شيئا من الحياء.. يا مدرسة المستنقع

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

(1)

وأعني بمدرسة المستنقع مجموعة الكتبة الذين يسودون صفحات الصحف ، ويلطمون آذان العقلاء بالكلمات الساقطة . وهم جميعًا يشتركون في الصفات الآتية:

 1- التزلف للحاكم الأعلى وبطانته ، والإعلاء من شأنهم بنفاق مسرف خسيس.

 2- تنزيه هؤلاء من الأخطاء ولو كانت تافهة . والدفاع عنهم باستماتة .

 3- تبرير أخطاء ولاة الأمر بمداورات ومناورات ومغالطات .

 من هنا كان النفاق مرضا ضارب الأطناب في العهد المباركي ــ بل العهود المباركية ــ ، حتى يشعر من لا ينافق أنه غريب في هذا الوطن المطحون .

 وقد رأينا السيد الدكتور نبيل لوقا بباوي يملأ شوارع القاهرة وميادينها بلافتات ضخمة جدا ، تتكلف مئات الألوف من الجنيهات ، وكلها نفاق ساقط يبارك الرئيس مبارك ، ويعلن أن الشعب ــ بملاينه الثمانين ــ تؤيد مبارك .

ويكتب د. نبيل لوقا بباوي عضو مجلس الشورى بالتعيين السبت 09 مايو سنة 2009
 " ... ثم يسألون كيف يكون الحزب الوطني حزب الأغلبية ؟وأقول : أعطوني اسم حزب واحد في القارات الست في العالم أحد كوادره الحزبية يزور علي الطبيعة القري والنجوع في كل دولته ، أظن لن تجدوا الا واحدا في العالم أول حرف من اسمه ج والثاني م والحروف الباقية يعرفها الرأي العام المصري."

ويقول محمد مجدي مرجان الذي كان يكتب مقالاً كل أربعاء في الأهرام:

 في أهرام الأربعاء 15/6/2005م، يصف مبارك بأنه "المطحون" أو"المواطن المطحون" وقد كرر "مرجان" هذا الوصف في كثير من مقالاته الأهرامية الأربعائية .

 والذي نعرفه ، أن كل وسائل الرعاية والراحة والحياة الناعمة بين يديه , ومن خلفه , وطوع أمره، ومن أمثلة ذلك "منتجع" شرم الشيخ الذي يأخذ بالعيون والقلوب والألباب بشهادة كل من زاره من كبار الضيوف المصريين والعرب والأجانب، مما يدل على الذوق الجمالي الرفيع.

 ولا أنسى يا "مرجان" ـ أيها المحترم جدًّا ـ أن الرئيس مبارك في أحد حواراته اشتكى من متاعب الحكم ومضايقاته، بأن سيادته لا يستطيع أن يذهب إلى مطعم، أو يدخل إحدى دور السينما، وللحق أنا فهمت كلام الرئيس على أساس أنه نوع من التفـكُّه الذي ينم على خفة الظل، وذلك لسببين:

 الأول: أن هذه هي ضريبة الشهرة بكل أنواعها، فممثل كعادل إمام مثلاً لا يستطيع أن يمشي على قدميه في شارع من شوارع القاهرة، أو أية مدينة أو قرية؛ لأن الجماهير ستتجمع عليه، وتحاول أن تتجاذب معه أطراف الأحاديث، وما يقال عن الشارع، يقال عن المطعم، والمسرح، والسينما.

 أما السبب الثاني فهو يا مرجان ـ يأيها المحترم جدًّا ـ أن الرئيس ـ أي رئيس ـ يستطيع أن ينقل إلى قصره أفخم المطاعم، وأرقى المسارح، وأشهر دور السينما، وغالبًا ما يكون في قصره قاعة للعرض أو العروض.

وأن المطحونين حقا هم مئات الألوف من خريجي الجامعات الذين لا يجدون عملاً يقتاتون منه، ولو خبزًا بغير إدام.

 فلتعلم أن المطحونين حقا هم ملايين الشعب المحزون الذين طحنهم الغلاء، ومزق حاضرهم ومستقبلهم.

 وأن المطحونين حقًا هم الأشراف من أصحاب الرأي الذين يعبرون سلميًا عن رؤيتهم في مظاهرات بريئة، فتهتك أعراض النساء منهم، ويقتحم زوار الفجر بيوتهم يحطمون، ويخربون، ويستحلون، وينهبون.

 والخلاصة يا سيد "مرجان" ـ يا محترم جدًّا ـ أن المطحونين حقًا هم غالبية الشعب المصري في "طاحونة" العهد المباركي.. أشد العهود ظلمًا.. وانتهاكًا للحرمات، وسيادة القانون،.

وفي أهرام الأربعاء2مارس 2005 كتب مرجان :

إن ما فعله مبارك ابن مصر البار لأمه الحبيبة ولأبنائها أشقائه خلال العقدين الماضيين لم يحدث منذ مئات السنين وعشرات الأجيال ولو تدفقت الدماء في الشوارع أنهارا‏,‏ فقد تجاوز الانجاز كل الأحلام والآمال‏,‏ لقد حقق مبارك النصر لمصر وأعاد الأرض وصان الكرامة والعرض‏,‏ ونشر الأمان والسلام وزرع الحب والتنمية‏,‏ وأطلق الحريات بلا حدود . 

**********

وفي أغلب مقالاته الأهرامية- نراه مغرما بتشبيه «المعارضين بالصراصير» , ومما كتبه في «أهرام 6/7/2005» : «... ولكن هذا هو قدر مبارك الذي لم يكن غيره بقادر أن يتحمل هذا الثمن الباهظ , ويطيق هذا الإسفاف الصفيق, من المهرجين والبهلوانات, واندس العملاء واللصوص , وتحولت «الصراصير» إلي عقارب, والفئران أسودا... وللأسف بلا خلاق .

**********

ومن حقنا أن نقرر أن مسئولية الظلم والجبروت يعتبر قاسمًا مشتركا بين الرعية والحاكم ، وقد صدق الشاعر خليل مطران إذ قال:

مَن يلم نيرون إني لائم          أمة لو قهرت ارتد  قهــرا

كل  قوم خالقو نيرونهم          قيصر قيل له أو قيل كسرى

السبت 16- 4 – 2011 وللحديث صلة