الكويت تنتصر لنظام القمع والاستبداد السوري

م. محمد حسن فقيه

[email protected]

منذ اللحظة الأولى التي انطلقت فيها مظاهرات الحرية والكرامة في سورية ، مطالبة بإنهاء عهد الاستبداد والحكم الشمولي والزعيم الأوحد ، ووضع حد لنهج الفوضى والفساد المالي والإداري والأخلاقي الذي استشرى في البلاد طولا وعرضا منذ  أربعة عقود عجاف ،  حتى عدا عرفا يحميه المسؤولون في أجهزة الدولة ومؤسساتها من أعلى هرم القمة إالى أسفل قاعدتها .

 منذ تلك اللحظة التاريخية والمنعطف الاستراتيجي في مسيرة سورية ، أسرعت حكومة الكويت لتعلن موقفها المخزي بانحيازها ضد الشعب السوري وثورته المباركة ، وتعلن تأييدها لمسيرة القمع والقتل التي ينفذها النظام ضد أحرار شعبه العزل ، الذين خرجوا يطالبون بحقوقهم المسلوبة من الحرية والكرامة والعدالة ... والإنسانية .

ربما ظن نظام الكويت كما كان يظن النظام السوري ، أن آلة القمع الهمجية التي تصدى فيها النظام السوري ضد الشباب الحر الأبي الثائر من قبل أجهزة أمن النظام وقمعه البوليسية مع شبيحته ، والعصابات الطائفية السوداء وعناصر الباسيج الحاقدة ، قادرة على سحق هذه الثورة ووأدها في مهدها قبل التهليل ... فأسرع نظام الكويت للإصطفاف إلى جانب هذا النظام المستبد الفاسد المنخور، خوفا من امتداد شرارة الثورات إلى أرض الكويت .

وها قد دخلت الثورة السورية شهرها الخامس وهي تمتد وتنتشر وتتسع أفقيا ورأسيا ، وتضيق الخناق على النظام وسط تخاذل عالمي وعربي وبخاصة موقف الكويت المخزي والمهين ،  حتى وصل هذا الموقف المخزي بالاستهانة  بتلك الدماء الزكية التي سفحت في جميع أرجاء محافظات وربوع سورية ، نتيجة القمع والعسف من قبل النظام البوليسي الفاشي ،  بالمقارنة مع هذا الموقف المشرف من قبل الشعوب العربية وعلى رأسها شعب الكويت أيضا ، الذي تجلى في ذلك الموقف الرائع عندما أعلن كوكبة من نواب الكويت الأحرار تأييدهم للشباب السوري الثائر، وزاروا مؤتمر المعارضة في أنطاليا لإعلان دعمهم للثورة السورية ضد الظلم والاستبداد .

 لم يقف هذا الأمرعند خذلان الشعب السوري ومشاركة طغاة سورية في دعمهم لنظام يعتمد سياسة القتل ونهج القمع مع الإعتقال والإذلال والإهانة ... وإنما قدموا المساعدات المادية تحت مسمى قرض ، بقيمة ثلاثين مليون دينار كويتي  ( يعادل مليون دولار أمريكي ) ، كما انعكس ذلك الموقف السلبي المخزي على الشعب الكويتي ورجاله الشرفاء و الأحرار، من علماء ومثقفين وإعلاميين ودعاة  ونواب ، فامتدت يد الحكومة لكتم أصوات الأحرار والشرفاء ، وإخراس كلمات الحق ، وتطبيق العقوبات بحق أبناء شعبها الشرفاء من المثقفين الأحرار والدعاة المخلصين الذين انتصروا للمستضعفين  والمظلومين في سورية ، وفضحوا عورات المستبدين الفاسدين وكشفوا سوءاتهم القبيحة .

إن السكوت عن الظالم جبن وتخاذل ، والإصطفاف مع المستبد والإنحياز ضد المظلوم خيانة وتآمر على الشعب السوري ، الذي يتجرع كؤوس المرارة من نظام قمعي مجرم ، وبدلا من انتظارالشعب السوري مواقف الدعم والتأييد والانتصار من إخوانه وأشقائه العرب متوقعا منهم مواقف الرجولة والشهامة والمروءة العربية ، بدلا من كل هذا يفاجأ بمواقف الخيانة والتآمر، من زمر يمثلون نهج الأعراب الغلاظ الجفاة ، الذين لا يقرون معروفا ولا ينكرون منكرا ، بل ينكرون  المعروف ويؤازرون المنكر وأعوانه ، ضد ثورة الشعب السوري السلمية ومطالبه العادلة .  

لقد انعكس الموقف المتآمر والمتخاذل ضد الشعب السوري وثورته ليطول أبناء الشعب الكويتي ويفرض عليه الصمت التعسفي ، إمعانا في مساندة الطغاة والمستبدين ، وتأكيدا على الاستخفاف بالجماهير والشعوب العربية أينما كانت في سورية أو الكويت أو غيرها .

هل تظن الكويت وبعض أخواتها أن يتم مقايضة القضية السورية مع قضية البحرين من قبل ولاة بشار في قم وطهران ؟

 إن كانوا يظنون ذلك فهم واهمون ، لأنهم لم يفهموا بعد طبيعة النظام السوري وأسياده في طهران وسياساتهم المبنية على المكر والخداع ، كما لم يفهموا طبيعة الشعب السوري الذي قرر أن ينال حريته بنفسه ، وخرح يتحدى آلة القمع والموت الأسدية بصدور عارية وهامات مرفوعة ، ولو تخلى عنه العالم بأجمعه ، أو انحازوا ضده ووقفوا مع الطاغوت الظالم والمستبد .

إن سورية هي الحلقة الأخيرة في الهلال الشيعي الذي سيبدأ بعده تحويل دول الخليج العربي إلى محافظات إيرانية تضم إلى دولة فارس الصفوية  المجوسية ، وإن كسر هذه الحلقة وتفتيت هذا الحلف الشيطاني هو الكفيل بتحجيم دولة فارس ، وإيقاف مدها الصفوي وكسر شوكتها وتبديد دويلاتها وكونتوناتها في جنوب لبنان أو شمال اليمن ، وتحرير الجزر العربية الإماراتية المحتلة ، ودولة عربستان الأحواز المحتلة من خمس وثمانين عاما .

لا أظن أحدا في دول الخليج لا يعلم عن هذه الأطماع ولم يكتو بنارها ، أوتقرع مسامعه تهديدات إيران كل يوم ، وما شبكة التجسس الإيرانية التي كشفت مؤخرا في الكويت  ... وقبلها شبكة التجسس السورية ... وشبكة حزب الله إلا مؤشر بسيط ، وتدخل إيران السافر في أحداث البحرين عبرة لدول الخليج  العربي  وكشف أطماعها وفضح سياساتها العدوانية والتوسعية .

إن دول الخليج جميعها بحاجة إلى موقف وطني وعربي موحد وحازم ، يمحو هذا الصمت المخزي ، ويكسر حاجز الخوف ، ويعلن دعم الثورة السورية ومطالبها العادلة ضد هذا النظام القمعي الفاسد في دمشق ، لتحجيم إيران وإفشال  سياستها التوسعية والطائفية في الخليج العربي ، وإبطال مخططاتها المشبوهة ضد العرب والمسلمين عامة والخليج خاصة ...  وإلا فلن ينفع الندم ولات حين مندم ... عندما يؤكل الثور الأبيض ! .