مناورة روسيّة صينيّة إيرانيّة في سوريا؟!

صلاح حميدة

[email protected]

ذكرت مصادر إخباريّة إيرانيّة أنّ قوّات إيرانيّة وروسيّة وصينيّة ستقوم ب "مناورات" واسعة في سوريا، وتزامن هذا الخبر مع إعلان مصادر عسكريّة روسيّة إرسال موسكو سفينتين حربيّتين على متنهما قوّات كبيرة من مشاة البحريّة الرّوسيّة إلى سوريا ل " حماية المصالح الرّوسيّة" وذكرت مصادر مختلفة أنّ تلك القوّات حاربت في الشّيشان وفي جورجيا.

هذه الأخبار تعطي مؤشّرات حول الوجهة الّتي تسير لها الثّورة الشّعبيّة السّوريّة، وهذا يوضّح أنّ الثّورة السّوريّة كانت تقاتل وكيلاً لتلك القوى في سوريا، وهي على وشك – وقد تكون بدأت- أن تقاتل المستعمرين لسوريا أنفسهم، ومن الواضح أنّ قوّات لها خبرة في حرب العصابات في  الشّيشان وفي جورجيا دليلاً واضحاً أن تلك القوّات أرسلت لتقاتل الثّوّار في سوريا، ومن الواضح أنّ المصالح الرّوسيّة تكمن في القضاء على الثّورة والثّوّار.

كل مراقب يلحظ أنّ النّظام السّوري يستخدم أساليب روسيّة في التّعامل مع الثّورة، وكل أساليب التنكيل والقتل والحرق والسّلب هي أساليب روسيّة، وهي منهجيّة لا يقف أمامها أيّ محرّم في مواجهة خصومها، وبالتّرافق مع إعلان وزير خارجيّة روسيا بأنّ خبراء عسكريين روس تعرّضوا لهجمات في سوريا، فهذا يوضّح أنّ هؤلاء انتقلوا من لعب دور المموّل بالسّلاح والخبرة والتّوجية والإدارة إلى المشاركة الفعليّة في ذبح الشّعب السّوري.

تشير تلك الأخبار إلى أنّ  القوى الاستعماريّة - الّتي تحتل سوريا بالوكالة – تشعر أنّ الأسد بات على وشك الانهيار ولا يستطيع الاستمرار في قمع الثّورة، وما إعلانها الفج أنّها سترسل قوّات إلى سوريا إلا دليلاً على حجم المأزق الّذي تعيشه ويعيشه حليفها في دمشق.

هذه التّحرّكات العسكريّة تفيد بأنّ الشّعب السّوري المخذول، أصبح على وشك أن ينتقل من شعب يقاوم حاكم مستبد يقتله ويسرقه، إلى ثائر ضدّ الاستعمار وعملائه المحلّيّين، وهذه وإن كانت ستجعل الشّعب السّوري يدفع ثمناً أكبر، إلا أنّها ستجعل حربه أكثر وضوحاً وتنفي عنه كل الدّعايات الّتي يروّجها الأسد ومن معه، فمن يجلب الغرباء ليقاتلوا أبناء شعبه، هو الخائن والمأجور للخارج، ويؤكّد أنّ العصابة الحاكمة في دمشق تمارس الإسقاط النّفسي على الشّعب السّوري بما فيها من عورات.

هذه الأخبار تؤكّد أنّ الاستعمار والاستبداد توأمان لا يختلفان إلا بالاسم فقط، وقد يكون من أهمّ ما كشفته الثّورات العربيّة أنّهما لا يتورّعان عن ارتكاب كل الجرائم الممكنة بحقّ الشّعوب الثّائرة، وأنّ المستبدّين طلّاب متفوّقين في مدرسة المستعمرين، وأنّ المستعمرين تركوا العالم العربي صوريّاً فقط، وتركوا خلفهم وكلاء يحكمون بإرادتهم، ولذلك عرفت الشّعوب أنّ حرّيّتها تتحقّق بإسقاط الاستعمار والاستبداد معاً.

من الملفت أنّ روسيا القيصريّة وريثة الاتّحاد السّوفيّاتي السّابق، والصّين الشّعبيّة الشّيوعيّة في المظهر، الرّأسماليّة الاستبداديّة في الجوهر، وإيران حاملة لواء نصرة المستضعفين في الأرض سابقاً، وناصرة المستبدّين حاليّاً، كل تلك القوى كانت تقدّم نفسها بأنّها نصيرة الشّعوب والثّورات، وهي تخلع أقنعتها الآن، وتتصرّف بوحشيّة غريبة في دعم أسوأ نظام استبدادي عربي في عمليّة ذبح جماعي وحرق وتدمير يذكّر بما اقترفته القوى الاستعماريّة الفاشيّة بحق الشّعوب المستضعفة.

تغفل روسيا والصّين وإيران بأنّها تقاتل ضدّ شعب يبحث عن الحرّيّة، وإن كانت اجتمعت مع المستبدّ في حربه على الشّعب، فإنّ هذا الاجتماع بين تلك الأطراف الأربعة، وتواطؤ الغرب عمليّاً ضدّ الشّعب السّوري، كل هذا لن يجدي في إنهاء الثّورة، وسيزيد تصميم الشّعب السّوري على نيل الحرّيّة، وسيدفع بأطراف كانت تقف على الحياد في هذا الصّراع، لغبش في الرّؤيا وتأثُر بالدّعاية المضادّة للثّورة، سيدفع بها إلى الانحياز لصالح الثّورة، وسيؤدّي ذلك لحسم الصّراع لصالح ثورة وحرّيّة الشّعب.