تفجير الحافلة اللبنانية في دمشق..

وماذا يغني الاستنكار والإدانة..؟!!

زهير سالم*

[email protected]

تتابعت الإدانات والتنديدات الدولية والإقليمية بالتفجير الذي طال الحافلة اللبنانية ( الحزبلاوية ) قرب المسجد الأموي في دمشق . واستنفد مسطرو الإدانات هذه قدراتهم البلاغية في الانتصار ( للزوار ) المدنيين الأبرياء والهجوم على القتلة المتوحشين الإرهابيين الذين لا يعرفون قيمة لحياة الإنسانية ولا يرعون حرمتها ..!!

 والذي لفت الأنظار أكثر تتايع القوى والشخصيات اللبنانية السياسية منها والدينية على استنكار وشجب العملية ، ومبالغة الرموز منها بشكل خاص بالتباكي على الدم البريء المراق على أيدي الإرهابيين أعداء الإنسانية والإنسان . ( تتايع القوم تسارعوا إلى الشر أو إلى الحماقة )

لن يتردد أي بشر سوي في بشريته على إدانة القتل ، كفعل متحد لإرادة الله الحي القيوم ، (( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ )) . واستأثر لنفسه بحق بث الحياة ونزعها.

ولكن لا يخفى أن الإدانات ( الشكلية ) أو ( البروتوكولية ) التي تركب موجة رغبات الأقوياء الدوليين في الانحياز إلى فريق ضد فريق في سورية ؛ لم تصدر عن قناعة عقلية ولا عن قناعة نفسية في نفوس الكثير ممن أصدروها أو أحبوا أن يختبئوا وراءها ؛ فجاءت لا عقلانية سمجة لا ماء ولا رواء

إن إدانة أي ( جريمة ) ، ولاسيما حين تكون رد فعل على جريمة أكبر ، وتأتي مجردة من سياقاتها ومن مسبباتها ومن دوافعها هي فعل استعلائي عنصري بغيض . إن إدانة ( الجريمة الرد ) وتناسي ( الجريمة الفعل ) لهو شرعنة آثمة (للجريمة الفعل ) بل اشتراك مباشر في الجريمة الأصلية ، وضلوع فيها ، وانغماس في إثمها ومساهمة في صنع جرائرها .

السيد ( بان كيمون ) الممثل الأممي للقانون الدولي الذي عمي وصمّ منذ أعوام على تدخل ( حزب الله ) على الأرض السورية ، وإعلانه عن حق له أصلي في اجتياح الحدود ، وقتل السوريين أطفالا ورجالا ونساء ، يفصل في المشهد بين الجريمة الأصل ، الجريمة الفعل وبين الجريمة الفرع ،الجريمة الرد حين يبادر إلى إدانة الفرع متناسيا أصله ، ورد الفعل متجاهلا فعله ومحركه ، وقياسا على ما فعل بان كيمون نلحق كل الإدانات الدولية والإقليمية الصادرة على الفرع المتناسية للأصل..

والسادة ميشيل سليمان والسنيورة والقباني وكل الرموز اللبنانيين الذين أدانوا الجريمة ( رد الفعل ) وعموا وصموا ( كثير منهم ) عن الجريمة الفعل قدموا أنفسهم بهذه الإدانة كجزء من مافيا ( القتل ) التي تعطي لنفسها حق قتل الناس ، وتنكر على هؤلاء الناس الحق في الدفاع عن أنفسهم . وإلا فمن الذي أعطى اللبناني حقا مقدسا في قتل الإنسان السوري ، تحت أي لافتة أو عنوان أخرج هذا الحق؟!

وحين تسكت القوى اللبنانية ، راضية أو مضطرة ،عن مشروع زرع الكراهية والبغضاء بين السوريين واللبنانيين ، بالطريقة التي يفعلها حسن نصر الله. حسن نصر الله المقاوم الممانع الذي أعلن جهارا نهارا أنه لا يريد حربا مع إسرائيل وأن حربه على الأرض السورية حربا ( وجودية)؛ فإن عليها ألا تنتظر أن تجني من الشوك العنب ، أليس هكذا قال السيد المسيح ؟! وسؤالي موجه إلى البطرك بطرس الراعي وإلى الرئيس ( ميشيل سليمان ) ,وإلى السيد ميشيل عون على السواء ..

وحين يُسمح ( للسيد حسن نصر الله ) أن يدوس القانون الشرعي والقانون الدولي وقانون الخبز والملح وقانون العيب والعار؛ فليس لأحد بعد أن يتذرع بمثل هذه القوانين أو أن يدافع عنها قبل استنقاذها من تحت الأقدام الغليظة لهؤلاء المستهترين ..

لو كنا بياعي مواقف ، وتجار تصريحات ، ومزخرفي أقوال ..لسهل علينا أن نقول نشجب ونستنكر وندين ثم نتمطى كما يتمطى في مثل هذه المواقف الكثيرون ...

ولكن ليس هذا هو الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ليبيننه للناس ولا يكتمونه . إن ما سُمح لحسن نصر الله حتى الآن أن يرتكبه ، وما يمكن أن يرتكبه بعدُ ،إن لم يبادر العقلاء الحلماء إلى الأخذ على يده القاطعة الظالمة الآثمة هذه سيثمر بلا شك شرا كثيرا وكبيرا .

 وفي كل واقعة للشر والإثم سيكون على قابيل اللبناني والمتواطئين معه والصامتين عليه من إثمها أوفى نصيب . وسيكون الولي الفقيه وحسن نصر الله وحزب الله والمتواطئون معه والساكتون عليه ، مرة أخرى ،هم المسئولون أولا وثانيا وثالثا ...وسابعا عن ثمرات شجرة الشجر والإثم ولا يصح لقائل أن يقول نستنكر ونشجب وندين دون أن يبدأ بالشجرة قبل ثمراتها ...

شَلَت يده ، وشاه وجهه الذي غرس العداوة والبغضاء بين السوريين واللبنانيين . وحلت عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين كلما أريقت قطرة دم حرام وسيكون عليه من إثمها أوفى نصيب ..

هذا هو الشجب والاستنكار والإدانة الذي يليق بالمقام ولعنة الله على الظالمين.

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية