حول الدورة 23 للمؤتمر القومي العربي

حول الدورة 23 للمؤتمر القومي العربي

منير درويش

" كنا ونحن حوال عشرة من أعضاء المؤتمر القومي العربي في سورية  قد بعثنا للأمين العام للمؤتمر برسالة قبل انعقاد الدورة 23 للمؤتمر في تونس 4 -6 حزيران نطلب فيها تأجيل انعقاد المؤتمر بسبب الظروف غير الملائمة لانعقاده حاليا وبدلاً من أن يأتينا الرد من الأمين العام للمؤتمر جاء الرد من السيد أحمد الكحلاوي لكل واحد من الذين وقعوا على الرسالة وهنا  أرفق رسالة السيد الكحلاوي وردي عليها  "

حضرة الأستاذ منير درويش المحترم

ليس بالغياب وبسياسة المقاطعة العقيمة وفي هذا الظرف العصيب ننهض بأمتنا ونحمي مقاومتنا فتعالوا الى تونس ستجدون من شعبها ومن مناضليها كل الدعم والمحبة والإيمان القومي الصادق والعميق.

1-      من المفروض أنه عند الملمات الكبرى التي تلم بالأمة يسارع مفكروها ومناضلوها إلى اللقاء والتشاور حول الأحداث الجسيمة الجارية وتقديم الحلول بما يخدم مصالحها ويحقق لها ما تيسر من أهدافها ويفوت على أعدائها فرص إلحاق مزبد الضرر بها.

إن الغياب ومقاطعة الدورة (23)للمؤتمر القومي بتونس بذريعة "عدم التشاور حول زمان ومكان اللقاء" موقف مهزوز يهمش التركيز على محنة الأمة الراهنة ويفتعل " قضية"مكان وزمان انعقاد المؤتمر هذا ما فهمناه على كل حال من رسالة الإخوة الصادرة من دمشق والموجهة الى الأمين العام إننا نرى أنه علاوة على كون انعقاد المؤتمر القومي المقرر في تونس أيام 4-6 جوان يأتي من الناحية القانونية في موعده ونعتقد أنه يجوز لنا أن نسأل النخبة في أمتنا وبالخصوص المترددين منها أننا إذا لم نجتمع الآن والأمة في ذروة محنتها فهذه سورية مهددة بالمؤامرة الدولية كما الأمر بالنسبة الى لبنان وهذه القدس تهود والأقصى في مرمى التهديم وهذه مصر كما العراق والسودان وكما المغرب العربي مطوقة ومهددة كياناتها بمخاطر "الفدرلة" والتقسيم والطائفية وإذا لم يجتمع قادة الفكر والمقاومة في الوطن العربي في زمن اشتداد حملات التدخل الأجنبية وفي هذا الوقت المصيري من تاريخنا العربي المعاصر لمحاولة التأثير في الأحداث وتحريض الأمة وقواها المناضلة على التوحد لطرد الأجنبي من هذا القطر وفضح أي التقاء معه ضد مصالح الأمة والتشهير بالعملاء والمرتزقة ورأب الصدع في ذلك القطر الآخر وجعل ما تيسر من "حصاد" الانتفاضات الشعبية السلمية في أقطار أخرى يحقق مطالبها في الكرامة والحرية وتحرير فلسطين ويحول ميزان القوى الى جانبها في صراعها ضد أعدائها الإمبرياليين والصهاينة و ضد أعوانهم المحليين فمتى تتنادى النخبة إذا لتتحمل مسؤولياتها القومية ومتى يجتمع المؤتمر القومي إذا لم يكن ذلك الآن؟

وللتذكير فقط ، فقد اجتمع المؤتمر القومي ببغداد يوم كان العراق يمر بأشد محنة في تاريخه المعاصر كما انعقد المؤتمر القومي في بيروت يوم كان لبنان يخوض أعتى صراع له ضد الكيان الصهيوني وكانت مبادرات المؤتمر تلك سياسة صائبة يتوجب كما نعتقد الاستمرار في اعتمادها إلخ ..

2-      أما بخصوص اختيار تونس مكانا لعقد الدورة 23 للمؤتمر فإننا نذكر بأن تونس وكما يعلم الجميع بلد عربي شهد عقد أول دورات المؤتمر القومي سنة 1990 في عهد المتصهين "بن على" ويعلم الجميع أن بتونس شعبا مناضلا تسلح على الدوام بإرادة صلبة دافع بقوة عن انتمائه القومي وعن هويته العربية والإسلامية وقدم في سبيل ذلك اجل التضحيات خلال حقبة الاجتثاث والصهينة الأولى في عهد"بورقيبة" وحقبة الاجتثاث والصهينة الثانية في عهد "بن علي" وكان شعبها دوما حاضرا فعليا في الملمات الكبرى التي مرت بها الأمة وذلك منذ رحلة الزعيم "عبد العزيز الثعالبي" الى فلسطين وإقامته بداية الثلاثينات في حي المغاربة بمدينة القدس التي ترأس فيها أول مؤتمر للدفاع عن فلسطين (1931) وأن شبابها وقف دائما الى جانب ثورة فلسطين باعتبارها القضية المركزية والطريق الى التحرر والوحدة وقدم التونسيون مئات الشهداء في معارك الأمة التي خاضتها ضد أعدائها.

3-      لذلك نقول للإخوة المترددين في القدوم الى تونس والمشاركة في الدورة 23 للمؤتمر القومي الذين تحججوا بذرائع ومبررات غير مقنعة :

* - أن انعقاد المؤتمر في تونس يمثل تحية لشعبها على صموده ومبادرته بالانتفاضة السلمية التي أطاحت بحكم عميل متصهين وفاسد كما يمثل دعما للقوى العروبية في نضالها القومي

*- أن التونسيين من هذا الشعب انتفضوا في وجه ما سمي بـ"مؤتمر أصدقاء سورية" الذي حاول أعداء سورية والأمة عقده في تونس برعاية أقطاب السلطة فأفشلوه وقدموا نموذجا حيا للممانعة شاهده كل العالم كان هدفه الدفاع عن سورية وعن خط الصمود والمقاومة.

*- أننا ننتظر من إخواننا من كل الأقطار العربية القدوم الى تونس والمشاركة في أعمال الدورة 23 للمؤتمر القومي وطرح المضامين القومية المناضلة التي يمكن أن تفعل دوره بفضل ما يزخر به هذا المؤتمر من هامات مناضلة وطاقات مبدعة وتحوله الى قوة تدافع عن الأمة وتحمي المقاومة وتناهض المؤامرات والتدخلات الأجنبية وتفضح التواطئ الداخلي وتدعم الانتفاضات الشعبية السلمية .

*- إن عدم المشاركة في الدورة 23 للمؤتمر أمر سيلقى ترحيب المعادين للأمة وللتيار القومي، لسورية ولخط المقاومة وسيفرح هؤلاء لاستمرار فرقة القوميين فإذا لم يوحدنا استنهاض الأمة للدفاع عن قضاياها المصيرية وإذا لم نلتق للدفاع عن مصادر الصمود وفصائل المقاومة فمتى نلتق إذا ومتى نكون مناضلين قوميين؟.

تونس في 28-05-2012

أحمد الكحلاوي

عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي

...................................................

رد الأخ منير درويش على رسالة الأستاذ احمد الكحلاوي

 

الأخ الأستاذ أحمد الكحلاوي  المحترم

تحية

يؤسفني أن أتلقى منك كعضو في المؤتمر القومي العربي وعضو في أمانته العامة تلك الرسالة  التي أقل ما يقال فيها أنها تخلو من الروح الديمقراطية ومنطق الخطابة الحوارية أو وعي لأهداف المؤتمر التي تتيح للعضو أن يطرح ويقترح ما يشاء دون أن يوصف هذا الموقف ( بالمهزوز ) أو أنه  ( يهمش التركيز على محنة الأمة ) التي كان مثل هذا الأسلوب الذي اعتمدته في رسالتك أحد أبرز العوامل التي همشت هذه المحنة وتهربت من مواجهتها بل أنها صبت على الدوام في مصلحة الأنظمة الاستبدادية ، الديكتاتورية التي ادعت  على الدوام ومعها الكثير من  الأفراد والأحزاب والهيئات   أنها المدافع عن مصالح هذه الأمة حتى أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم .

إن رؤيتنا حول اقتراح تأجيل المؤتمر  وبغض النظر عن موقفك الانفعالي المفتقد لأصول الحوار لم تكن مهزوزة بل رؤية تنطلق أصبنا أو أخطأنا ،  من حرص على استمرار هذا التشكيل القومي متماسكاً  في ظروف يعاني التيار القومي فيها حالة من التشتت بسبب ما فرضته عليه الأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية ومن معها من المؤيدين والموالين . وإن كنا ننتظر من الأمين العام الذي وجهت له الرسالة أن يرد عليها أو يعطي وجهة نظر حولها ،

لسنا بحاجة لمن يذكرنا بنضال الشعب التونسي ليس في المعارك القومية فقط بل في معركة الديمقراطية  ضد الاستبداد أحدى أهم أهداف المؤتمر القومي وكان أول من فجر هذه المعركة وانتصر فيها  وكنا أول  من حيا ثورته وثورات الربيع العربي الأخرى وساندها  لأنها صلب توجهات المؤتمر وأهدافه ، ولا أعتقد أن الشعب التونسي  كان مرتاحاً لعقد الدورة الأولى للمؤتمر عام 1990 في ظل حكم  الطاغية بن على  وبموافقته  على أرض تونس  لولا دعمه لأهداف المؤتمر الديمقراطية والقومية في مواجهة هذا الطاغية ومن على شاكلته ، وسعيه  لنجاح هذه الأهداف . وإذا كان  مؤتمر أصدقاء سورية قد انعقد في تونس وبموافقة أقطاب السلطة وفق البند الثالث من رسالتك ، أليس نفس هؤلاء الأقطاب هم الذين وافقوا على عقد المؤتمر القومي أيضاً على أرض تونس،  أم أن انعقاد المؤتمر تم رغماً عنهم ؟ .

كما أننا لسنا بحاجة لمن يلقي علينا دروساً في الوطنية والقومية التي تشكل الأساس في أي منهج فكري وسياسي لنا  فعلاً لا قولاً .

إن شعار الصمود والمقاومة الذي صار لنا أكثر من ستين  عاماً نصرخ من اجله لن يتحقق إلا بالاستعداد للعمل من أجله   بالاعتماد على قوى الأمة وإمكانيتها الفعلية  ،لا بالشعارات التي كانت الأنظمة سباقة لها .

وكي لا أطيل عليك ‘ سأرفق لك مقالتي التي نشرتها قبيل انعقاد المؤتمر وتحمل موقفي الشخصي والواضح من الأسباب التي دفعتني للموافقة على اقتراح  تأجيل انعقاد المؤتمر والتي أرى فيها ، أن التمسك بأهداف المؤتمر فعلا لا قولاً  التي أتمنى أن يكون لديك الوقت للاطلاع عليها ،هو الذي يحمي الأمة ويعزز صمودها ومكانتها ، وليس الكلام والخطابة التي لا زلنا نمارسها في المناسبات  .

مع تقديري                             

منير درويش