مطبخ القرار العربي.. مَن الطبّاخ الأول، فيه!؟

عبد الله عيسى السلامة

مطبخ القرار العربي..

مَن الطبّاخ الأول، فيه!؟

عبد الله عيسى السلامة

[email protected]

1) هل هو :

· إدارة البيت الأبيض في أمريكا ؟

· دولة من دول أوروبا ، أو مجموع دول الاتحاد الأوروبي ؟

· الحكام العرب .. كلّ في دولته ؟

· الشعوب العربية .. كل شعب في بلاده ؟

· المعارضات العربية .. كل معارضة في بلادها ؟

· إسرائيل ، عبر نفوذها المباشر لدى بعض الحكومات ، وعبر حليفتها أمريكا ، لدى أكثر الحكومات ؟ 

· أم هي كل أولئك ؛ كما تدلّ على ذلك المشاهدات الحسّية اليومية !؟ 

 2)  فإذا كان صانع القرار ، خليطاً من كل أولئك .. فما دور كل منهم ، في طبخ القرار !؟ 

(3   إذا كانت الأحجام والأوزان ، في شبكتَي القوى والمصالح ، هي التي تحدّد دور كل شريك ، في صناعة القرار.. فهل ثمّة تناسب طَردي ، دائماً ، بين ضخامة القوّة وضخامة المصلحة ، في حساب المعادلة السياسية ، في كل دولة ، وفي كل قرار.. أم أن القويّ يستأثر لنفسه ، بالدور الأكبر في صنع القرار ، ليحقّق لنفسه مصلحة ليست له في الأصل، على حساب مصالح الآخرين .. أم أن صاحب المصلحة الحقيقية ، هو الصانع الأول في مطبخ القرار ، حتى لو كان ضعيفاً ، بالقياس إلى قوى الآخرين !؟ 

4) وإذا كان الخلل واضحاً ، في العلاقة بين ضخامة القوى وضخامة المصالح .. أفلا ينبغي على أصحاب المصالح الحقيقية الضخمة ، في البلاد العربية (وهي هنا الشعوب) أن يعرفوا ، بالضبط ، أحجام مصالحهم ، وأحجام قواهم الكامنة ، القابلة للتوظيف.. لتحقيق أكبر المصالح لأنفسهم ، في بلادهم..!؟ 

وإذا كان هذا التفكير واجباً  سواء أكان موجوداً على أرض الواقع ، أم لا  فكيف يمكن إخراجه إلى حيّز الفعل ، على الأرض !؟ 

   ( 5إن التحليل السياسي السليم ، هو لبّ صناعة القرار السياسي السليم ! وبناء عليه تحسَب القوى ، وتوظّف لخدمة المصالح ..!

 ) إن المسألة ، في الحالة العربية ، شديدة التعقيد، وذلك لتشابك هذه العناصر، كلها ، في صنع القرار العربي ، حتى الداخلي منه ، مع الأسف ! على خلاف ما هو حاصل في دول أخرى ، كالصين ، واليابان ، وكوريا ، وأصغر دولة في أوروبا ..! إذ القرار في هذه الدول ، من شأن ساستها وشعوبها وحدهم .. وأيّ تدخّل من جهة أخرى ، إنّما يتمّ عبر ساسة الدول ، وموافقة شعوبها ، الممثلة في مجالس نيابية منتخبة ، مِن قِبل هذه الشعوب . وبناء عليه ، لا تسمح هذه الدول لأحد ، بالتدخّل في قراراتها ، إلاّ لخدمة مصالحها ، هي أولاً .. ثم مصالح الآخرين ، بعد ذلك !

 7 ) ما يهمّنا في الحالة العربية ، هو الشعوب ومصالحها .. فهي :

الضحيّة ، التي يسعى المتنافسون في الساحة السياسية ، على اقتناصها ، أو الهيمنة عليها ، وتسخيرها ، وتسييرها في الاتجاه الذي يريده صاحب كل مصلحة !

وهي صاحبة بلدانها ودولها ، وصاحبة السلطات المسلوبة فيها ، والثروات المنهوبة منها !

وهي الممثّلة برموز، ورؤوس ، وقيادات .. يفترَض أنها تعمل لأجل مصالحها ومصائرها ، على اختلاف مناهجها في العمل والتفكير ! ويفترَض  بالتالي  أن تحسب لها قراراتها بدقّة وعمق ، وتحدّد مصالحها على ضوء الواقع الراهن ، وما فيه من قوى متشابكة متصارعة ، ومصالح متشابكة متنازعة متقاطعة !

في الحالة السورية ، ثمّة مجموعات من القوى التي تزعم أنها تمثّل الشعب السوري، وتعبّر عن مصالحه ! ولكل منها رؤيتها الخاصّة على المستوى النظري ، وحركتها الخاصّة على المستوى العملي، بحسب ما تتصوره الأفهام ، وتعين على تحقيقه الأوزان والأحجام !

الجنرال الغائب عن أذهان المعارضات ، كلّها أو جلّها ، والمتحكّم بالمعادلات ، كلّها أو جلّها ، والذي يمسك برقاب القرارات ، وصناعها ، والمصنوعة لهم .. هو الزمن ! الذي يسير بسرعة هائلة ، مغيّراً ، في كل خطوة يخطوها ، بعض العناصر السلبية ، في المعادلة هنا ، أو مضيفاً بعض العناصر الإيجابية هناك .. مقدّماً فرصاً ذهبية ، اليوم ، ليحوّلها إلى تحدّيات قاسية غداً ؛ بسبب  وبحسب  ما يتغيّر ويتبدّل ، من معطيات الحياة ، وقدرات الأحياء ، وإراداتهم ، وخبراتهم !

الشعوب ، عامّة ، لا تجيد الحساب السياسي ! لكنها تجيد التشبّث بالآمال ، وتجيد تصديق الوعود ..! فهل تستطيع المعارضات السلمية ، أن تتعلم كيف تجيد تحقيق وعودها، لشعوبها ، مرّة واحدة : كل معارضة تحقّق وعدَها لشعبها ، مرّة واحدة في العمر! بعد أن قَضت أعماراً طويلة ، وهي تعيش على آمال ، تغذّيها وعود ، تزركشها كلمات ، تطلقها حكومات وزعامات !؟

نرجو ذلك .. وما نملك إلاّ أن نرجو ذلك .. أو ما يشبه ذلك!