رسالة إلى فرسان المنابر

حسام العيسوي إبراهيم

حسام العيسوي إبراهيم

[email protected]

إن المرحلة التي نعيش فيها هي من أهم المراحل في تاريخ أمتنا الإسلامية ، ولابد أن يكون للمنبر الصوت الرائد في هذه المرحلة ، فماهي الصفات التي ينبغي للخطيب أن يكون متحلياً بها في هذه المرحلة ؟ وما هي الخطب المناسبة للناس في هذه المرحلة ؟

عندما نتذكر صفات الخطيب الناجح فإننا يجول في خاطرنا هذا العالم الرباني ( العز بن عبد السلام ) ، لو نظرت إلى الفترة الزمنية التي نشأ فيها العز بن عبد السلام ، لوجدت أنها شبيهة بالمرحلة الزمنية التي نمر فيها الآن ، فمن ظروف مادية طاحنة ، ومن حكم رئاسي غائب ، ومن تربص من الأعداء ، ومن سلبية اجتاحت الكثير من أفراد هذه الأمة ، كل هذه كانت سمات المرحلة التي عاش فيها عالمنا الجليل ، وهي لا تكاد تختلف عما نعيش فيه .

ولكن السؤال : ماذا فعل هذا العالم الرباني في تغيير هذا الحال ؟ إن العز بن عبد السلام علم جيداً أن الوسيلة الفعالة الناجعة هي التربية الشاملة لكل أفراد الأمة من علماء ، وقادة للجيوش ، حتى النساء والأولاد ، وفعلاً حقق العز بن عبد السلام هذه المعادلة الصعبة ، واستطاع بفضل الله تعالى أن يعد الأمة لمواجهة هذا الخطر الداهم ، الذي يريد أن يسلب الأمة ثرواتها ، وينسيها هويتها .

قام هذا العالم الكبير بجمع العلماء وتوزيعهم في كل مكان ، وتحفيظهم سورة الأنفال ، ليقرؤها للناس في الصلاة ، وانتقل حال الناس من السؤال عن الدينار والدرهم ، للسؤال عن صلاة الفجر ، بل السؤال عن قيام الليل .

وهكذا أيها الأخوة الأحباب إذا أردنا أن نغير هذه الأمة ، فعلينا أن نسارع في تربيتها على أخلاقيات وشرائع الإسلام ، علينا أن نبث روح الأمل في هذه الأمة من جديد ، فاليأس ليس من أخلاق المؤمنين ، قال تعالى " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " [ يوسف : 87 ] .

فهيا أيها الدعاة والعلماء ، نحيي الأمة من جديد ونوقظها من سباتها العميق ، والحمد الله قد زالت هذه العوائق التي كانت تمنعنا بالإتصال بالناس ، فلنذهب إلى الناس في أنديتهم وأعمالهم ، في ركوبهم وعند نزولهم ، فليعلم قومنا ما نعلم ، وليسشعروا عظم المسؤلية كما نستشعرها .

أما عن القيم التي نبلغها للناس في هذه المرحلة ، فلابد من تحديدها تحديداً دقيقاً ، وأعتقد أن هذه القيم قد تكون :

1-  علاقة الدين بالسياسة ، ومن أين جاء الفصل بين الديني والسياسي ؟

2-  سمات الشريعة الإسلامية ، والشبهات التي تثار حولها .

3-  تطبيق الشريعة ماذا يعني ؟ وهل يمكن التدرج في التطبيق ؟

4-  موقف الإسلام من الآخر ، وما علاقته بالمخالف في المذهب والعقيدة ؟

5-  شرعية الإنتخابات ، وهل تتعارض مع الدين الإسلامي ؟

6-  من ننتخب ؟ وأهمية الإدلاء بالصوت في الإنتخابات .

7-  أهمية مصر في القرآن والسنة .

8-  التاريخ الإسلامي لمصر .

9-  المسألة القانونية بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية .

هذه القيم تحتاج إلى القراءة المتعمقة ، والتحضير الجيد ، والفهم الدقيق ، حتى يستطيع الداعية توصيلها إلى الناس بسهولة وبيسر .

وآخر ما أختم به أن يضع الداعية نصب عينيه أن التربية هي الأمل الوحيد للإنتقال بالأمة من حالتها إلى حالة أخرى أفضل وأحسن إن شاء الله تعالى .