كل ممارساتهم جملة، أو تجاهلها جملة وعدم شكر المحترمين الكرام منهم، والتكاتف معهم لترسيخ تحصين رسمي وشعبي لكرامة الفرد، رجلا كان أو امرأة مدانا أو متهما أو مشتبها به، أو سائرا في حياته ...غاياتنا وتاريخنا وواجبنا يحتم عدم التصرف بهذا الشكل الذي يتحرك به إعلامهم الرسمي والخاص ....

وزارة الأوقاف :

كنت أتمنى أن يكون لوزارة الأوقاف بمساجدها وشبكتها وكوادرها وإعلامها المعطل دور في رعاية أطفال الشوارع بدل استقطابهم أوقتلهم أوعذابهم وضياعهم، وفي رعاية الأشقاء السوريين الذين لم يجدوا نظاما محترما بسيطا، لتوثيق ومتابعة حالهم وإيواء فقيرهم، فلا فرق في المساجد بين عصبيات، وكان أهل الصفة ينامون تبعا للمسجد ويؤوي بيت الله الناس، بدل تبعات اللجوء وضغط الحاجة والإكراه والحقيقة أن تقصير الوزارة، البالغ مائة في المائة في الجانب الديني العلمي والعملي، العقدي والتشريعي والتربوي وو...يجعل تقصيرها في مقتضيات التدين، من الرحمة والعدل والتصرف بحكم الاستثناء وجنوحها للبيروقراطية الوظيفية موتا هامشيا...

مبادئ الشريعة:

*لو أنه لدينا تطبيق شريعة لقام النائب العام الشرعي بجولة في الشوارع والقرى يتفقد من هو جائع ..من هو ممزق مرقع الثياب...من بلا دار وينام في الطريق...من مظلوم...من لديه خبر عن منكر ظاهر وضرر وشر ليحذرنا..من لديه أكثر من مليون جنيه أومليون متر مربع لنسأله من أين لك, وكيف تسهلت لك, ونرد الرشوة لبيت المال..ويضع القاضي معايير العدل والرحمة والكرامة وكفالة الحرية والعزة لكل نفس, ويرفض مهانة أصغر جندي وساع...ويذهب للشباب عند المترو فيستمع إليهم علنا, ويريهم ما أنجز, وما يزمع فعله, وخطة عمله, ويفسح لهم صدره, ويطمئن لتسجيل أسمائهم, وأخذ تعهد عليهم بعدم التخريب, وانتظار جدوله الزمني والتزامه حبسهم وعقابهم لو عادوا, ويكون هذا علنا, ومعه القاضي الإسلامي ووزير الداخلية المؤمن! ومعه خمسة آلاف جندي كيوم موقعة الدقي, وكاميرات التلفزيون الصهيوني الداعر بعد توبتها وتعيين بشر يقومون عليها ..!

وَذَلِكَ العَدل بِلا خِلاف     **   لَو وفق الرِّجال لِلإنصاف

رسالة عامة يراد بها الخصوص:

أتمنى أن يتأنى العقلاء أكثر قبل كتابتهم في الشأن العام وفي الدين, وألا يتناقضوا مع أنفسهم وجزء من هذا التناقض بسبب العجلة والسرعة وبغير قصد...وبسبب لهفة الكاتب- الكاتبة- ولهاثه في متابعة الأحداث، ورغبته في التعقيب دوما وكأنه مكلف ومسؤول وملتزم أمام الله تعالى، وأمام الناس بإبداء الرأي....وأحيانا بسبب فتنة الشهرة والجماهير, أو ضغوط نفسية ومشاعر مشحونة ودوامة عقلية، ورغبة في التأصيل ولو بغير إحكام وشمولية, ورغبة المرء في الإفضاء والبوح والذي يتحول من انطباع أولي لحكم وقواعد، ومن فضفضة لتنظير وحكم على شيء ما، أو وضع ما....والنصح يشملنا قبل غيرنا

جَهلُ المَمالِك عُدَّةٌ لِعَدوِّها       **            كَاللِص يَحمدُ حالِكَ الظلماءِ