مؤتمر الخطبة الشامية

في ماردين

حازم ناظم فاضل

[email protected]

سيعقد المؤتمر في جامعة آرطغرل في ماردين بتركيا وذلك بتاريخ 12-14 نيسان 2013 .

إن سعيد النورسي ( 1876- 1960) من خلال خطبته التي ألقاها في الجامع الأموي بدمشق  في ربيع سنة 1911 ، وذلك بناءً على إصرار العلماء هناك، واستمع إليها ما يقرب من عشرة آلاف شخص، بينهم ما لا يقل عن مائة من كبار علماء الشام،وقد شخص أمراض اﻷمة وصورها في ست علل لا يقوى عليها دواء سوى علاج " صيدلية القرآن " و قد بين أثناء خطبته اﻷسباب الموصلة الى وحدة اﻷمة اﻹسلامية اضافة الى الموانع التي تحول دون قيامها من الناحيتين المادية والمعنوية. 

طبعت هذه الخطبة الشامية مرتين في حينه. وقد شخّص فيها أمراض الأمة الإسلامية المادية منها والمعنوية. وكذلك الأسباب التي ادّت إلى أسارة العالم الإسلامي وتعرضه للمهالك وبيّن فيها طرق العلاج والخلاص. وبشر المسلمين جميعاً بل الإنسانية قاطبة بأن الإسلام سيظهر على الأرض كافة مبيناً أن اعظم رقي مادي ومعنوي سيحققه الإسلام، وستنجلى الحضارة الإسلامية بأبهى مظهرها وستطهّر الأرض من اللوثات، كل ذلك مقروناً بدلائل عقلية رصينة.

      واذا نظرنا الى ذلك التاريخ المتزامن القاء تلك الخطبة ورجعنا الى حالة العالم الاسلامي آنذاك نجده تحت السيطرة . وحال دولة الخلافة العثمانية حينها يمحي بنذير التشتت والانقسام في شدة توجهها الى طريق مظلم لا يعرف منتهاه. وفي خضم تلك المحنة الصعبة أشار الأستاذ النورسي الى أمل يزرع الثبات في القلوب. 

وقد صور الأستاذ النورسي معالم الامل في جو انقلبت فيه الموازين فاختفت المودة من القلوب وتلاشت الرحمة من المجتمع و تبعثرت الاخوة على عتبة المصالح الدنيوية و أصبح المسلمون يحقدون على مستقبلهم فلا يولون الاهتمام و ينتظرون الى الغد بعين اليأس و القنوط. من هنا أرسى الأستاذ الدعائم التي تقوم عليها دولة الخلافة الاسلامية والتي ترتقي بأبنائها ليكونوا نواتا في بناء انسانية كاملة 

ان هذه الرؤية العميقة الشاملة التي انفرد بها الأستاذ دون سواه لم تكن بمجرد متابعة السياسة والاقتصاد والبلاد والعباد. ولم تكن قراءة طفيفة للمعطيات المطروحة آنذاك بل انها كانت توضيحا للمهمة التي اوكلها الله الى البشر ليفهم من خلالها تلك الغاية التي خلق الله العباد من أجل تحقيقها في بناء الانسانية الكبرى فلا يعود اختلاف الألسنة و الألوان والمذاهب والأديان و الطوائف واﻷحزاب عائقا في طريق بناء وحدة الانسانية بل ينمو فوق ذالك ليكون تنوعا يغني مجتمع البشرية و يسعى بها حتى تدخل المسار المؤدي الى معرفة الخالق ووحدانيته. 

واننا نرى في واقعنا الحديث ما جرى منه انفتاح الغرب على الشرق بعد أحداث 11 من ايلول و ما حصل من لقاء الحضارات و الثقافات. و قد رأى الغرب نافذة الانفتاح على المجتمع الاسلامي وبالخصوص الدول العربية فكان هذا اللقاء فرصة للحوار وتلاقي المجتمعات و لا يزال هذا الحوار مفعما بالغموض و الحيرة لعدم صادق الخبرة في التعامل. لكنا نرى أسس التعامل الواضحة و قوانين التواصل المفهمة دون ايجاز و إطناب نراها كشمس ساطعة تتجلى على البشرية من الخطبة الشامية لينير طريق البشرية في سبيل وصولها الى الانسانية الكبرى كاشفة لها ذلك الطريق. 

 يقول الاستاذ النورسي في خطبته :

لقد تعلمت الدروس في مدرسة الحياة الاجتماعية البشرية وعلمتُ في هذا الزمان والمكان أن هناك ستة أمراض، جعلتنا نقف على أعتاب القرون الوسطى في الوقت الذي طار فيه الأجانب - وخاصة الأوربيين - نحو المستقبل.

وتلك الأمراض هي:

اولاً: حياة اليأس الذي يجد فينا أسبابه وبعثه.

ثانياً: موت الصدق في حياتنا الاجتماعية والسياسية.

ثالثاً: حبّ العداوة.

رابعاً: الجهل بالروابط النورانية التي تربط المؤمنين بعضهم ببعض.

خامساً: سريان الإستبداد، سريان الأمراض المعدية المتنوعة.

سادساً: حصر الهمة في المنفعة الشخصية.

نعم! انه بناء على ما تعلمته من دروس الحياة، يسرّني ان أزفّ إليكم البشرى يا معشر المسلمين، بأنه قد أَزِفَ بزوغ أمارات الفجر الصادق ودنا شروق شمس سعادة عالم الإسلام الدنيوية وبخاصة سعادة العثمانيين، ولاسيما سعادة العرب الذين يتوقّف تقدم العالم الإسلامي ورقيّه على تيقظهم وانتباههم، فإنني أعلن بقوة وجزم، بحيث اُسمع الدنيا كلها وأنفُ اليأس والقنوط راغم:

ان المستقبل سيكون للإسلام، وللإسلام وحده. وان الحكم لن يكون إلاّ لحقائق القرآن والإيمان. لذا فعلينا الرضى بالقدر الإلهي وبما قسّمه الله لنا؛ إذ لنا مستقبل زاهر، وللأجانب ماضٍ مشوش مختلط.