النظام الأسدي الفارسي

عبيد الله شدهان

سليمان الوحش :

 في ص ( 13  ) من كتاب باترك سل عن الأسد يؤكد أن سليمان جد حافظ الأسد ، لايعرف له لقب ، ولايعرف سوى اسمه الشخصي ( سليمان ) ثم منحه أهالي القرداحة ، لقب ( الوحش ) عندما تغلب على المصارع التركي ...مامعنى ذلك ، بكل تأكيد معناه أن حافظ الأسد ليس من أبناء القرداحة ، لأن جده وافد على القرداحة ، ولا أملك الدليل لكن الحدس يدفعني إلى أنه ليس عربياً ...... وبدأت أسمع هذه الأيام أن هذه الأسرة الفارسية جاءت من إيران ، إلى شمال العراق في سنجار ، ثم انتقلت بعد ذلك إلى جنوب غرب تركيا ، ثم وصل سليمان إلى القرداحة ....وبقي ينادى باسم سليمان فقط ، دون أن يعرف أحد لقباً له ، حتى حصل على لقب وحش من حلبة المصارعة ....

ولايهمني حسبه ، كما يهمني فعله ، وسنرى أن أفعاله وآماله تصب في حوض الفرس الصفويين بشكل سافر ...

الأسد حليف لشاه إيران :

واللافت للنظر ، بل المحير أن حافظ الأسد كان حليفاً لشاه إيران ، ثم صار حليفاً للثورة الاسلامية الايرانية الخمينية ... فماذا يجمع الشاه والخميني  غير الفارسية الصفوية !!؟  ولذلك كان حافظ الأسد معهما علناً وجهاراً غير مهتم بما يطرح من شعارات القومية العربية التي يرددها الغوغاء دون تفكر ... ومازال ولده الأسد الصغير حليفاً مخلصاً للفرس في إيران كما يتضح اليوم ...

يقول الأخ ( محمد عبد الله النواوي ) جزاه الله خيراً كثيراً وحفظه في كتابه مؤامرة الدويلات الطائفية ، وفي ص ( 371) مايلي :

( عندما اندلعت الحرب العراقية الايرانية ، نتيجة لأطماع إيران التوسعية ، وتصدير الثورة ، سارع نظام أسد إلى تقديم الخبراء العسكريين ، والأسلحة ، إلى  نظام خميني ، واستغربت دول الخليج ذلك ، ...ومازاد ذلك حافظ أسد إلا إصراراً على تأييد إيران ... واستغرب أهل الخليج !!؟ كيف سوريا الداعية إلى القومية العربية ، والقومية العربية تفضل العربي الصليبي على المسلم غير العربي ، كما أن نظام أسد ينادي بالاشتراكية والعلمانية ، والنظامان السوري والعراقي بعثيان ، وخلافهما خلاف شخصي بين حافظ وصدام ( كما يقال ) ... أما إيران الخميني فإنها تدعو إلى تحرير العراق من طغيان حزب البعث ، وتندد بالقومية العربية ، والعلمانية ، ومع هذا فلها مع نظام أسد أوثق العلاقات ....

والأغرب من ذلك كان لحافظ الأسد علاقات مع (شاه إيران ) ، وعقد معه اتفاقات اقتصادية وثقافية ، وكان يتدارس معه الوضع في لبنان ، وما واجب سوريا هناك .. .

فكيف نفسر علاقاته مع شاه إيران ، ثم مع الخميني ، وماذا يجمع الشاه مع الخميني !!؟ من الواضح أن القومية الفارسية هي القاسم المشترك الوحيد بين الشاه والخميني وهذا هو سر تحالف أسد مع كل منهما ...

الأسد مع إيران ضد العراق :

كنت بعيداً عن سوريا ، مواظباً على مطالعة الصحف السورية ، إبان الثورة الإيرانية ، وكنت مندهشاً ومتحيراً من تأييد النظام العلماني البعثي القومي العربي السوري للثورة الإسلامية الإيرانية كما تسمى ،وكانت هذه الأخيرة في بدايتها تطرح طرحاً إسلامياً صرفاً ، حتى كسبت تأييد الحركات الإسلامية في العالم فكيف تؤيد الصحف البعثية السورية ثورة تقول أنها ( إسلامية غير مذهبية )، وكانت الصحف السورية البعثية تنشر أخبار الثورة الإسلامية الإيرانية يومياً بروح إيجابية مؤيدة لها على صفحات الجرائد السورية ، وكان ذلك لغزاً محيراً لي ، يومذاك ، فالبعث السوري يقتل شباب الحركة الإسلامية وهم عدوه الأول ، ويقف مع الثورة الإيرانية الإسلامية ، إنها قضية محيرة ، لاتفهم إلا على مبدأ [غمز على اليسار واذهب على اليمين] . والقومية الصفوية الفارسية فوق الكل ، وقومية حافظ الأسد واجهة للتمثيل ، كما أن إسلامية الخميني واجهة للتمثيل فقط ...

 ثم انفجرت الحرب العراقية الإيرانية أواخر عام (1980م )، والعداء مستعر بين النظام البعثي السوري والنظام البعثي العراقي،ولم يخطر في ذهن عربي يومذاك أن سوريا البعثية القومية العربية العلمانية ؛ ستقف إلى جانب إيران الفرس  ( الثورة الإسلامية ) ضد عراق العرب البعثي القومي العلماني ، ووقفت جميع الدول العربية إلى جانب العراق، وفتحت دول الخليج العربي خزائن أموالها للعراق، وقدمت أموالاً طائلة له لأنها اعتبرته يدافع عن البوابة الشرقية للعالم العربي ، وأنه يقف في وجه الخميني الذي نادى صراحة وعلناُ بتصدير الثورة الإيرانية . أي بزحف التشيع على الدول العربية السنية ...

إذن كان العراق يعلن ويكرر أنه يحمي بوابة العرب الشرقية، وكانت إيران تطمح إلى مد الثورة الشيعية إلى العراق، ونصفه من الشيعة ، وفيه حزب شيعي قوي هو حزب الدعوة ، وإقامة تحالف مع نظام الأقلية في سوريا، ومساعدة الشيعة في لبنان على استلام الحكم ، وهكذا تطوق إيران دول الخليج العربي عامة ، والسعودية خاصة، عدوها اللدود الأول ، وبلد الحرمين الشريفين ، قبلة المسلمين في العالم، وقدم النظام السوري لإيران التسهيلات التالية :

1  منعت العراق من تصدير نفطه عن طريق خط الأنابيب المار في سوريا ، وحرمت الشعب السوري من (650 ) مليون دولار سنويا ًكانت تعود على سوريا من خط النفط العراقي . ومازال موقفاً حتى سنوات طويلة [ أعتقد حتى وفاة حافظ الأسد أو قبلها بقليل ]، وكانت هذه الخطوة أول رصاصة في قلب الاقتصاد السوري ، وضربة كبيرة للاقتصاد العراقي البعثي ، حيث بدأ انهيار الليرة السورية بعد ذلك بعام واحد .

2  سمحت للطائرات الإيرانية بالهبوط في المطارات السورية في البادية السورية ، كي تتزود بالوقود ، لتعود إلى قصف العراق الشقيق في طريق عودتها إلى إيران .وهكذا تتزود الطائرات الإيرانية بالوقود والصواريخ من إيران فتقصف العراق الشقيق البعثي ، وتهبط في المطارات السورية على حدود العراق كي تتزود ثانية ثم تقصف العراق في طريق عودتها إلى إيران .

3 اشترت سوريا النفط الإيراني المنقول بالناقلات محاولة لتعويض حصتها من النفط العراقي . وتشجيعاً للاقتصاد الإيراني إبان الحرب .

4  استوردت الأسلحة من دول غربية على اسمها لصالح إيران ، عندما تظاهرت الدول الغربية أنها فرضت حظراً على مبيعات السلاح لإيران .بتحريض من السوفيات أنفسهم ( انظر باترك سل : فصل التحالف مع إيران )  .

5 أرسلت ضباط أمن ووحدات خاصة لتدريب القوات الإيرانية ، ومساعدتها في جبهات القتال، وشهد بعض أفراد الإخوان المسلمين الثقات الذين كانوا في بغداد ، وزاروا جبهات القتال ، أنهم شاهدوا الضباط السوريين الأسرى الذين كانوا يقاتلون أو يدربون الإيرانيين وقد أسر بعضهم في الحرب  .

6 سهلت وصول الشيعة الخليجيين إلى سوريا ومنها إلى إيران للتدرب على الأعمال العسكرية وعمليات التخريب . ومنحتهم جوازات سفر سورية لهذا الغرض .

وهكذا تناسى حافظ الأسد أنه يجبر طلاب المدارس في سوريا على أن يهتفوا صباح كل يوم ( أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) أهدافنا ( وحدة حرية اشتراكية ) ، فأين هذه الأمة العربية الواحدة عندما وقف مع الفرس ضد العرب ، وأين الوحدة ؟ بعد أن شرذم سوريا إلى طوائف يحقد بعضها على الآخر . وزرع بين الدول العربية أسافين الكره والبغضاء إلى أجل غير مسمى . وأين الوحدة إذا وقف مع فرس إيران ضد بعثيي العراق !!!؟

الأسد الصغير يتخلى عن العرب علناً ويقف مع إيران :

وإذا كان الأسد الكبير كان يفعل ذلك في الخفاء ، ويبتز أموال الخليج ، فاليوم كما اتضح من نتائج الحرب السادسة (2006) ، يتخلى الأسد الصغير عن العرب كافة ، يتخلى عن دول الخليج التي دفعت لوالده وله عشرات المليارات من الدولارات ، والتي دعمت حكمه وحكم أبيه كلما هزته العواصف ... يتخلى عنها لصالح الانضمام إلى المعسكر الايراني الفارسي ...

 سوريا  اليوم تفتح على مصراعيها للفرس :

أكثر من (500) حسينية تبنى في سوريا ، وقيل في دمشق فقط ، وصار تحول المسلمين السنة في محافظات الرقة وحلب على قدم وساق ، ومنح النظام السوري ، الجنسية السورية لعشرات الألوف من الفرس الإيرانيين ، في حين يحجبها عن المواطنين الأكراد السوريين منذ اربعين سنة ...

ويتضامن الأسد الصغير مع الفرس ضد عرب الأهواز ( مع أنهم شيعة ) ، ولكن الفرس يضطهدونهم ، وقد نشرت الصحف خلال الشهر الماضي أن النظام السوري سّلم حكومة طهران عدداً من ( الأهوازيين ) المعارضين للنظام الإيراني ، مع أنه يعرف أن مصيرهم الإعدام ....

لقد سبق أن باع الأسد الكبير الجولان ليحفظ الصهاينة والأمريكان له كرسي الحكم في دمشق ، واليوم يبيع الأسد الصغير سوريا كلها ، يبيعها للفرس  يبيعها شعباً وأرضاً حاضراً ومستقبلاً ، يبيعها بثمن بخس ، دراهم معدودة ، أملاً في تخلص رقبته من حبل المشنقة بسبب جريمته في اغتيال رفيق الحريري ...

أين أنتم أيها البعثيون الشرفاء ؟

فأين أنتم أيها البعثيون الشرفاء !!!؟ الذين بحت حناجركم وأنتم تهتفون [ أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ] ، أين أنتم يامن تعملون من أجل القيم العربية ، والنخوة العربية ، والأخلاق العربية ، أين أنتم يا أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة وخالد وعمرو وسعد ....إلخ ... أين أنتم !!؟ هل يهمكم أمر أمتكم العربية !!؟ هل ترضون أن تباع سوريا عاصمة الأمويين ، قلب العروبة النابض ، أن تباع للفرس !!!؟ هبوا أيها البعثيون ، ولتكونوا إعصاراً يدمر النظام الأسدي الفارسي ، ويعيد سوريا إلى عروبتها ...

وأين أنتم أيها العرب ؟

وأين أنتم أيها العرب !!؟ ماذا تنتظرون !!؟ هل تذكرون كيف ذبحوا الحجاج حول الكعبة ، ورموهم في بئر زمزم !!! أيها العرب الهلال الشيعي أمامكم ، والشرق الأوسط الفارسي وراءكم ، ومازلتم تأملون خيراً في النظام الأسدي !!؟ أيها العرب ، مالكم سوى الالتفاف حول العرب السنة في سوريا  بعد أن أضعتم العراق ، وكسبها الفرس منكم ، عليكم الالتفاف حول العرب في سوريا ، والتحالف معهم ،  ودعمهم مادياً ومعنوياً ؛ لكسر الهلال الشيعي قبل أن يتصلب ويقوى عوده ...اللهم قد بلغت ... اللهم فاشهد ....