وخلافات تنصب للشعب مشانقه

د. سماح هدايا

 لا أحد يعجبه أحد... وسوريا مستنقع دماء.. ويتخبّط الشعب في دمائه. والكل ممن يتفرّج، وممن يعمل، يرى نفسه الأفضل والأكثر تفقها في أبجديات السياسة والثورة ونظريات العدالة...كأننا في سباق لعرض العضلات... ويوميات المعركة المخيفة الموقّعة بالدماء تستمر. ونظام الإرهاب يتمادى في وحشيته؛ لأنه مسنود بمعادلات دولية سياسية وهيئات ثقافية وعقائديّة دعمها طويلا وشاركها في صفقات المكاسب. والإحباط حالة مستمرة تتصاعد مع كل هجوم حقيقي، أو افتراضي وإعلامي على الثورة. وحالة انقسام سياسي في المعارضة وصفوف الملتحقين بالثورة وخلافات تنصب للشعب مشانق وشخصيات مخترقة...وأقوال وتصريحات ..وحرب إعلامية لا رحمة فيها، تنال صمود الشعب السوري وتنال ثورته وإيمانه بالثورة .

وفي ضباب زحمة المواقف وتناقضها، نسأل باستنكار: أين النضج السياسي والعملي لحكماء السياسة الذين يخطبون ويتجادلون ليل نهار... ولأننا طالت عقود انسحاقنا تحت الاستبداد والفساد تأخرنا في ثورة تحررنا ، وتباطأ النصر ؛ فالاستبداد والفساد تأسسا فينا وتجذر ا وصار لهما منهج في النفوس والعقول والأفعال والإرادات . ونجد نفسنا ندفع الثمن فادحا. ومازال فينا الأنا أكبر من النحن. ...لكنّه بلغ السيل الزبى...وصار لابد من أن نواكب الثورة وأن نلحق بها قبل أن تتركنا؛ فنندم.

 إذا استمر هذا التشرذم السياسي للسوريين، وفشل الائتلاف، وهو الممثل الشرعي للمعارضة، في التماسك لقيادة العمل السياسي بروحانية واحدة؛ فستستمر المعركة سنين طويلة؛ لأنه لا يمكن أن بعد ذلك أن تجمع بسهولة متناقضات ملايين البشر.المختلفين ومصالحهم تحت تمثيل سياسي شامل. وأصبح من الضروري في هذه المرحلة أن يحدث توحد حقيقي على عمل سياسي واقعي وميداني وعملي.؛ وإلا فلا أمل قريب في نجاح الثورة. وسيتأخّر النصر وستطول المعركة ويستمر سفك الدم. والتوحد السياسي. يعني أن يخرج حل سياسي موحد يعمل عليه المعارضون والثوار معا. المعارضون في إدارة اللعبة السياسية. والثوار في القتال االميداني المسلح وفي الثورة المدنيّة. المجتمعيّة. ولا يجوز ان نسمع كل دقيقة تصريحا في بعضنا وتهديما متواصلا لهمتنا. وتخوينا واتهاما بالغباء لكل من لا يعجبنا رأيهم السياسي . المفروض أن يتبلور بشكل مستمر موقف جماعي وفق كل مستجد..

ماعاد هناك متسع لأن سيتمر المشهد السوري السياسي: كل واحد يتكلم وحده, ومع هواه. ويراوح مكانه. ويحلل وينظّر وحال الأمر هو البحث عن مكاسب سياسية كبديل عن دعم الثورة ميدانيا وتقديم العون العملي والسياسي في صف متراص لتحقيق الحرية والعدالة والكرامة وإسقاط النظام... وعلى رئيس الائتلاف السيد معاذ الخطيب المحاط من داخل الائتلاف ومن خارجه بصعوبات وتعقيدات ومتناقضات كثيرة هي في حوهرها صراعات على المكاسب والمصالح والرؤى، أن يلتصق أكثر أرض الثورة ويتجذر فعله في مطالب الشعب (الإنسان) وأن يمارس أقصى الشفاقية والمصداقية في مخاطبة الشعب الذي تعب من حمل أعباء دمه ودفع عجلة المعركة الثقيلة، من الواجب أن يكشف حقيقة ظروف التأزم والانسداد الحاصلين، وان يخاطب شعبه بالحقيقة مهما كانت مكلفة، وذلك حتى لا مصداقيته التي حققت له شعبيّة كبيرة وثقة لدى كثيرين، في حين فقد رصيدا من تأييد فقهاء السياسيين الذين يحاربونه بحجة الشعبوية والفرديّة وضحالة الخبرة السياسية بل وبخونه بعضهم، ويدعوه أخرون للمحاكمة العاجلة. فليكن أقوى وليكن حديثه في العلن واضحا لصد من يمارس التخريب والإفساد عن قصد وعن غير قصد. لكشف العملاء والعابثين والحالمين والمتورطين في التفكيك المستمر للثورة.

 على الأرض يكسب رئيس الائتلاف شعبيا؛ لكنّ المهم أن يكسب معه الائتلاف سياسيا. إذا ظل الائتلاف يراوح مكانه ولا يواكب المستلزمات السياسية ولا التطور العسكري للمناضلين الأرض ؛ فإن المسافة بين الأرض والسماء ستزدادـ، وينتهي أي مجال لتكامل العمل بما يخدم الثورة والشعب على الأرض. وسيكون قد فشل وقد أضاع الثورة وتركها من دون تمثيل سياسي. وبالطبع فإن خروج نجمع سياسي جديد كهذا يستغرق وقتا طويلا وجهدا مضنيا، والناس تنزف وماعادت تحتمل...وهو أمر خطير جدا لأنه يطيل المعركة الدموية ويؤخّر النصر كثيرا ..