نطالب بكشف محاضر لقاءات المعارضة السورية في القاهرة

نطالب بكشف محاضر لقاءات

المعارضة السورية في القاهرة لنعرف:

لماذا فشلت الوحدة ..؟ ومن المسؤول ؟؟

محمد خليفة

لم يعد سرا أن أقطاب المعارضة السورية فشلوا مرة أخرى في الاتفاق على صيغة مشتركة للعمل معا , بعد اجتماعات ومفاوضات ومناقشات استغرقت نحو شهر جرت في القاهرة . هذا الفشل يختلف عن سوابقه , لأن المحاولة حظيت هذه المرة برعاية جامعة الدول العربية , واحتضانها , وممارستها بعض الضغوط المخملية على ممثلي المعارضة [ ولا أقول ممثلي الشعب السوري عن قصد وعمد لأسباب لا يجب أن تخفى على وعي القارىء النبيه ] فضلا عن مشاركة عدد من أرفع قادة المعارضة درجة , ما يعني أنه أتيح لهذه المحاولة عناصر دعم جدية لم تتوفر في المرات السابقة , وكان يجب أن تتمخض عن اتفاق إيجابي , والوصول إلى إنجاز المهمة الملحة المطلوب إنجازها ممن قدموا أنفسهم لقيادة العمل السياسي السوري على المسرح الدولي تعبيرا عن الثورة والشعب السوري , ودعما للحراك الوطني في هذه المرحلة الدقيقة .

هذا الفشل في ضوء العوامل الايجابية التي توفرت للمفاوضات يعني للأسف أنه يدفن كل الامال بتوحيد المعارضة من الان وإلى وقت طويل , ويعني أننا سنشهد وجود معارضات سورية متعددة , وقد نشهد خلافات وضراعات فيما بينها لا يعلم إلا ا لله مداها , وإن كنا نستطيع من الان بالعقل تصور نتائجها وانعكاساتها على الثورة السورية , وهي بلا شك سلبية ومضرة , بل وخطرة .

المعارضة التي نعنيها هنا هي هيئة التنسيق الوطنية , والمجلس الوطني , وبعض القوى الأخرى التي تمثل الهيئة العامة للثورة والتنسيقيات , والقوى الحزبية الكوردية . ولكن المسؤولية تقع بشكل خاص على عاتق المجلس الوطني وهيئة التنسيق , فهما يمثلان الكتلتين الكبريين , وهما اللتين يتنازعان على تمثيل الشعب السوري بأطيافه ومكوناته , إذ يدعي المجلس أنه يمثل وحده خمس وسبعين بالمائة من المكونات والقوى المعارضة , وهذا مجرد ادعاء مبالغ فيه كثيرا يفتقر للتواضع . كما أن الهيئة لا تمثل غالبية القوى والمكونات ولم تدع ذلك , ولكننا نعتقد نحن ومعنا كل المستقلين المطلعين بعمق وخبرة على الساحة السورية وما تزخر به من مكونات وأطياف وأطراف أن الهيئة والمجلس حتى في حال اتحادهما لا يمثلان جميع القوى والاطراف , ولكنهما حتما يشكلان معا القوى الأهم والأعظم , ويضعان قاعدة موضوعية ومركز جذب لتوحيد جميع الفصائل والقوى والاطراف لاحقا . أما وقد فشلا في الاضطلاع بالمهمة فلا بد من إعادة تقييم الموقف من كليهما .

ولسنا مضطرين الان لتذكير هؤلاء الاقطاب بما يجري في سوريا وخطورته ومصيريته على مستقبل الوطن والشعب , لأنهم كما نعتقد ليسوا بحاجة لهذا التذكير ما داموا يطرحون أنفسهم قادة وزعماء ومفكرين واصحاب تجارب وخبرات لا ينافسهم فيها احد كما يزعمون , وأكثرهم أيضا لم يسمع من قبل كلمة التواضع , ويعتقد أنه يمثل الشعب السوري أفضل من غيره , ولكننا هنا مضطرون أن نقول لهؤلاء جميعا أن وحدة المعارضة لم يكن خيارا حرا لكم , تقبلون أو لا تقبلون به , بل هو خيار حتمي وحيد في هذه المرحلة , لأنه مطلب من مطالب الشعب , والثوار , وتحتمه الظروف , وتستدعيه المسؤولية الوطنية العليا , وفي حال الفشل لا بد أن يكف فرسان المجلس والهيئة عن التنافس على الحديث باسمنا شعبا وثورة , وأن يبتعدوا عن المسرح . لكننا قبل ذلك , قبل أن نصدر أحكاما نهائية في هذا الصدد , لا بد ان نطلع على حيثيات ما جرى في اللقاءات , ونعرف ما دار من مناقشات وطرح من مواقف وأراء وتصورات .

إن الاطلاع على هذه المعلومات حق لنا جميعا , نحن المعنيون والمتابعون والناشطون والمشاركون بأي صورة من الصور في الحراك السوري الثوري والسياسي . ولم يعد مقبولا التحاور والتفاوض في غرف مغلقة وصماء , ولا يحق للمتحاورين أن يتواطؤا على إبقاء المفاوضات سرية , ومنعها عن الإعلام واطلاع الناس عليها . لقد مضى عصر السرية , وصرنا في عصر الشفافية كما نعلم , خصوصا وأننا وكل شعبنا يريد أن يعرف من هو الطرف الذي كان حريصا على الوحدة , ومن هو الطرف الذي كان يضع العراقيل في طريقها , من شارك فيها بصدق وإخلاص ومن شارك فيها ليفشلها , ومن كان أقرب لمطالب الشارع السوري , ومن كان صوتا لقوى دولية تستعد لتحقيق أطماعها في سوريا .

إنني أعتقد جازما أن جميع شعبنا وقواه التي تقدم الدماء والتضحيات الغالية الشريفة تريد أن تطلع على المواقف الحقيقية التي طرحت في القاهرة , وقبلها في الدوحة واستانبول , وما يدور في اللقاءات السرية مع ممثلي الدول التي يلتقونها , في بريطانيا وفرنسا وتركيا وروسيا وإيران وبلجيكا والولايات المتحدة وليبيا وتونس وغيرها , لأننا في عصر ويكليكس , ولسنا في عصر الدبلوماسية السرية , ونريد أن يعرف شعبنا أين يضع ثقته ولمن يسلم زمام أموره , ونحن ما زلنا في البداية , قبل أن نتورط بتسليم مقاليد امورنا لمن لا يستحق أو لا يملك المؤهلات , أو لا يحسن التصرف .

لا بد أن تنشر وتعلن محاضر الجلسات والحوارات كما هي حرفيا , لكي نحكم على المواقف بموضوعية ولا نظلم احدا , وفي نفس الوقت لنقطع الطريق على الاطراف التي برعت في المرحلة الماضية بتشويه سمعة خصومها في المعارضة كما راينا جميعا , وترويج الاتهامات والصاق الاساءات بالاخرين .

إن الجامعة نفسها وهي التي احتضنت ورعت هذه اللقاءات ودعت إليها , مسؤولة أيضا , ومطالبة بان تكشف للرأي العام نتائج المحاولة الأكثر جدية وحيادية وموضوعية لتوحيد المعارضة من بين المحاولات التي جرت برعاية تركيا وقطر وسواها . وعلى الجامعة الان ممثلة بالامانة العامة أن تطلعنا على اسرار اللقاءات , ولماذا فشلت , وما هي خريطة المواقف وتضاريسها .

إننا سننتظر البينات والمعلومات والمحاضر قبل أن نقول كلمتنا ونصدر التقييمات والأراء والأحكام . أقول هذا وانا شخصيا عندي صورة واضحة ودقيقة عما جرى في كل المحطات تقريبا , وخاصة في القاهرة , ولكنني لا أريد أن أصدر موقفي بناء على المعلومات التي حصلت عليها بشكل شخصي أو من خلال مصادري الخاصة , بل أريد أن تكون المصادر رسمية ومتاحة للجميع . أما إذا رفضت الأطراف المعنية إطلاعنا على المحاضر الرسمية فسيكون من حقنا الاستناد على مصادرنا الخاصة , وعندها بل في كل الاحوال سيكون الحكم قاسيا على من يمارس الهزل في وقت الجد , ويلعب في أشد المراحل من تاريخ سوريا دقة وحساسية وخطورة .