العنصرية... حتى في الأسماء!

عارف الصادق

العنصريّة في دولة إسرائيل، "الصهيونيّة الديمقراطيّة"، تجد مظاهرها في كلّ مكان، وفي كلّ زمان. قارنوا، حتّى في المحاكم؛ أرقى وأنقى المؤسّسات في إسرائيل، بين العقوبات التي يتلقّاها العرب والعقوبات التي يتلقّاها اليهود، جزاء الذنب نفسه. لا أرغب في نماذج أخرى كثيرة، وفي جميع المجالات. كثيرون قبلي قاموا بالمقارنة المذكورة، وفي أكثر من مجال، فكانت النتائج باهرة !!

أريد فقط الوقوف على كيفيّة لفظ الأسماء العربيّة والأسماء الأجنبيّة، في وسائل  الاتّصال. في التلفزيون مثلا.  في برنامج " لندن وكرشنباوم " في القناة العاشرة، يوم الإثنين، 3 /2 / 2015، كان جدل حام حول طريقة لفظ اسم رئيس لجنة التحقيق الدوليّة، وليم شاڤس، حتّى بعد إعلانه الاستقالة من منصبه. هل اسمه يلفظ بفتح ما قبل الآخر، أم بكسره. الرجل نفسه أخبر المعلّق أنّ اسمه يلفظ بفتح ما قبل الآخر. لكنّهم أرادوا كسره، لغرض في نفس يعقوب !

هكذا يتعبون حالهم في لفظ الاسم غير العربي دائما، حتّى إذا لم تكن ليعقوب غاية في نفسه أيضا. وهي خلّة يحمدون عليها لو لاقت كلّ الأسماء العناية ذاتها. بما في ذلك الأسماء العربيّة، القريبة منهم لغة ومكانا. لكن هذه يلفظونها كيفما اتفق، وكيفما يريح ألسنتهم وأسماعهم. على الاسم العربي أن ينطبق على أحد الأوزان العبريّة، فإذا شذّ عن ذلك أخضعوه لأحد أوزانهم قسرا، كما أخضعوا الأرض وأسماء المواقع فيها !

ما زلت أذكر، وكيف لي أن أنسى، مقالة في إحدى الصحف، قبل بضع سنوات، عن تعيين الأستاذ سليم جبران قاضيا في المحكمة العليا. كتبوا يومها، اسم الشاعر المرحوم سالم جبران  في الجريدة، بدلا من اسم القاضي جبران ! بل نشروا  صورة للشاعر سالم جبران أيضا. في تياسة لافتة جعلوا من الشاعر قاضيا في المحكمة العليا !

تقولون إنّه خطأ، وجلّ من لا يسهو؟ لكنّه خطأ يكشف بوضوح خفايا الصدور: لماذا التفتيش عن الاسم الدقيق. كلّهم عرب، والعرب يحملون اسما لا يهمّ كيف يلفظ أيضا. الأسماء العربيّة متشابهة كلّها.

 حتّى الوجوه كثيرا ما تختلط عليهم. ينادونك باسم غير اسمك، فإذا أوقفتهم على خطئهم قالوا إنّك تشبه ذاك الشخص تماما، فاختط عليهم الأمر. لا تحاول تقويم خطئهم، فتزعم أن لا شبه بينكما في الوجه، ولا في غيره. فهل للعرب وجوه مختلفة، وكلّهم عرڤيم ؟ للعربي صورة واحدة في أذهانهم، فلا تفسدوا عليهم الصورة المقولبة. رجاء ! 

كثيرون من الشباب العرب يلعبون، كما هو معروف، في فرق كرة قدم يهوديّة . لكن لماذا يتعبون فكرهم ولسانهم ليلفظوا أسماءهم كما يجب؟ فلاح > فالح، أرملي > أرميلي، عابد > عبد، بدير > بادِير... كلّه واحد. ما الفرق؟ أمّا إذا كان اللاعب أجنبيّا، في كرة السلّة منهم كثيرون، فلا بدّ من لفظ اسمه كما يجب. عندها يمكن العودة إلى المراجع، أو إلى العارفين والمختصّين. الخطأ عيب هنا. لا بدّ من لفظ الاسم  وكتابته أيضا بالشكل الصحيح.

المسألة تبدو هامشيّة طبعا. لكنّ حبّة تراب صغيرة تشي بنوع التربة وخواصّها. ولفظ اسم الآخر يشي بكلّ خفايا الصدور!