ثلاثية الشر الفاعلة في سورية

النظام وروسيا وإيران

زهير سالم*

[email protected]

أثبت تقرير بعثة المراقبين العرب المقدم إلى اللجنة الوزارية العربية أن النظام في دمشق قد نجح إلى حد كبير في التأثير على رجال البعثة العربية وتقريرها، الذي ضمن للنظام عدة نقاط أساسية من أهمها الحديث عن (جماعات مسلحة) تعطي النظام الذريعة لاستخدام عنف سلطوي مضاد. والحديث عن قتال متبادل، بتجاهل الفروق بين ردود فعل فردية تعتمد على سلاح فردي أو شخصي، وبين جيش نظام يستقوي بآخر غير نظامي ويتسلحان بضروب من أسلحة ثقيلة من مدفعية ودبابات وصواريخ. وثالثا نجح النظام في الحصول على طلب مفتوح على الزمن من قبل رئيس البعثة لاستمرار عمل بعثته كما أشار الفريق الدابي في تجربته من إقليم دارفور، أن عمل اللجان يمتد في مثل هذه الحالة إلى سنوات وهو الزمن غير المؤقت الذي يحتاجه النظام السوري للقضاء على كل صوت معارض أو ضمير مناهض داخل سورية.

ذكّرنا تقرير السيد الدابي بتقارير بيغن وشارون ونتنياهو بعد حروبهم على الشعب الفلسطيني الأعزل بأنهم يردون على عنف إرهابي يمارسه بعض الفلسطينيين. لقد ظلت صواريخ حماس محلية الصنع ذريعة صالحة لتبرير (عملية الرصاص المصبوب ) أي الحرب على غزة بما فيها من فسفور أبيض وعدوان على عيون الأطفال في غزة..شكرا للفريق الدابي، وشكرا للذين أرسلوه وشكرا للذين انتدبوه.

سيكون مفيدا للشعب السوري أن يقرأ تقرير الجامعة العربية بموضوعية فيكف عن الحلم، أو السعي وراء سراب الآخرين ؛ الجامعة ومجلس الأمن والمنظمات الإنسانية أو السياسية مهما كان لونها، ليضع مشروعه الوطني في نصابه وليعطي هذا المشروع استحقاقاته العملية.

سيكون مفيدا للمعارضة السورية بكل تشكيلاتها وفصائلها وشخصياتها أن تدرك الفرق بين الكلام الدبلوماسي الذي يقال في الغرف المغلقة، و البسمات ترتسم على الوجوه بدقة محسوبة، وأحاديث الأماني والوعود الدافئة، وبين الموقف السياسي الحقيقي.. الموقف الذي صنعته في الجامعة العربية كل من مصر ( الثورة !!) و جزائر ( المليون شهيد !!) وسودان ( ....في فمي ماء !!) وعراق المالكي ولبنان حسن نصر الله. إذ ليس للميقاتي فيه أي نصيب!!

سيكون مفيدا للمعارضة السورية اليوم أن تدرك حقيقة ما تحت غثاء التصريحات المتوترة المتذبذبة، والرسائل الإعلامية التي يسعى أصحابها إلى استعادة ثقتهم بأنفسهم، و إلى كسب احترامهم لذواتهم أمام المرآة الشخصية من جهة، وإلى خداع البسطاء من المستضعفين في الأرض من جهة أخرى؛ دون أن يعني ذلك تحمل أي قدر من المسئولية السياسية أو الإنسانية.

بالعودة إلى قراءة الواقع كما هو على الأرض ستدرك المعارضة السورية والشعب السوري أن القوة الوحيدة التي تتحرك عمليا في الميدان هي القوى المؤيدة للنظام والمدافعة عنه واعقدوا معي على أصابعكم..

جيش من الشبيحة الإعلاميين ينطلقون في الفضاء العام للدفاع عن النظام يبدؤون من الشيخ البوطي والأب بشارة الراعي وعطا الله حنا ولا ينتهون عند حزب السعادة الإسلامي التركي ( وعظم الله أجرنا في نجم الدين أربكان ) وينضاف إلى هؤلاء وأولئك الكثيرون الذين لا فائدة من الإشارة إليهم لأن الذين يلعبون السياسة بعواطفهم يملئون الفضاء..

ثم نتابع شريكا آخر في الحرب على شعبنا ونصيرا للنظام في ذبح أطفالنا، فروسيا شريك حقيقي مبادر بكل ثقلها السياسي والعسكري أيضا. تتقدم بثقلها السياسي والعسكري وببوارجها الحربية لتحادّ الشعب السوري وتعمل على كسر إرادته..

ماذا حملت البوارج الروسية إلى الشواطئ السورية منذ يومين؟ ولماذا تم إغلاق الموانئ السورية لاستقبال هذه البوارج؟ لا أحد يستطيع أن يتكهن!! ولكن الذي نعرفه أن روسيا هي قوة حقيقية واقعة تدخل المعركة، وهي لا تحارب مع بشار الأسد بالتصريحات والتمنيات والبسمات والأسف والقلق والطلب والتوجيه كما يفعل الآخرون مع المعارضة... وإنما تحارب مع بشار الأسد بالمواقف السياسية مهما كانت كلفتها، وتشارك في قتل أطفال سورية ببوارجها وبما يمكن أن تحمله هذه البوارج من سلاح وعتاد وخبرات..!!

هل هناك أي طرف دولي وقف إلى جانب الشعب السوري كما وقفت روسيا إلى جانب النظام؟! هل هناك بارجة حربية أو فرقة عسكرية استنفرت لحماية هؤلاء ((الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ..)) ساعدوني على الرؤية ودعوني أوقد لكم المصباح...

و ثالثا.. هناك إيران بعددها وعديدها وعتادها وتوابعها وملحقاتها . هناك إيران شريك استراتيجي وتكتيكي وعملي في ذبح أطفال سورية وقتل شبابها...

إيران السياسية، وإيران المرجعية التي تأمر فتطاع، وإيران العسكرية التي حركت هي الأخرى بوارجها من قبل إلى شواطئ الشام، إيران التي تشارك أموال النفط فيها وفي جاراتها وكذا أموال الخمس للأتباع هنا وهناك في تشويه جسد حمزة الخطيب وتعذيب الطفلة ذات الأربعة شهور، وفي سمل أعين السوريين، وفي إقرار عقيدة ( لا إله إلا بشار ) رغم أنف مروان وبنيه!! إيران التي تدرك اليوم ثأرا من ( تيم وعدي ) والعبارة مقتبسة عن ألسنة (الرواديد ) فيها فيهب للثأر معها تلاميذ الولي الفقيه في العراق وفي لبنان.

هذه هي الحقائق الواقعية التي تحاصر الشعب السوري على الأرض وكل ما عدا ذلك فحديث خرافة يا أم عمرو..حقائق لها استحقاقات تصنع النصر وتطرد واليأس وتخرجنا من دوامة العجز بإذن الله. فهل نحن مستعدون.

                

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية