التحالف الشيعي – السني الذي تدعو إليه الإدارة الأمريكية

التحالف الشيعي – السني

الذي تدعو إليه الإدارة الأمريكية

أي جدوى ؟!

زهير سالم*

[email protected]

لن ينتصروا على من يسمونهم ( الإرهابيين ) إلا بتحالف أو شراكة سنية شيعية . هذا ما ظل يردده الأمريكيون الذين عادوا إلى العراق منذ شهر آب ( اغسطس ) الماضي ، ودخلوا الأجواء السورية ربما لأول مرة في تاريخهم منذ أيلول ( سبتمبر ) .

مرة بعد مرة يثبت الأمريكيون أن لهم مصالحهم وأن لهم أهدافهم الخاصة بهم ، وأن هذه المصالح والأهداف تحتل سلم الأولوية عندهم مهما كان حجمها وخطرها في السياقات العامة التي يتم التعاطي تقديمها عليها. فكسب برميل نفط إضافي يستحق في معيار المفاضلة الأمريكي التجاوز عن حياة آلاف البشر من النساء أو الأطفال ، ولاسيما إذا كان هؤلاء البشر من الهويات المصنفة  ( دونية ) أمريكيا ..

في سورية مثلا تنازل الرئيس الأمريكي عن دماء مئات السوريين ومنهم مئات من الأطفال والنساء من ضحايا غاز السارين ، مقابل تنازل بشار الأسد عن جزء تم الإقرار به من ترسانته الكيماوية ، الذي هو مطلب أمريكي صهيوني محض ، ولا علاقة للسوريين به لا من قريب ولا من بعيد.

وبعد إقدام الولايات المتحدة على القيام بانقلاب عسكري في العراق سلموا العراق لإيران بالطريقة نفسها التي استلم بها العلويون السلطة في سورية. ويبدو أن الأمريكيين قد أعجبهم أنموذج الحكم الطائفي الأسدي في سورية فقرروا أن يمدوا هذه التجربة ، إلى لبنان فكان حزب الله الذي أنشئ على ( عين ) أمريكية صهيونية معا ، وإلى العراق فكان الاحتلال الأمريكي للعراق وإسقاط الدولة العراقية وتسليمها للإيرانيين بطريقة مباشرة .

والأمريكيون الذين أقاموا الهرم الديموغرافي في العراق وفي سورية وفي لبنان على رأسه لم يبالوا يوما بأي مظلومية تقع على مواطني هذه الأقطار الأبرياء .  كل الظلم الإيراني بشعبه الثلاث السورية والعراقية واللبنانية لم تكن تشكل أي تهديد أو أي خطر على المصالح الأمريكية . وكل القتل الذي مارسه حافظ وبشار الأسد على السوريين واللبنانيين معا لم يثر قط قلق الولايات المتحدة ، ولم يحفزها للتدخل لوضع حد له .  لأنها كانت واثقة أن  شعارات مثل ( الشيطان الأكبر ) و ( الموت لأمريكا ) كانت بعض الصيغ الاستهلاكية المتفق عليها لتمرير المخطط اللعبة على شعوب المنطقة ، وأنها لا تشكل أي خطر لا آني ولا مستقبلي على المصالح الأمريكية  ..

اليوم وبعد تعاظم نفوذ المتطرفين أو ما يسمى ( تنظيم الدولة ..) ،  ،واستشعار الأمريكيين أن هذا التظيم يمكن أن يشكل خطرا محتملا عليهم ، مع أن خطرهم على أمتنا ومنطقتنا أكبر، يبادرون إلى المجاهرة بضرورة ، رفع بعض الظلم عن أهل السنة لتوظيفهم كمرتزقة لتحقيق هدف أمريكي محض ، وتحت سقف الهيمنة  الإيرانية الشيعية الصفوية  المطلقة في الأقطار الثلاثة .

في المعطى الأمريكي للمنطقة اليوم يجب أن يحتفظ الشيعة والعلويون فصيل منهم بمكانتهم كأوصياء على الدول والمجتمعات ، حسب منطوق المادة الثامنة من الدستور السوري المتواري . يجب أن يبقى الشيعة صمام أمان أمريكي بنيوي داخلي على غرار صمام الأمان الصهيوني الخارجي .ليبقوا هم ومانحي الحقوق الوطنية تحت سقف الضغط الأمريكي ...

رغم كل التعقيد والتشابك الحاصل في المنطقة فلن يفوتنا أن نؤكد أن الصراع الطائفي ( السني – الشيعي ) لم يكن من مشروعنا . لا في منطلقاته ولا في آفاقه . وأن هذا الصراع قد فرضه علينا وعلى المنطقة عدو جاهل متعصب أعماه الحقد التاريخي الشعوبي المذهبي  فاندفع فيه برعاية مباشرة من قادة المشروع الأمريكي – الصهيوني . وأن وجودنا في ساحة هذا الصراع الذي أعلنه حسن نصر الله ( وجوديا ) على أمتنا هو على كره منا . وأن تصدينا لمشروع البغي مرهون بانكفافه حتى يفيء أصحابه إلى رشدهم .

ويجب أن يتفهم الأمريكيون وغير الأمريكيين ومنهم الكثير من أبناء أمتنا شعوبها وقياداتها أن قاعدة عدو عدوي صديقي ليست قاعدة مطردة على الدوام . فالعدو المشترك قد يكفيني شر العدو المرتقب ...

إن وضع المصداقية الأمريكية على المحك ستبقى بقبول الأمريكيين ببشار الأسد عدوا مشتركا تكون البداية به والأولوية لقتاله وبسقوط عمود الظلم والفساد والاستبداد ستتوارى كل توابعه وظلاله ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية