هل فكر الداعون للطائفية بمصير أهل الساحل ؟

هل فكر الداعون للطائفية بمصير أهل الساحل ؟

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

علينا أن نتحدث بصراحة وأن نع حقيقة قد تغيب عن الكثيرين , وخصوصاً البعيدين عن التداخل الطائفي في سوريا , وكوني من محافظة اللاذقية فلا بد لي من شرح خريطة التوزيع الديمغرافي للمحافظة , وبعدها نستطيع أن نبين المخاطر المحتملة , ومعالجة هذه المخاطر قبل وقوعها , فنظام الحكم يسعى إليها , فهو لايهمه مصير أحدٍ سوى بقائه في السلطة .

نأخذ المدينة أولاً تسكنها ثلاث طوائف سنية وعلوية ومسيحية , المنطقة الشمالية تسكنها الغالبية العلوية , ووسط المدينة وجنوبها تسكنها الغالبية السنية , فلو ابتعدنا قليلاً باتجاه الشمال توجد قرى كلها علوية , تأتي بعدها قرى سنية من التركمان , ثم تنتهي عند الحدود التركية منطقة كسب , ويقطنها المسيحيون .

المنطقة الشرقية حول المدينة قرى علوية , ثم تأتي الحفة وتضم عدة قرى سنية , ومتداخلة بجوارها قرى سنية , وإلى الشمال الشرقي , توجد منطقة تسمى جبل الأكراد تسكنها الطائفة السنية وتحيط فيها أو متداخلة معها قرى علوية , نجد أن نسبة السكان تكاد تكون متقاربة بين الطائفتين . هذا التقارب بالنسبة العددية سيكون مرتعاً كبيراً للداعين إلى الحرب الطائفية في سوريا , ونجد منهم من كلا الطائفتين السنية والعلوية , بينما نجد فئات أخرى تدعو إلى التعايش المستمر على أساس الانتماء الوطني .

فلو عدنا لفترة الاستعمار الفرنسي , حاول البعض في الثلاثينات من القرن الماضي والمتطرفين من بعض العوائل العلوية , إقامة دولة علوية في الساحل , تكون بدايتها السيطرة على السلسلة الجبلية أولاً , فاحتلوا منطقة الحفة والمسماة بجبل صهيون , وتم حرق مساكنها ومزارعها وبيوتها وتشريد أهلها , حتى وصلوا لجبل الأكراد وجرت معركة هناك استمرت عدة أيام , وكانت نتيجة المعركة انهزام  المقاتلين العلويين , وبمساعدة قادمة من جبل الزاوية , ومقاتلوا جبل صهيون الذين شردوا من قراهم , ثم أعادوا الكرة عليهم , فلكل فعل رد فعل يعاكسه ويساويه في القوة , من حرق البيوت والقتل كما فعل الآخرون من قبل .

عرضي هنا ليس من باب التشفي ولا التذكير بالمآسي القديمة , وإنما التاريخ هو روح الحياة المستمرة , فهذه التجربة المرة ذهب ضحيتها الكثيرون من الأبرياء , وكانت النتيجة بعدها أن عرف الطرفان أن الحياة مشتركة تجمعهما المصالح المشتركة , وأنه لايمكن لطائفة ان تبيد طائفة أخرى , ولكن يمكن أن يكون هناك أذىً متبادل سينتهي بعدها لندم , ولكن الندم لن يحيي الموتى .

في الحرب الأهلية لايوجد منتصر , ففي رواندا عندما اشتعلت الحرب الأهلية في التسعينات من القرن الماضي , ذهب ضحية ذلك خلال اسبوع واحد مايقارب ال750 ألف قبل أن يتدارك العالم وقف تلك الحرب الفظيعة , ولو سار أهل الساحل من كلا الطائفتين وراء مخطط النظام الأسدي والمتطرفين من الموالين له , ووراء الدعوات الطائفية من قبل متطرفي السنة , فإن مئات الالاف من أهلنا في الساحل ومن كلا الطرفين ستكون أجسادهم متناثرة فوق هذه الأرض الخيرة والطيبة . قبل أن يعي العالم وقوف تلك المذابح .

ولا يسعني إلا ان أوجه نداء لأهلنا في الساحل السوري ومن كل الطوائف وخاصة الأشراف والواعين منهم , أن نضع أيدينا بأيدي بعض , ونكون يداً واحدة لافشال أي مخطط فيه هلاكنا جميعاً .

إن بيت الأسد وبيت مخلوف والمساندين لهم والسير وراء مخططاتهم وجرنا لحرب طائفية تحرق الأخضر واليابس , وسيكون اكثر المحروقين فيها هي مناطقنا الجميلة وخيراتها العارمة , وأدعوا المجموعة الحرة والتي أطلقت على نفسها , مجموعة أحرار قرى العلوية , والتي تقف مع الثورة , ومع مجموعة الكتاب والمثقفين من الطائفة والذين أصدروا بيانهم المعروف ضد جرائم الأسد وانهم مع الثورة , وبيان المشايخ الأشراف من الطائفة , وكوني انتمي لمنطقة هامة من مناطق السنة ومن عائلة معروفة ومؤثرة .

يمكننا أن نشكل معاً كياناً قوياً سينضم إليه كل الأشراف من كلا الطائفتين للوقوف في وجه هذا المخطط والمؤدي للجحيم , جحيم لايبقي ولا يذر .