شيخنا الحسون كفى بالموت واعظاً يا عمر

شيخنا الحسون

كفى بالموت واعظاً يا عمر!

نقطة في نهاية سطر لا سطرَ بعده ، تنحني له الهامات ، وتبكي له القلوب ، وتذل له الجبابرة ، سبحان من قهر العباد بالموت ، وشرع العزاء لتخفيف المصاب .

من عجائب الموت أنه كأسٌ وكل الناس شاربه ، لا شماتة فيه ولا مهرب منه ، وكما ذكّرنا شيخُنا الحسّون في تأبينه لولده سارية : إن استطاع القاتل ألا يلحق بالمقتول فليفعل.

لا أعلم موقفاً يُشرع فيه الصمت أبلغ منه في الجنازة ، ليُضفي على الحدث رهبة وهيبة ، وتأملاً يليق بتذكر الخاتمة ، بيد أني جهلي السابق بدّده هول موقف آخر ، وهو أن يتحول العزاء إلى حملة انتخابية ، ومهرجان للبَيْض ! " يبيض " فيه المعزّى على الحضور والوطن والبشرية ، وجثمان ابنه لم يوارى بعد !

شيخنا الحسّون ، أي قلب تحمل بين جنبيك ؟ أي عاطفة أبوّة تشعر بها ؟ أي نَفَسِ ولاءٍ يختلج في رئتيك ؟

في هذا الموقف لا تنسى أن تَصُبّ جامَ حقدِكَ على شيخ الأزهر والقرضاوي وحكام العرب وتطلب إتاوة من خالد مشعل و و و ...!

تقول بأن أولئك العلماء أفتوا بقتل الشعب السوري ؟ وسارية – رحمه الله – واحد ممن نُفّذت فيه تلك الفتوى !

شيخنا مالكم ؟ كيف تحكمون ؟ أفلا تذكرون من بيده السيف ويحمل النطع ويصدر الحكم ؟

هل عرفتَ برقبة مَن دمُ ابنك – رحمه الله ؟ ألم تطلب منّا فضائية سيادة رئيسك - تعقيباً على خبر زينب الحصني- أن نتبيّن إن جاءنا فاسقٌ بنبأ ؟ فالفاسق لم يأتنا بنبأ سارية ، ودمه لم يبرد بعد ! فكيف تبيّنت ؟

أتذكر في بداية الثورة يوم خرجت على الجزيرة تجزم أنه خلال ساعات سترون القتلة المأجورين ، وستتضح خطط المتآمرين ، وكأن خلاصة التحقيق بين يديك ، والمذيع يذكّرك بأنك عالم ورجل دين يفتَرَض أنك تخاف الله !

شيخَنا ، تقول بأن سارية قُتِل من أجل المساومة على فلسطين ؟ما علاقة فلسطين بقتل سارية ؟ ألا ترى معي أن احتقارك لعقول السوريين لا يليق بعمامتك ؟

شيخنا الفهمان ، حتى مدينة " سرت " ساهمت في تأخير دفن سارية ؟ تسأل بأي حق تُذبح "سرت" ، وتنسى أن الأقربين أولى بالسؤال عنهم !

تنسى أنه ليس بمؤمن من بات منتفخ الكرش وجاره في الرستن والخالدية  وباب سباع ودوما وحي الرمل  .... بلا حياة ؟

تحشُرُ قضايا شخصية ومحلية وإقليمية ودولية وكونية في موقف ألغى الشارع من صلاته الركوع والسجود ؟

رحم الله سارية ، كم  نزع عنك لباسك ، فما عاد يواريك جبة سوداء كقلبك ، ولا عمامة جوفاء كضميرك ، ومهما طفقت تخصف من أوراق المقاومة والممانعة لن تستر بيضَك الذي تبيضُه كلما ارتجلتَ كلمةً فيها ذِكرٌ لسيّدِك ، والهوى بعثي والولاء أَسَدي .

شيخَنا الحسون : حَسبَ الفاسق الذي تستقي منه أنباءك :

( سارية – رحمه الله – قتلته العصابات المسلّحة ، ومشعل تمّو -رحمه الله -قتلته أيضاً عصابات مسلّحة ألقي القبض على مشتبهين منهم ) ، إذاً لماذا يشيّع ابنك ملء السمع والبصر وقناة الدنيا ، بينما تطلق النيران على مشيعي تمّو ؟!

لماذا لم تقم بلطميّة في جنازته ؟ ألم تقل بأنك مفتٍ ل23 مليون سوري ! ضاقت فتواك على مشعل تمّو بأن يكون له عزاء يأمن الناس فيه ؟ مع أنك في اللطميّة ذاتها دعوت المعارضة للحضور إلى أرض الوطن وقول ما يريدون ، ووعدت بالخروج معهم إن تعرّض لهم أحد بسوء ؟!

لحسن حظي وسوء حظك ، لم أنشر هذه الخاطرة إلا وقد جادت قريحتك بخطبة عصماء ، فاقت قس بن ساعدة في الفصاحة ، وأبي تمام في الحماسة ، غضبت فيها غضبة مضرية أمام حشد من الجنس اللطيف ، كنتَ فيها طاووساً ثورياً ، توعدتَ بجيش من الاستشهاديين ينفجرون في عمق دار صنّاع المؤامرة ، أمريكا وأوروبا !

ما شاء الله عليك سيدنا الشيخ !

اسمح لي ك سوري عادي أن أسألك :

أين كان هؤلاء الاستشهاديون يوم ذُبحت غزة ؟ ويوم احتلت العراق ؟ ويوم دُمّرت لبنان ؟

ثم ألم تقل - وجثمان سارية بجوارك : سنقتلكم بِحُبّنا ؟ شو عدا ما بدا حتى أصبحت " إرهابياً " تدعو لتفجير النفوس ؟

ألم تنتفض رداً على من دعا لاستمرار للثورة على الظلم حتى لو عظمت التكلفة ؟

كيف تقول : " لن تنجحوا حتى لو لم يبقَ في سوريا إلا رجل واحد " ؟

سيدنا ، من باعتقادك هذا الواحد الذي تتمنى أن يكون آخر وارث للوطن ؟ ماهر أم بشار أم قداستك ؟

أتدري ما الذي يحملني على إهدار الوقت في نقر حروف بثّي وحزني ؟

أعرف أن للعالِم هيبة ، وللمفتي رهبة ، وأتذكر كيف كان الإمام مالك في مجلسه ، يهابه الكبراء ، ويُجلّه العظماء ، وكأن آلاف الخلق في حضرته على رؤوسهم الطير ، قوله فَصلٌ ، وحكمه قطعٌ ، حتى قيل : " لا يُفتى ومالك في المدينة " ! وهكذا كان علماؤنا المخلصون العاملون ، رزء الأمة وحصنها المنيع ودليلها الذي لا يضل ، وهكذا ينبغي أن يظل العالِم في عيون الناس وذاكرتهم ، أمّا ما أنت عليه الآن ، يجعل من الصعب أن ننتقد من يجعلك في قائمة من بين أسمائها شريف شحادة و مايكل جاكسون !

لقد قال شحادة يوماً عن المعارضة : هؤلاء القندهاريون الجدد!

فإن كانت نقطة الذم في القندهاريين جهادهم وعملياتهم الاستشهادية ، ألا تستحق هذا الوصف بعد ما قلتَه ؟

أم أن الحروف تتيه ، والكلمات تضيع ، والقوانين تعطّل ، والمحظورات تُباح ، في سبيل بقاء سلطة القرامطة ؟

على سيرة العمليات الاستشهادية والمقاومة والصمود والممانعة ، من شو بتشكي حركة طالبان ؟ هل يشك أحد في أنها رأس الحربة في مقاومة الامبريالية العالمية ؟ ألستم تقدمون أنفسكم للبشرية على أنكم أرباب مقاومة الامبريالية ؟ لماذا لا تدعمون طالبان في حربها ضد رأس الأفعى ؟ لماذا تتنافسون في التبرؤ منها وتفتخرون بمعاداتها ؟ وتمنّون على أمريكا بأنكم تتعاونون معها أمنياً ضد طالبان !

أم أن الدعم حكر على ( أبو هادي ) ومشروعه الفارسي ، بدليل أنك لم تتذكر من الشهداء غير ابنه ، ولا مانع من ذكر ( أبو الوليد ) من أجل سمعة المحل !

سيدنا فضيلة المفتي العام لامبراطورية الأسد ، التي ستغيب عنها الشمس إلى الأبد ، بإذن الواحد الأحد ، ليتك تستقي شيئاً من إخلاص الحاخام عوفاديا يوسف لعقيدته رغم فسادها ، وغيرته على دينه رغم تحريفه !

أتدري ما كان أصدق موقف يعبّر عن فضيلتكم ؟

هو قولكم في الجيش السوري الالكتروني الذي يجاهر بسبّ الربّ وعبادة الأسد والاستهزاء بكل مقدس والسخرية من كل فضيلة واحتقار كل مواطن ليس عبداً للصنم ، أتذكر كيف قلت لهم – والطعام يتيه في فمك -  بأن الله والأرض والسماء معهم ؟

الرابط:  

هذه بضاعتك ، وهذا قَدْرُك ، رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه ، ورحم الله امرءاً تذكر حديث "أَخْوَفُ ما أَخافُ عَلى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسان ".

سيدنا ، لم تعد مخجلاً لنا وحدنا ، لأنك عار على كل ذي دين وإن كان فاسداً .