أخي الرئيس.. إياك والسجن

علاء سعد حسن حميده

أخي الرئيس.. إياك والسجن

علاء سعد حسن حميده

باحث مصري مقيم بالسعودية

[email protected]

آن اوان أن نستبدل نداء ( سيدي الرئيس ) بنداء أكثر منه روعة ورومانسية ( أخي الرئيس ) لأن السيادة قد عادت من جديد للشعب الحر ابي ، والرئيس يظل اخ الكريم لكل مواطن يخالطهم ويعيش آلامهم وآمالهم ويشعر بهم ويبش في وجوههم ، ويستكثر بهم، فالمرء بلا شك قليل بنفسه كثير باخوانه.. نريد أن نخاطب الدكتور محمد مرسي باخ الرئيس ليس تقليدا لمصطلح يتم تداوله في هذه الدولة أو تلك يلقبون فيها الحاكم باخ القائد ، وربما لا يكون لهذا اللقب عندهم مضمون حقيقي في نفوس الشعب والحاكم على السواء، لكننا نريد أن نلقب الدكتور مرسي ب( اخ الرئيس ) بما تعنيه من دلالات اجتماعية حقيقية ، حيث يكون الرئيس أخا لكل مواطن مصري، وأن يشعر كل مواطن مصري بأن الرئيس محمد مرسي هو أخ حقيقي له يحمل عنه همومه ويسعى في قضاء حوائجه وشؤونه!!

 ومقالي اليوم موجها خي الرئيس محمد مرسي ، نتذكر معا آية من آيات الله تعالى ، فمازالت آيات الله تعالى البينات تترى وتتحقق في معجزات هائلة بعدما ظننا حينا من الدهر أن زمن المعجزات قد انقضى، فإذا بآيات الله الكبرى تتحقق أمام عيوننا لنراها عين اليقين، لقد عايشنا من خلال القرآن الكريم قصة نبي الله تعالى يوسف عليه السلام وهو يخرج من السجن ليشارك في حكم مصر بعدما جمع له الله تعالى ابويه واخوته فقال شاكرا :( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي ، إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم ) يوسف(100) ، وهكذا نرى اليوم الدكتور محمد مرسي بعدما ذاق ضيق السجن زمنا معتقلا سياسيا ابان انتفاضة القضاء، وأخرى أثناء الثورة ، حتى لا يشارك في قيادة سفينتها ، ثم إذا به بعد أقل من عام ونصف من اعتقاله اخير ، يصبح أول رئيس منتخب لمصر عبر تاريخها الطويل كله، وتتحقق آيات الله البينات

من السجن إلى القصر، لو اختزلنا مهام الرئاسة اختزالا تعارف عليه الناس وإن كان مخلا -ب( القصر)

 الدكتور محمد مرسي فارس من زمن آخر ، مع كل اليقين بأنه قادر على التعايش مع الزمن الحاضر ن المنهج الذي يحمله ويؤمن به منهج شامل شمول الزمان والمكان، إلا أن الدكتور مرسي يظل رجلا من عالم آخر زج به فجأة في وسط دولة عميقة ، لم نسبغ أغوار عمقها بعد ، يصارع على البقاء فيها بقايا نظام قديم ربما كان عتيقا لكنه عتيد ، مازال يتمسك بتلابيب الجهاز البيروقراطي والتنفيذي والعسكري وامني وحتى القانوني ، من أجل هذا تقريبا كانت هناك حربا حقيقية لمنع توغل التيار الثوري بمختلف ألوان طيفه في الاجهزة التنفيذية للدولة مع تأجيل انتخابات المحليات التي تعتبر مفتاح التواصل مع مشكلات الناس الحياتية، لذا تدور احاديث في مجتمعنا المصري الحقيقي بعيدا عن النخبة ( المدللة ) ، وهؤلاء المتحدثون بصدق وحب ولهفة ، الذين أعتبرهم النخبة المثقفة الحقيقية وإن كانت بعيدة عن اضواء لكنها صدى صوت البلد ، هؤلاء تدور أحاديثهم خوفا وتوجسا من أن يتم سجن الرئيس مرسي في القصر ، بمعنى حجبه وفصله بشكل تام أو شبه تام عن المجتمع المصري والشعب المصري ، وهذه معضلة حقيقية ، ونحن إذ نفكر في هذا الوضع لم نفقد قناعتنا طرفة عين في السمات الشخصية للرئيس محمد مرسي، ولا تواضعه وبساطته وانتماءه الحقيقي لمواطنيه ولا انحيازه الصريح للشعب المصري، وإنما ما يحرك هواجسنا ويثير مخاوفنا ، هو عمق مؤسسة الحكم المصرية، بالاضافة إلى تغلغل الجهاز التنفيذي مع عدم نجاح الثورة المصرية خلال عام ونصف مضى من عمرها في تطهير قطاعات واسعة مازالت ممسكة ومتمسكة بمفاصل صنع القرار في مصر ، مازال الإعلام يعمل بنفس الطريقة الانقلابية التحولية قفزا من موقف إلى موقف ومن مركب إلى آخر دون خجل أو حياء ، كما ظل الوضع على حاله في مؤسسات مؤثرة أخرى في الدولة..

المجتمع أو على اقل قطاع معتبر فيه يخشى على الرئيس محمد مرسي من أن تنجح الدولة العميقة وبقايا النظام القديم في سجنه داخل قصره ، وصناعة فجوة أو حجاب بينه وبين الشعب ، ومحاولة عزله عن الناس، سيقوم اعلام ، أو هو يقوم فعليا بهذه المحاولة بشكل ضاغط وملح ، يبدو ذلك واضحا في الضغط والتركيز المبالغ فيه على أي تصريح يصدر من أي من قيادات حزب الحرية والعدالة ، وكأن المطلوب من الرئيس بعد استقالته من الحزب أن يكمم أفواه أعضاء الحزب ، أليس من حق الحزب الذي نجح رئيسه في الوصول إلى منصب الرئاسة أن يدعم هذا الرئيس وأن يسانده وأن يضع أمامه التصورات والبرامج ؟!

أليس من حق هذا الحزب أو واجبه أن يقدم رؤيته حتى ولو كانت رؤية تحمل في طياتها النقد أو المعارضة أو حتى الضغط على مؤسسة الرئاسة من أجل تنفيذ السياسات التي يحتاجها الشعب المصري بصورة ملحة؟

إنها اللعبة القديمة المكرورة والمكشوفة كذلك ، ولكنها في هذا الوقت بالتحديد تثير المخاوف في أنهم يحاولون بناء أسوار عالية ، في ظاهرها أسوار قصر الرئاسة ، وفي باطنها من قبلها معتقل يعتقلون فيه رئيس جاء إلى الحكم برغبة شعبية حقيقية ، لكنه جاء كذلك من خارج السرب والصندوق المعتاد ، ومن خارج المؤسسة التي شاخت في الحكم وهي مع ذلك لا ترضى إلا بتوريث الحكم بنائها وأحفادها..

أخي الرئيس محمد مرسي اكسر القيد مبكرا ، اكسر حتى محاولة القيد .. استمر كما كنت وكما عرفناك دائما مواطن في وطنك ، بلا موكب ولا حرس ولا أسوار أو حجاب ، افتح ميلك واعلنه على الناس ، رد على الرسائل الالكترونية التي تردك ، وكذلك تفاعل مع حسابك على مواقع التواصل الاجتماعي ، خصص مؤسسة خاصة في فريقك الرئاسي أو مؤسسة الرئاسة تكون مسؤولة عن التواصل الحقيقي والفعال مع الناس تليفونيا والكترونيا وبريديا وإعلاميا ، اجعل كل ابواب الممكنة مفتوحة على اخوانك أبناء وطنك ، تكن دائما كثيرا عزيزا حرا بهم!!