بائع الجولان

عبيد الله شدهان

صحيح أن من شهد حرب ( 67 ) يؤكد أنها كانت مسرحية استلام وتسليم ، وقد أكرمني الله بأن أديت خدمتي العسكرية ضابطاً عام (70- 72) وقابلت كثيراً من الضباط وضباط الصف الذين شاركوا في الحرب ، كما أنني تجولت في الجبهة السورية على قطاع الفرقة الخامسة كلها ، حيث كان عملي يتطلب ذلك ، وشاهدت الأماكن التي يتحدث عنها هؤلاء العسكريون ...وأنصح بقراءة رواية ( دم سقى الجولان ) التي صدرت هذا العام وموجودة في دار عمار في عمان ، وخلاصتها كيف كانت مسرحية الحرب ...

روى لي أخ سوري عن أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من اللاذقية ( أبو بدر يرحمه الله ) أنه اجتمع مع محمد رباح الطويل في سجن المزة بعد حرب (67) بسنوات ، بعد أن اعتقل محمد رباح الطويل ( وزير الداخلية ) وأودع في المزة . وكلاهما كانا زملاء في المرحلة الثانوية ، قال الطويل يوصي زميله الإخواني أن يسلم على أمه عندما يخرج من السجن ، ويطمنها عن صحته ، فقال له الإخواني : عجباً منك كيف تفكر !! هل تتوقع أن أخرج قبلك من السجن ، وأنت بعثي ، ووزير ، ومن زملاء حافظ الأسد !!!؟ قال محمد رباح الطويل : نعم أنت سوف تخرج قبلي ، وأنا لن أخرج من السجن إلا إلى القبر ، فأنا أحد شهود جريمة العصر ، ولن يسمح لي بالعيش ، سوف يقتلني حافظ الأسد ، لأنني شاهد على جريمة العصر !!! فقال الإخواني : ماهي جريمة العصر ؟ فقال محمد رباح الطويل : في عام ( 66) جاء إلى دمشق وفد من اليهود الأمريكيين ، يطلب من القيادة القطرية لحزب البعث تأجير الجولان لهم ، وكان جواب القيادة القطرية الرفض ، فعاد الوفد إلى بيروت ليتابع سفره من هناك ، وفي بيروت لحقهم حافظ الأسد ( وزير الدفاع ) وكان قد عين وزيراً للدفاع بعد شباط (1966) وعقد معهم الصفقة ، وتعهد لهم بذلك .

انتهى كلام الطويل ... وأذكر بكلمة سامي الجندي ( وهو من كبار البعثيين الشرفاء  الذي سلم منصب وزير الإعلام عام 1963 ، ثم غضبوا عليه وجعلوه سفيراً في باريز ) يقول سامي الجندي وله عدة كتب هامة جداً : (( إن بلاغ سقوط القنيطرة تحار في فهمه العقول )) . وينتبه إلى أن حافظ الأسد في عام (1997) أي بعد ثلاثين سنة على ضياع الجولان أو تأجير الجولان ، اجتمع مع كلينتون في جنيف وأكدت وسائل الإعلام على محادثات سرية بينهما ( ثنائية ) لم يحضر غيرهما .. وقد اجتهدت وسائل الإعلام بأن حافظ طلب جلاء اليهود عن الجولان بعد انقضاء مدة التأجير ( 30) سنة ، ولكن اليهود أخبروه بواسطة ( كلينتون ) أنهم وفوا شرطهم وهو تثبيت حكمه في سوريا ، واليوم يطلبون تمديد العقد إلى أجل غير مسمى ليثبتوا حكم ولده بشار من بعده !!!! والله أعلم ... والعرب في نومهم يشخرون ...