رسالة نداء مستعجلة للأستاذ رياض الترك

عفراء جلبي

أيها المناضل الصامد، رياض الترك، أستاذنا ومدربنا الروحي

أكتب إليك في لحظات عصيبة يمر بها المجتمع السوري، وها هي المعارضة السورية تعمل جاهدة لتوحيد صفوفها وتمثيل مطالب الثوار والالتزام بمبادئ الثورة حتى لا تنزلق عن سلميتها وحتى نعطي لأنفسنا فرصة الخروج إلى الديمقراطية بأنفسنا بدون تدخل خارجي. إنها لحظات مفصلية، ونحن مسؤولون أمام التاريخ تجاه تضحيات الشباب السوري الجسيمة. أكتب إليك وكلي أمل أن تسمعنا نحن الجيل الأصغر، لأنك كنت من أوائل من أناروا درب العدالة في سوربا بالتضحية الشخصية والفداء في سبيل الحق والحرية. ولقد أصبحت نبراسا في قلوبنا، ومشينا في النور الذي نثرته علينا من سنوات عمرك وراء قضبان الزنزانة. عندما وضعت لعقود طويلة الشأن العام فوق مصالحك الشخصية وحياتك الخاصة، فقد كنت ترسم ملامح الفرد السوري الجديد في صمت زنزانتك الانفرادية. وها هم الشباب يضحون بأنفسهم وبدمائهم وبأجسادهم كل يوم في سبيل تحقيق الحرية والكرامة وفتح الطريق نحو ديمقراطية إنسانية تعددية.

أتذكر عندما سمعت أنك تشجع على دخولي لإعلان دمشق أنت ومن حولك من الرائعين بأني لم أتردد. شعرت بأنه لا عذر لي، رغم أن الكثيرين حينها شعروا بأني انضممت إلى الإعلان في لحظات لم يكن فيها بصيص أمل، ولأنه كنت أضحي بقدرتي على زيارة الوطن والأهل. ولكن لم أتردد، لأنك أنت هكذا علمتنا. أتذكر في تلك اللحظات أنه مهما كانت حلكة الظلام فإن شعاع ثقتك ونور معاناتك كان يضيء لي طريقا أوسع ويملأني ثقة بمستقبل سوريا رغم غياب أي علائم أمل في ذلك الوقت. وها نحن الآن نشهد يقظة على مستويات كبيرة، في الداخل والخارج، وتصميما على الخروج من قبضة العنف والرعب إلى رحاب السلام والإنسانية واللاعنف.

إن دعمك للمبادرة التي تريد توحيد أطياف المعارضة سيشد من همتنا ويقوي عزائمنا. فإرثك الروحي صار رأسماله في قلوب الشباب الثائر. وما بنيته في سوريا كان بسبب ثباتك على الحق لا تأخذك لومة لائم. وإننا نعدك بأننا سنحافظ على هذا الإرث الذي صار تاجا على رؤوسنا جميعا. ولذا أطلب منك أن تحافظ أيضا على ما يقوم به الشباب وأن تكون صوتا صارخا في البرية كما عهدناك. فدعمك لنا سيحول أنيننا وحيرتنا وآلامنا إلى صرخة كرامة موحدة.

ابنتك وتلميذتك الصغيرة عفراء.