حرب وهمية على الإرهاب في شبه جزيرة سيناء

بحثا عن مشروعية زائفة لتبرير جريمة الانقلاب العسكري

على الشرعية والديمقراطية في مصر

محمد شركي

[email protected]

من بلادة الإعلام الغربي والإعلام العربي الملتقط لفتاته اعتقاد والغفلة والسذاجة بالشعوب العربية ،وذلك من خلال تسويق المواد الإعلامية الزائفة والفاقدة للمصداقية . ومن هذه المواد المسوقة إعلاميا الضجة المصاحبة لما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية أو داعش ، والحقيقة أنه صناعة مخابراتية غربية عربية من أجل الإجهاز على الثورات الحقيقية للشعوب العربية في ربيعها العربي ، وهي ثورات أفرزت واقعا سياسيا لم يقبله الغرب حيث تهاوت الأنظمة الفاسدة التي كانت ترعى مصالحه ، وباتت الثورات تهدد كل الأنظمة التي تعرقل النهضة العربية الحقيقية ، وظهر رهان الشعوب العربية على ما يسميه الغرب الإسلام السياسي المهدد لمصالحه وعلى رأس هذه المصالح استمرار الاحتلال الصهيوني ، واستمرار استنزاف ثروات البترول العربية.

وأمام تهديدات ثورات الربيع العربي لم يجد الغرب بدا من التدخل مخابراتيا من أجل قلب الموازين السياسية الطارئة ، فكانت نتيجة هذا التدخل المخابراتي طبخ الانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية في مصر بين عواصم غربية وعربية لأنها أوصلت الإسلام السياسي إلى مركز القرار ، وكان ذلك تهديدا مباشرا للكيان الصهيوني المحتل لأن المقاومة المسلحة في غزة إسلامية التوجه ، وهو توجه يجمعها بتوجه حزب العدالة والحرية المصري الفائز بالاستحقاقات الانتخابية . ولقد سكت الغرب سكوت الشيطان الأخرس على جريمة الانقلاب على الشرعية والديمقراطية مع أنه يفرض الوصاية العالمية على الديمقراطية ويزعم أنه راعيها الأول. ومن أجل التمويه على جريمة طبخ الانقلاب العسكري في مصر والسكوت عليه كان لا بد من عمل مخابراتي لقلب الحقائق ولتشويه سمعة من كانوا ضحية الانقلاب . وليس من قبيل الصدفة أن يأتي الهجوم على المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة مباشرة بعد الانقلاب العسكري في مصر واتهام الانقلابيين للرئاسة المدنية الشرعية بتهمة التخابر مع حماس .

وليس من قبيل الصدفة أن يولد مولود مخابراتي غربي وعربي يطلق عليه اسم داعش ، ويبث في العراق بعد استفحال المشكل السياسي فيه بسبب فساد الحكم الطائفي الشيعي الذي أثار غضب سنة العراق ،وقد خرجوا أول الأمر في تظاهرات سلمية إلا أن النظام الطائفي واجههم بالحديد والنار ، فاضطروا إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم . ولقد توجس الغرب وحلفاؤه من ثورة العشائر السنية في العراق ، و التي من شأنها أن تفضي إلى نموذج حكم شبيه بنموذج حزب العدالة والحرية في مصر ، وهو نموذج الإسلام السياسي الذي يرفضه الغرب وحلفاؤه بشدة. وانتقلت البضاعة المخابراتية الداعشية الغربية العربية من العراق إلى سوريا من أجل الإجهاز على الثورة السورية الشعبية ضد النظام الطائفي ، وهي ثورة بدأت سلمية أول الأمر كذلك ، واضطرها النظام الطائفي المستبد إلى حمل السلاح لمواجهة الحديد والنار بالمثل . ولما كان الغرب وحلفاؤه يخشون من انتقال نموذج المقاومة الإسلامية حماس إلى سوريا فقد عملوا على خلط الأوراق على رقعة الأرض السوريا من خلال خلط حابلها بنابلها وسربوا البضاعة المخابراتية إليها من أجل إضعاف الثورة السورية حيث فتحت عليها جبهتان : جبهة الصناعة المخابراتية ، وجبهة النظام المستبد . ومن أجل التمويه على فضيحة الصناعة المخابراتية لجأ الغرب إلى أكذوبة التحالف الدولي من أجل محاربة الإرهاب ، والحقيقة أنه تحالف من أجل منع وصول ما يسميه الإسلام السياسي إلى مراكز القرار في الوطن العربي خصوصا في البلاد التي عرفت ثورات الربيع .

والدليل على ذلك هو إضرام نار الفتنة بين الليبيين من خلال تصدير بضاعة مخابراتية تحت اسم اللواء المتقاعد حفتر ، وهي ذريعة استعملت لتبرير تدخل الانقلابيين المصريين في ليبيا بدعم وتمويل من دول الخليج المشاركة في جريمة الانقلاب على الشرعية في مصر . ونفس السيناريو أعد في اليمن حيث أعدت بضاعة مخابراتية أخرى تحت اسم الحوثيين وأنصار علي عبد الله صالح من أجل منع ظهور نموذج ما يسمى الإسلام السياسي خصوصا وأن اليمن معروف بصناعة مخابراتية سابقة تحت اسم القاعدة والتي بررت من قبل تدخل الغرب في العراق وأفغانستان. ولم تنج تونس من كيد الصناعة المخابراتية حيث انقلبت موازين القوى السياسية فيها بين عشية وضحاها من خلال استعمال بضاعة مخابراتية أخرى وذلك بتوظيف فلول الرئيس الفار بعلي لترجيح كفة الأحزاب العلمانية لمواجهة نموذج الإسلام السياسي المرفوض عند الغرب وحلفائه . وما حدث بالأمس هو تطور في البضاعة المخابراتية في شبه جزيرة سيناء والتي كانت تحمل اسم أنصار بيت المقدس ، وصارت خلافة داعشية وذلك من أجل التمويه على جرائم الجيش المصري ضد أهالي سيناء الغلبة و الذين هدمت منازلهم ، وشردوا واعتقلوا في معتقلات رهيبة ، وقتلوا بتهم باطلة من تلفيق المخابرات التي قدمت للاستهلاك الإعلامي جرائم من تخطيطها وتنفيذها ونسبتها إلى الإرهاب ، وهو الذريعة المستعملة لتصفية الخصوم السياسيين ومنعهم من الوجود أصلا .

ومن المؤشرات الدالة على البضاعة المخابراتية من قبيل داعش أو أنصار بيت المقدس أو غيرهم ارتكابهم للفظائع التي يعارضها الإسلام أشد المعارضة إذ لا يبيح الإسلام قطع الرقاب والتمثيل بالهامات و الأجساد ، والاغتصاب والسطو ، والإفساد في الأرض من خلال تفجيرالأماكن العمومية وقتل الأبرياء...إلى غير ذلك مما يروى عن جرائم هذه البضاعات المخابراتية ، الشيء الذي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك براءة الإسلام والمسلمين منها . ولقد أفتى علماء الإسلام في العالم بأسره من خلال محافلهم المختلفة بالبراءة من هذه البضاعات المخابراتية التي توظف بطرق خبيثة من أجل النيل من الإسلام حين يفكر أهله بتقديم نموذج سياسي على غرار النموذج المصري الذي وئد في المهد قبل أن يطلع العالم على نتائج ممارسته السياسية . ولقد أصبحت لعنة الصناعات المخابراتية الإجرامية تطارد كل من يراهن على الإسلام السياسي كبديل في الوطن العربي الذي عانى الويلات من نماذج حكم فاسدة مفسدة أهلكت الحرث والنسل والله لا يحب المفسدين . ولقد صار اليوم كل ملتح موضوع قدح بالوصف الداعشي أو القاعدي وهو اعتداء سافر على حقوق الإنسان المسلم الذي يتبرأ من كل أشكال العنف ، ويريد أن يحيى حياة في طاعة خالقه جل وعلا متمسكا بكتابه الكريم وبسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم . وأخيرا نؤكد أن وعي الأمة العربية لا يمكن أن تعبث به البضاعة الإعلامية المتهافتة والتي استعان ويستعين بها أعداء الشرعية والديمقراطية في مصر وفي غيرها من بلاد الربيع العربي .

ولا نهضة للأمة العربية إلا بدين الإسلام الذي غير من حالها في جاهليتها الأولى . ولقد جربت الأمة العربية غير الإسلام من الإيديولوجيات الوضعية المختلفة فلم يزدها ذلك إلا ذلا وهوانا وعاد بها إلى وضعها المتردي زمن جاهليتها ، ومزقها كل ممزق . وما تجند الغرب بكل إمكاناته المادية والإعلامية والمخابراتية إلا لمنع الأمة العربية من العودة إلى سبب عظمتها وهو الإسلام ، ولا تلدغ الأمة الإسلامية من جحر مرتين .