نظم تغني عن غيرها ولا يغني غيرها عنها

زغلول عبد الحليم

يظن الكثير من الناس أن الإسلام كدين بدأ مع بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، خطأ شائع، اتسعت دائرته فشمل ضمن ما شمل بعض أصحاب الأقلام وأصحاب القلادات والقلاطات كما يقولون، وهو أمر نتج عنه حدوث شرخ هائل في الاعتقاد تمثل في أن رسالة الإسلام عمرها حوالي 14 قرن من الزمان بحسب أن القرن مئة سنة !! والحقيقة الواضحة أن القرآن الكريم وهو مصدر معرفتنا الأول يرجع بداية الأمة المسلمة إلى زمن خلق آدم مسلما موحدا، أي أن تاريخ هذه الأمة الكبيرة لا يبدأ فقط ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم.

إن التاريخ الإسلامي، تاريخ الإسلام كدين يبدأ منذ ملايين السنين قبل أن يخلق، ليس محمد صلى الله عليه وسلم فحسب ولكن قبل أن يخلق آدم عليه السلام بسنوات لا يعلم عددها إلا الله عز وجل.

يترتب على ذلك نتيجة هامة وهي:

إن ما بين أيدينا من مناهج ومصادر تاريخية تناولت في غير إنصاف قصة الخلق كما وردت في القرآن الكريم الذي هو مع السنة النبوية الشريفة مصدر معرفتنا، أقول أن التناول غير المنصف لقصة لخلق أدخلنا في متاهة لا نهاية لها لتسليمنا بأن ثقافتنا مقطوعة الصلة بالعقيدة وهو أمر واضح للعيان، لقد اكتفينا من عقيدتنا بشعيرة الصلاة التي تؤدي أيضا بشكل يسيء إلى قدسيتها في معظم الأحوال.

إن وجود مصادر أخرى للمعرفة بخلاف القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هو جذر البلاء وقد تمكنت جهات كثيرة خارجية وداخلية من إفساد منظومة المعرفة التي هي أصلا إسلامية فلا توجد معرفة غير إسلامية والقول بوجودها نوع من الافتراء على الله لأنه سبحانه علم آدم الأسماء كلها (واتقوا الله يعلمكم الله) قرآن كريم.

ولكن البعض يرون أن المعرفة الدينية هي الصلاة وغيرها من الشعائر وأن الشرائع الدينية لا تساير العصر الحديث خاصة القصاص !! عقول لا تعي.

ورد على موقع (أخبار مصر) 26/9/2013 ما يلي:

قالت صحيفة النهار اللبنانية، إن الأردن رفض دخول الفتاة البولونية آنيا ليوسكا إلى أراضيه ضمن جولتها الماراثونية من أجل ممارسة الجنس مع 100 ألف رجل خلال حياتها.

وأوضحت الصحيفة، أن الحكومة العراقية سمحت لليوسكا بدخول أراضيها لمدة خمسة أيام فقط برفقة طاقم الشركة المنظمة، وأن شركة "إرم" المستضيفة لهذه البولونية في المنطقة العربية تقدمت بطلب تأشيرة الدخول الرسمية من خلال السفارة العراقية في القاهرة.

وتحدثت تقارير عن تكفل شركة أمنية عالمية حماية ليوسكا لأنها متخوفة من الأوضاع هناك، ما قد يؤدي إلى تقييد حركتها، فيما رفضت الأردن والسعودية وتونس واليمن دخولها.

انظر إلى ما يشغل الأمة وتأمل وحاول أن تسأل نفسك هذا السؤال: هل هناك إفساد لمنظومة القيم في بلدنا أكثر من هذا؟ (فن) ناضج للغاية، فن كما أراده ماركس في قولته الشهيرة "ألهوهم بالدعارة" وأطلقوا عليها فنا !!

قال كبير الكهنة وهو يستقبل صبيانه ذات يوم: "إن التكنولوجيا الحديثة جعلت من أقدس كتاب ديني مجرد أوراق صفراء محفوظة في المتاحف"

والحقيقة أن المتاحف تنتظر الكثير والقبور أيضا. إفساد منظومة القيم هو المدخل الرئيسي لإسقاط الأمة.

قلنا قبل قليل أن جذر البلاء هو تمكن جهات متعددة من إفساد منظومة القيم في نفوس الناس فظهر قطاع كبير من الأمة يتخلق بمفاهيم لا علاقة لها بالمفاهيم العقدية من قريب أو بعيد في كل النشاطات الإنسانية، المال، الاقتصاد، الاجتماع، السياسية، … الخ. واحتلت النظريات التي تؤسس للمفاهيم المضللة أدمغة الناس فترى من بتكلم عن نظريات فرويد في علم النفس، ودوركايم في الاجتماع، ودارون في التطور، وماركس ونيشته … وكل من ذكرهم (سلامة موسى) في كتابه (هؤلاء علموني) !!

ومن هنا استطاعت (الثقافة) الوافدة التي لا تمثلنا على الإطلاق أن تعزو عقولنا بعد أن تم تفريغها تماما لاستقبال (ثقافة) ميتة !!

فبعدنا كثيرا عن المرتكزات التي يقوم عليها الفكر الإسلامي الذي هو أساسه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

لا علاقة لمصادر فكرنا بأي مصادر أخرى فمثلا مفهوم السياسة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مختلف تماما الاختلاف عن مفهوم السياسية في الفكر الغربي القائم على المفاهيم النصرانية / اليهودية، وكما علمنا الدكتور عبد الوهاب المسيري أنه لا يمكن لأي عمل من الأعمال إلا أن يكون له قاعدة فكرية يرتكز عليها وألا يكون فاقدا للخصوصية.

خصوصية أمتنا الإسلامية قاعدتها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وقاعدة الأمم الأخرى هي بلا شك ما تدين به عقائد تقوم عليها ديانتها على النحو الذي يحقق إرادتها.

إن خلط الحق بالباطل أمر عظيم، ووضع المفاهيم المضللة في طريق الأمة لتعويق نهضتها جناية كبرى وخيانة عظمى للأمانة التي قبل الإنسان أن يحملها.

ليس هناك مصادر للأحكام النقلية بخلاف القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، والذي أفهمه أن كل نشاطات الإنسان في الأمة المسلمة محكومة بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وأزعم أنه لا يحق لمسلم أن يتحاكم إلى غيرها.

ويقول الفقيه سيد سابق في هذا الشأن: "والإسلام منظومة تتناول شئون الحياة جميعا، عبادي، أسري، اجتماعي، مدني، جنائي، اقتصادي، إداري، سياسي" وهذه المنظومة مأخوذة من الكتاب والسنة، وأعمال الخلفاء الراشدين كما أنها مستنبطة بواسطة الأئمة المجتهدين أيضا تغني عن غيرها ولا يغني غيرها عنها.

نعم، لا يغني غيرها عنها أي منظومة أخرى غربية كانت أو شرقية حتى ولو قامت عليها أمم أخرى فهي لا تصلح لأمتنا المحكومة بمنظومة مصدرها القرآن والسنة المطهرة.

لا علاقة لنا بأفكار فرويد، ماركس، دارون، سارتر، نيتشة، … الخ من ضمنهم كتاب (هؤلاء علموني) للأستاذ (سلامة موسى) فالعلم عندنا مصدره القرآن الكريم والسنة النبوية هما مصدرا الأحكام النقلية ولا مصدر آخر غيرهما وما على الإنسان إلا أن يضع المنظومة الإسلامية في مقارنة مع ما أنتجه الغرب أو الشرق ليرى الفرق الواضح.

حضارة متفوقة خاصة في الجانب الروحي وما علينا إلا أن ندرس الأسباب التي أضعفت نشاطها لمعرفة كيفية العودة إلى إحياء هذه الحضارة من جديد.

من أصدق الكلمات التي قالها الشاعر الباكستاني العظيم محمد إقبال:

الدين بغير قوة فلسفة محضة

إن الدين بغير قوة مجرد فكرة مضيئة قلما نعيرها اهتماما إن اجل ما يشغل الناس إنما هو الخبز وتوفير شهوات الجسد، أما الاهتمام بالإيمان، والحق، والمثل والقيم، فما أشد انصرافهم عنها، بل ما أشد خصومتهم لها.

ومن ثم، فقد كان من الضروري أن نكون للدين قوة تحميه وللحقائق الإلهية سياج يحميها.

ولولا هذه القوة، وهذا السياج ما بقيت كلمة الله، ولذهبت معالم هدايته، قال تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]

والإسلام لا يتجاهل الواقع ويقف أمامه مكتوف الأيدي لذا فهو يوجه أتباعه إلى هذه الحقيقة، وأنه لا قيام له إلا إن كان له سند من الحديد الذي هو رمز القوة، قال تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25]

ورسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ المصحف بيد والسيف بيد وقال (بعثت بهذا، وبهذا أقوم من عدل عن هذا) والإسلام مع توجيه أتباعه إلى الأخذ بالقوة، فإنه قد زودهم بعناصرها حتى يبقي كيانهم مصونا، وكي يستطيعوا أن يقوموا برسالتهم الإنسانية التي انتدبهم الله لها، ليكونوا جديرين بشرف الوراثة للرسول الكريم واحقاء بالاستخلاف في الأرض، وتبليغ كلمة الله، وهدايته إلى الناس وقد أوضح الفقيه سيد سابق عناصر القوة فيما يلي (قوة العقيدة – قوة الخلق – قوة العلم – قوة الاقتصاد – قوة التماسك الاجتماعي – قوة الجهاد)

إن سيادة الأمة وقيادتها منوطة بتوفر هذه القوى مجتمعة وكانت هذه القوى هي العامل الأساسي في نجاح هذه الأمة في أول دور من ادوار حياتها التاريخية، فما كادت تجتمع لها في هذه العناصر حتى آل إليها ميراث الأرض ووضع في يدها قيادة الأمم ووكل إليها إخراج الناس من عبادة الأوثان إلى عبادة الله وحده، ومن جور الحكام إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومازالت كذلك حتى غيرت ما بنفسها وأخلفت ما عاهدت الله عليه فغير الله ما بها وطبق عليها سنته في الاجتماع البشري.

وكان العامل في هذا التعبير – في نظر المصلحين – هو التنازع على الحكم والسلطان، والتعصب للجنس والنسب والاختلاف في أصول الدين وفروعه، وإرجاف المرجفين، ووسائس المستعمرين والابتعاد عن روح الإسلام والتعلق بالشكل دون الحقيقة والجوهر وقد أثرت هذه العوامل مجتمعه في كيان الأمة وحيويتها وأضعفت من دورها الحضاري وكانت وطأة الاستعمار شديدة وقاسية فقد:

1.       شككها في دينها

2.       غير من أخلاقها

3.       شوه حضارتها

4.       أعطى لنفسه القوامة على حكمها وتشريعها وعلى علمها وفنونها وعلى ثرواتها واقتصادها

5.       وتمكن من السيطرة على جيشها وقوتها العسكرية ونجح في تمزيق الكيان الإسلامي إلى طوائف وشيع وأحزاب وفرق.

وعلى أثر هذه الضربات الموجعة بدأت الأمة تستيقظ من نومها وتسترد وعيها وهي إن لم تبلغ الغاية بعد إلا أنها مصممة على بلوغها مهما بذلت من تضحيات.

وعلينا أن نبدأ ب‍:

تغيير جوهري في نفوسنا وأخلاقنا وأن يكون ذلك التغيير عاما وشاملا بالنسبة للعامة والخاصة ويكون على أساس مدروس وخطة محكمة لكي نتقي أسباب الانحلال والضعف من جهة، ونأخذ بأسباب القوة من جهة أخرى.

وأسباب القوة ليست في فوضى الأخلاق ولا في التحلل من الآداب ولا في التشكيك في المثل والقيم ولا في تقليد الشرق أو الغرب ولا في استيراد المبادئ من هنا أو هناك.

صحيح أن الإسلام لم يذكر المصطلحات الحديثة ولا هذه الألفاظ التي يدينون بها كثيرين من المعاصرين.

ولكن هل قيمة الشيء في تسميته، أو أن له قيمة ذاتية مستقلة ……؟

إن الأسماء لا تغير من الواقع شيئا … إنها لا تجعل الحقيقة كالحة إذا كانت مضيئة ولا تغض من قيمتها إذا كانت ذات قيمة.

إن الإسلام قوة في ذاته، ولكن المنتسبين إليه هم الذين تسرب الضعف إلى نفوسهم بانحرافهم عنه، فشوهوا جماله، وحجبوا نوره، وكانوا حجة لأعدائه ودليلا في يد خصومه وقدآن للمسلمين أن:

1.       يفقهوا الإسلام.

2.       ويعوا ما فيه

3.       ويتمثلوه في كل ناحية.

4.       ويجسدونه بالعلم والعمل.

القضية كبيرة ومعتقدة ولا محل فيها للمزاح واللعب، لن تكون لنا خارطة إلا بفعلنا الخاص كما يقول أستاذنا الدكتور عماد الدين خيل متعه الله بالصحة وطول العمر والحقيقة أننا في هذه الرسالة نهتم بالأساس بمناقشة موضوع المنظومة السياسية كعنصر من عناصر الإسلام.

الإسلام منظومة تقوم على قوة الخلق حتى كتب العلامة محمد عبد الله دراز كتابه العظيم بهذا الاسم (دستور الأخلاق في القرآن).

ولأن الإسلام منظومة متكاملة فهو يتناول كل شئون الحياة جميعا العبادي، الأسري، الاجتماعي، الجنائي، المدني، الإداري، السياسي، منظومة قائمة على الخلق بصفة أساسية ولا يمكن أن تكون غير ذلك مطلقا والحديث عن هذه المنظومة بعيدا عن الخلق حديث خرافة حيث أنه يتعلق بمنظومة غيرها تماما.

وبعد هذا المدخل سنتعرض لما يلي:

أولا:       مسألة رفض المرجعية الدينية الإسلامية.

ثانيا:      مسألة الاكتفاء بالشعائر واستبعاد الشرائع.

ثالثا:      هل المشكلة هي رفض الأمة لعقيدتها أم دفعها لرفض عقيدتها.

أولا: مسألة رفض المرجعية الدينية الإسلامية.

مقولة المرجعية المسيحية بدليل وجود الحزب المسيحي الألماني مقبولة مرجعية "يهود" إلى كتبها مقبولة لكن من غير المقبول أن تكون للأمة مرجعيتها المستمدة والمستندة للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فهذا أمر خطير !! ومن المضحك أن يتداول الناس فكرة إذاعتها فقال (نهضوي تقدمي) أن ديننا غير دينهم !! المسيحية تسمح بقيام أحزاب على أساس ديني وكذا اليهودية أما نحن فلا لا مكان للمرجعية الإسلامية !! لن نناقش الأسباب فهي معلومة وواضحة وجلية ومناقشتها نوع من العبث والتسلية لسنا في حاجة إليهما.

نحن أمة لا يعترف دينها بالتسلية أو العبث أو الفوضى المفروض أننا أمه جادة في تناول كل أمر من أمورها لتحقيق الغاية من خلقنا كما أرادها الله للإنسان على العموم، إن رفض الإنسان تحقيق الغاية من وجوده خروج عن إرادة الله، سوف يُسأل عنها أمام الخالق تعاظم وارتفع.

لقد انحطت الأمة الإسلامية بخروجها عن منهج ربها وصارت في ذيل الأمم وليس هناك من الأسباب ما يرقى إلى عرضه أو مناقشته بخلاف هذا السبب، والمنهج معروف ومصادر فكرنا معروفة لنا ولغيرنا على الدقة.

إن مسلسل فصل الأمة عن خصائصها قائم ومتصل وفعال ولا يعبأ القائمون على تنفيذه بالوقت فهو في صالحهم وإنها حرب (قذرة) تنفذ منذ دخول نابليون مصر مهما أدعى رواد الانبهار خلاف ذلك.

لا لمنهج الله لا لشريعة الله (أي الأحكام المتصلة بالحياة) لا مانع من إقامة الشعائر في حدود !!! أعلن حديثا اليوم 5/10/2013 عن وقت خطبة الجمعة ألا تزيد عن 15 دقيقة !!

إلى أين نحن ذاهبون ؟ أو بتعبير (الدكتور أليف الدين الترابي) أيها المصريون .. إلى أين أنتم ذاهبون !! واكرر ما قاله الدكتور أليف ألف مرة.

لا إكراه في الدين، من يريد الكفر فله ما يشاء وليكفر من يكفر ولكن المحظور والممنوع أن يدعو إلى الإلحاد والزندقة في مجتمع مسلم هذا ما عرفناه وتعلمناه على يد العلماء الكبار، لأن الدعوة إلى الإلحاد دعوة خبيثة تجب مصادرتها، كما يقول الفقيه الكبير سيد سابق في كتابه (عناصر القوة في الإسلام)

المجتمع المصري مجتمع أغلبيته الكاسحة مسلمة تشكل حوالي 95% من مجموع السكان حسب آخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ومعنى رفض المرجعية الإسلامية للأمة أنها ضد عقيدتها ولا يمكن أن تكون المرجعية الإسلامية إلا كما بينها القرآن الكريم وكذا السنة النبوية المطهرة وهي أن الإسلام كل لا يتجزأ، ليس لنا أن نختار ماذا نقبل منه وماذا نترك لأننا في هذه الحالة لا نتعامل مع الإسلام وإنما بالتأكيد نكون قد أدرنا له ظهرنا فتحقق حلم رواد الانبهار !!

لا حياة لنا بدون العقيدة ولن نقوم من رقدتنا التي طالت إلا بتفعيلها في نفوس أبناء الأمة بعد تجليتها ونفض ما علاها من غبار.

وما استغربه تلك المقولة التي يسردها البعض بحظر قيام الأحزاب على أساس ديني !! مع إنه يوجد في ألمانيا الحزب المسيحي الألماني الذي كان (عبد الهادي هوفمان) سكرتيرا له قبل إسلامه !! وندعو لألمانيا أن تلحق بنا وتعدل دستورها !!

وأقول أيضا لماذا لا يوجد حزب يمثل الأقباط في مصر اسمه (الحزب المسيحي المصري) ليس هناك ما يمنع إطلاقا إلا الهوى والغرض الشخصي.

متى يتعلم (أهل السياسية) من الدول المتخلفة ؟..

ومتى تقدم مصلحة الأمة على مصلحة الفرد وإلا تداس كرامة الفرد أيضا الذي كرمه رب العزة فالإنسان مكرم مهما كانت عقيدته ولا يمكن للخلاف العقيدي أن يهدر كرامة الفرد في مجتمع يبحث عن إقامة العدل بين الناس.

المرجعية الإسلامية هي التي سوت بين اليهودي وأمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب عندما خاطب القاضي سيدنا علي بقوله:" تفضل يا أبا الحسن !! فقال للقاضي إعدل !

هذه هي المرجعية الإسلامية يا دعاة الانبهار !! لا أدري ما هذا الكم العظيم من الخوف من كلمة المرجعية الإسلامية ؟!

ثانيا: مسألة الاكتفاء بالشعائر واستبعاد الشرائع.

أقول أنها جريمة !! فمثلا كيف يتعامل المسلم بالربا وهو محرم !! فيأتي الرد: الاقتصاد يقوم عليه ولا يقوم إلا به !! مخالفة صريحة لمنهج الخالق تعاظم وارتفع.

روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا، قيل الناس كلها يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من لم يأكله ناله غباره"

تلك نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6)} [النجم: 3-6]

لقد تحققت تلك النبوءة ف عصرنا، قد صار الربا بلاء هذا العصر وظنه الناس عرفا حسنا لا تجوز مخالفته وأثر ذلك في تفكير الكثيرين حتى لو وجدنا بعض الذين يتسمون بسمة الدين يجيئون إلى النصوص القرآنية يخضعونها لذلك العرف الذي اشتهر وينسون أن الأديان حاكمة على الأعراف وليست بمحكومة  لها تتبعها تبعية الخاضع المحكوم.

إن تصفية الإسلام من الأحكام الشرعية التي تنظم حياة الناس لا يتبقي من الإسلام شيئا فهو بهذا خرج من حكم الحياة وهي عين المطلوب لدعاة المفاهيم الوضعية بكل ألوانها.

المهم إبعاد الأحكام الشرعية التي تنظم حياة الناس لا مانع من إقامة جميع الشعائر بعيدا عن الشرائع !! إنه الكفر - والعياذ بالله - وهو الإيمان ببعض الكتاب وترك البعض الآخر، إن الشعائر والشرائع تتداخل تماما ولا يمكن الفصل بينهما، أنت حينما تؤدي شعيرة الذبح (الأضحية) تؤديها بضوابط شرعية والضوابط هنا هي أحكام الشريعة، ولا يمكن أن تؤديها هكذا بلا ضوابط وإذا تمت بلا ضوابط فهي ليست أضحية !!

الأحكام الشرعية ليست حسب المزاج، قال تعالى {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]

لا مكان للفوضى في شرع الله الأضحية شعيرة وكيفية ذبحها شريعة، ولا يمكن الفصل بين الشرائع والشعائر إلا في العقول العاطلة.

يقول "سيدي عبد الكريم" الذي شاء الله أن يولد باسم روجيه دو باسكوية: "لا يخرج شيء عن نطاق القدرة الإلهية ولا يوجد بين المخلوقات من لا يسلم لله. لا يكفي التسليم لله حتى يكون المرء مسلما حقيقا.

ولكن الإنسان وحده يفعل ذلك بوعي وإرادة عندما يكون مسلما حقيقا، ولكنها ممارسة عملية يطيع فيها المسلم الله" من كتابه (إظهار الإسلام) ص 34. من منشورات دار الشروق مصر 1994 وقد ناقش (على عزت بيجوفيتش) رئيس دولة البوسنة والهرسك هذا الأمر في كتابه (الإسلام بين شرق وغرب) ترجمة محمد يوسف عدس.

نعم لا يخرج شيء عن نطاق القدرة الإلهية !! ولا يوجد من بين المخلوقات من لا يسلم لله ثم نجد أن الإنسان وحده هو الذي يفعل ذلك بوعي وإرادة عندما يكون مسلما.

إنه التمرد والطغيان !! يتمرد ويطغى وهو في وعيه وبكامل إرادته !! يريد فقط أن يقيم الشعائر وربما بعضها ويرفض الأحكام !! طغيان وتمرد !!

إن الفصل بين الشرائع والشعائر جريمة كبرى ومما يؤسف أن هذا الأمر يلاقى عند البعض من التأييد ما يستلفت النظر ويشد الانتباه ويجعلنا نسأل هذا السؤال ماذا حدث للعقل المسلم. ما هذا الانبهار الذي أصابنا ؟ ما هذه البلادة العقلية ؟

الانبهار ثم الانهيار … لا حول ولا قوة إلا بالله إن الاستغناء عن الخصائص الحضارية للأمة لا يعني إلا الذوبان وفقدان الخصوصية التي تمتعت بها الأمة منذ أن خلقها الله.

إن التجهيل بقصة خلق آدم مسلما مفطورا على الإسلام ونزوله إلى الأرض بشروط منها أنه قد أرتضى الإسلام دنيا له ولذريته من بعده، لقد أخذ الله عليهم العهد بذلك.

أي أن الأصل في المجتمع البشري الأول هو: الفطرة أي الإسلام لله وقد اقتضت رحمه الله أن يتعهد أبناء آدم بالرسل والأنبياء من آن لآخر ليردهم إلى ربهم الواحد ودينهم الواحد وهو الإسلام وذلك لما توعدهم الشيطان بالغواية والبعد عن منهج الله وكلف جميع الرسل برسالات موضوعها الدعوة إلى دين الإسلام من نوح عليه السلام ويتضح من ديانات كثيرة أن:

1.       1- ملة إبراهيم هي الإسلام

2.       2- وأن السفيه هو من يرغب عن ملة إبراهيم.

3.       3- وإن وصية إبراهيم ويعقوب لأبنائهما هي الإسلام الذي هو التوحيد أي عبادة الله وحده لا شريك له.

قال صلى الله عليه وسلم: "نحن معشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد وأمهاتنا شتى" حديث مشهور

والمقصود كما بين العلماء هو أن الشرائع وإن تنوعت في أوقاتها إلا أن الجميع أمر بعباده الله وحده لا شريك له وهو دين الإسلام الذي شرعه الله لجميع الأنبياء وهو الدين الذي لا يقبل الله غيره يوم القيامة بنص الآية الكريمة
{
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
[آل عمران: 85]

إذن قضية فصل الشرائع عن الشعائر والاكتفاء بالأخيرة أو بعض منها لا يقول بها إلا عاطل العقل أو سكران ولا نتجاوز !

والذي أفهمه في هذا الموضوع أن رسالات الأنبياء كانت من رحمة الله للعالمين لإرشادهم إلى الطريق القويم بعد الانحرافات التي أصابتهم ونسيانهم للحظوظ التي ذكروا بها وتعرضهم لغواية إبليس اللعين.

ثالثا: هل المشكلة هي رفض الأمة لعقيدتها أم دفعها لرفض عقيدتها.

والآن هل المشكلة هي رفض الأمة لشريعتها أم دفعها لرفض الشريعة؟ هي بلا شك مدفوعة لرفض الشريعة لأن القول بأن الأمة ترفض شريعة دينها قول متهافت لا يرقى للمناقشة، إن الباحث يرى أن مشكلة عنصر المنظومة السياسية في الإسلام هي أصل المشاكل كما يتصوره كل مخالف له.

قلنا أن الإسلام شامل ولا يوجد ما يطلق عليه الإسلام السياسي، فالإسلام منظومة متكاملة عبادي، أسري، اجتماعي، مدني، جنائي، اقتصادي، إداري، سياسي، الإسلام شامل متكامل.

يقول الفقيه سيد سابق: "لم يكتب علماءنا كتابة ذات غناء في هذا الباب خوفا من بطش الحكام المستبدين لأن ذلك يحد من سلطانهم وينتقص من سطوتهم" ص 194 من كتابه (عناصر القوة في الإسلام)

ولكن سيد سابق كتب يقول: "الإسلام دين ودولة، وعبادة وقيادة، ومصحف وسيف، ومن ثم فإن الحكم والسياسة جزء من تعاليم الإسلام وإقامة الحكومة فريضة على المسلمين إن هم أهملوها، أو قصروا فيها، أثموا بالإهمال أو التقصير، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاكما زمنيا بجانب كونه نبيا" ص 195 من كتابه سالف الذكر.

هذا ما يقوله الفقيه سيد سابق في موضوع أن الدولة جزء من الإسلام وإقامة الحكومة فريضة ولكن واقعنا المؤسف يخجل من ذكر هذا الأمر !! إنهم في بعض بلادنا الإسلامية يسخرون من لفظ الخلافة كما يسخرون من لفظ الإمامة مع أن الخلافة سميت خلافة لأن الحاكم خليفة عن النبي في أمته وسميت الإمامة إمامة لأن الناس يتبعون الإمام الحاكم كما يتبعون من يؤمهم في الصلاة، مصيبة كبرى حلت بالمسلمين، إنهم في غاية الخجل في دينهم !!

إن للإسلام منظومة لا قيام لها إلا في ظل دولة تحميها وحكومة ترعاها وتسهر عليها ولهذا جاء في تعريف الإمامة أنها عبارة عن: "حراسة دين الله، وسياسية دنيا الناس" أو الرياسة العامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ما هو الخطأ في هذا الأمر ؟!! يقولون أنه لا يناسب العصر !! تبا لهم وللعصر !!

الدولة جزء من الإسلام والحكم في الإسلام قائم على الشورى، والشورى هي لب الديمقراطية وأصلها (على خلاف) وإن أكمل سلطة هي ما استندت إلى إرادة الأمة كما قرر علماء القانون ولهذا فإن الإسلام أعطى الأمة ممثلة في أهل الحل والعقد من الرؤساء والعلماء والقادة وأهل الرأي حق اختيار الحكام كما أعطاهم حق عزله جريا على القاعدة القائلة:

بأن من يملك المسئولية ليستقيم الأمر، يملك العزل عند اعوجاجه

ليس هناك ثمة طريقة معينة وضعها الإسلام للشورى ولا لاختيار الحاكم لأن هذا الأمر يختلف باختلاف الزمان والمكان ويتطور حسب الظروف والأحوال.

ومن هنا نعلم، أنه ليس هناك طريقة معينة في اختيار الحاكم وإنما مرد ذلك إلى الأمة، ولها أن تختار من الوسائل ما يتناسب مع ظروفها وأحوالها بعد أن تتوفر الشورى كشرط أساسي وقد عمل الأمويون على تغيير هذا النظام بنقله إلى النظام الملكي المطلق ونظام الوارث مما لا يعرفه الإسلام ولا يقره.

إن الدولة في الإسلام ليست كغيرها من الدول فهي صاحبة رسالة ولها هدف ومن أهدافها (1) الدعوة إلى الإسلام (2) نشر تعاليمه العقائدية والعبادية (3) ومثله الأخلاقية والأدبية (4) وقيمه الاجتماعية والإنسانية، وعليه فواجب الدولة ينحصر في:

أولا: بذل المال وإنفاقه في نشر الدعوة وإعلانها

ثانيا: وضع خطة منظمة للدعوة واتخاذ الأساليب التي تضمن لها النجاح والتمكين في الأرض.

إن وظيفة الدولة في الإسلام وظيفة خطيرة بل هي أخطر الوظائف على الإطلاق كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها"

ننتهي إلى حق الحاكم كما يبينه لنا العلماء:

حق الحاكم السمع والطاعة في المعروف، فطاعته من طاعة الله ومعصيته من معصية الله، قال صلى الله عليه وسلم: "خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشر أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنوهم ويلعنوكم"

نعم إن وظيفة الدولة في الإسلام وظيفة خطيرة، لأن الحاكم مطالب بإقامة الأعمال النافعة والسعي في المصالح العامة والمشروعات التي تنهض بالأمة سواء كانت مادية أو أدبية، فتنشيط التجارة والصناعة والزراعة، وتنظيم اقتصادها وسائر ما يوفر للأمة الرفاهية والرخاء مما هو واجب عليه وكذلك العمل على تثقيف عقول الأفراد وتعليم الأمة وتربيتها بدنيا من الواجبات الضرورية.

ومن أهم وظائف الحكومة: توحيد الكلمة، جمع الشمل، توحيد كيان الأمة، وإيجاد رباط بين المسلمين وغير المسلمين من أبناء الأمة في مختلف الشئون كي تستطيع مواجهة الأحداث ورد عدوان المعتدين.

نعم إن الدولة في الإسلام ليست كغيرها من الدول، لذا لابد من منع قيام هذه الدولة في أي بقعة من الأرض وقد كان إسقاط دولة الخلافة الرابعة (العثمانية) 1924 أمرا مخطط له بدقة مع استغلال كل العومال المؤدية إلى تحقيق الغرض ولسنا هنا بصدد الحديث عن هذا الموضوع إنما الذي يعنينا قضية (الخوف من قيام الدولة الإسلامية) التي تخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن عبادة الناس إلى عبادة رب الناس.

في الدولة الإسلامية تختار الأمة الحاكم بالتصويت في الانتخابات أو الاستفتاء (لا مجال للتزوير مطلقا أو الدعاية السوداء) وإنه يستمد سلطانه من الأمة وهو وكيل عنها في (حراسة الدين وسياسة الدنيا) والأمة تراقب أعمال الحاكم وتنقدها وتبدي رأيها فيها وللنقد حدود لا يخرج عنها (حدي الحق والعدل) وليست الحرية كما اليوم !!

الخوف من قيام الدولة الإسلامية لأنها تقوم على (الحق والعدل) لا تحفر للإنسانية قبرها كما يقول "روجيه جارودي" رحمه الله "إنها دولة إنسانية في المقام الأول قاعدتها الأخلاق".

قام نبيها صلوات الله عليه وسلامة لجنازة يهودي مرت به فلما أستفسر الصحابة قال لهم: أليست نفسا !! دولة تقوم على الأخلاق بل جاء نبيها ليتمم مكارم الأخلاق.

دولة لا تغتصب الأرض ولا تنتهك العرض حق الفرد فيها مصون وكذا حق الجماعة لا تعرف التمييز والعنصرية الناس فيها سواسية لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى … الخ الصفات المعروفة للدولة في الإسلام لذا فهي تهدد أصحاب المصالح بكل وضوح وفي حالة قيامها سيرفع الظلم عن عاتق الأمة ويصبح الحاكم أجيرا لدى الأمة تختاره وتحاسبه وتعزله وبالحق في كل الأحوال.

نعم تهدد أصحاب المصالح كما هددت بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخاتمة المجتمع المكي الجاهلي وقامت قيامه الجهلاء وأعلنوا الحرب على صاحب الرسالة والرسالة ! إنه الصراع بين الحق والباطل.

والظاهر أنه لا مشكلة مع العنصر الأول من عناصر المنظومة وهو العبادة وكل المشاكل تأتي من جميع العناصر الأخرى بنسب متفاوتة والواقع المخجل خير دليل على ما نقول رفض شديد لتفعيل المنظومة الإسلامية.

العناصر الثمانية للمنظومة الإسلامية لا يمكن فصلها مطلقا هي دائرة مغلقة لا تقبل معها عنصر آخر وهي تعمل في انسجام شديد وتكامل ولا تعرف التوقف لعمل الصيانة اللازمة للمفردات فصيانتها جزء لا يتجزأ منها وتقع في الجانب العبادي أو العنصر العبادي.

صيانة دائمة ومستمرة لا تتوقف طالما أن الحياة لم تتوقف بالموت، أراها كإطار السيارة يدور طالما تعمل السيارة ولا يمكن أن تكون صيانتها ذاتية وهو يعمل على عكس الأبعاد الثمانية فهي تعمل بصيانة ذاتية، يعمل النفر منا في مجال عمله وهو محصن بالمنظومة العبادية فلا يخالف ولا يتعدى سواء كان عمله في الجانب الجنائي أو الاقتصادي أو السياسي أو غيره من الجوانب التي ذكرناها قبل قليل.

صيانة ذاتية لا دخل فيها لعمل البشر إن كل مفرده من المنظومات تعمل مع المنظومة الأخرى في انسجام تام والدليل أنها لا تعمل عند حدوث خلل ما فلا يمكن أن تعمل المنظومة في حالات التعدي على القانون الإلهي.

إن خلو المنظومات المغايرة من الأخلاق يفقدها أن تكون منظومات تحكم حياة الناس وتحقق الغاية من وجودهم كما أرادها الخالق تعاظم وارتفع.

المنظومة الإلهية تعمل بصفة مستمرة لا تعرف التوقف ولا الانفصال أنت تذهب إلى السوق، أو إلى المصنع، إلى المحكمة، إلى النادي، إلى المأذون، إلى قتال العدو تحت منظومة شديدة الدقة والتحديد لأنها من الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة وعاش بها السلف الصالح والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين دون إفراط ولا تفريط.

ومن ألطف ما قرأت بمناسبة السلف الصالح رضوان الله عليهم جميعا أن عميدة الإستشراق الألماني الدكتورة (آنا ماري شميل) وصفت الدكتور السفير مراد فريد هوفمان في مقدمتها لكتابه (الإسلام كبديل) فقالت رحمها الله:

"فهو ثابت القدمين على أرض الإسلام الذي عرفه السلف كما بلغ الرسول وكما طبقه الصحابة والتابعين وذلك بلا أدنى تقدير منه للتصوف الذي أراه أقرب إلى نفسية الغرب، إنه الإسلام السلفي التقليدي الذي يرى فيه الغرب بقايا بالية موروثة عن صيغ وأشكال طاعنة عتيقة قروسطية إنما هو في من نظر المؤلف دين قيم حي سام جدير بالبقاء"

ما يدعو إليه الغرب حاليا: الأخلاق !! أي البحث عن الأخلاق حيث انهارت كل الأبنية الزائفة ولم يبق إلا المنهج الإلهي.

والله يقول الحق وهو يهدي إلى الصواب