لننظر من زاوية أخرى

لننظر من زاوية أخرى ...

لبنى شرف / الأردن

[email protected]

ينتاب كثيرٌ من المسلمات اليوم شعورٌ بالضيق الشديد إذا ما ذُكر أمامهن موضوع تعــدد الزوجـــات ، و في ذهن كثير منهن صورة سيئة عن هذا الموضوع ، و يبدو أن لما يشاهدنه على أجهزة الرائي - التلفاز- أثراً كبيراً في هذا و للأسف ، فالذي يتزوج على زوجته في نظرهن خائن للعهد ، و عديم الوفاء لزوجته ، و في زواجه هذا دمار للأسرة ، و ضياع للأولاد ، و انقطاع لحبل المــودة بين الزوجيـــن .. !! .

 أختي المسلمة ، دعينا ننظر للموضوع من زاوية أخرى مشرقة ، فبداية نحن لا ننكر أن للمرأة أن تغار على زوجها ، فهذا أمر قد فُطرت عليه النساء ، و لكن لا تَدَََعي هذه الغيرة توقعك في معصية الله ، أو توقع زوجك في ما يغضبه ، بل حاولي أن تضبطيها ، و تنظري للأمر على أنه بابٌ من أبواب الخير و الطاعـة و الأجر قد ساقه الله إليك ... كيف ؟ .. سأخبرك ، و أدعو الله أن يلهمني الصواب في هذا الذي سأقول .

 حاولي أولاً أن تكوني عوناً لزوجك على أن لا يقع في الحرام ، فإن كان زوجك بحاجة للزواج بأخـــرى ، فلا تقفي حجر عثرة أمامه ، فلأن يتزوج بأخرى خيرٌ من أن يقع في ما يغضب الله ، و لك الأجر في ذلك إنشاء الله .

 و ثانياً ، لم لا تنظرين للزوجة الأخرى على أنها أختٌ لك ، فتتعاونان أنت وهي في أمــور عباديــــــــة و دعوية و أسرية و اجتماعية ، و المجال واسع في ذلك ، فهذا أهنأ لك و لزوجك .

 ثم حاولي أن تُشعريها بأن أولادها هم أولادُكِ ، بأن تعطفي عليهم ، و تحضري لهم الهدايا ، و تهتمي بتربيتهم ، و كأنك أمّاً ثانية لهم ، فأنت بذلك ستكسبين قلبها ، فتحبُّك ، و تكرمُك أنت و أولادك ، و ستشعر بأنها هي أيضـاً أمّاً ثانيــة لأولادك ، و تربيتك لأولادك و لأولادها حتى يكونوا صالحين ، يدعون لك بعد وفاتك ، صدقة جارية لك .

 و أخيراً ، استغلي اليوم الذي يكون فيه زوجك عند زوجتك الأخرى بالقيام بأمور ما كنت تستطيعين القيام بها و زوجك عندك ، كأن تصومي مثلاً ، أو أن تقومي الليل ، أو أن تحفظي القرآن ، أو أن تطالعي في كتاب ، أو أن تمارسي هواية مفيدة تحبينها ، أو أي أمر فيه نفع لك في دينك و دنياك .

 ختاماً أقول لك أختي المسلمة ، أن الزواج ليس هدفاً في حد ذاته ، بل هو وسيلة من الوسائل التي تستطيعين من خلالها أن تتقربي إلى الله ، و أن تعلو درجتك عنـــده ، فأنتِ لا تعيشين لزوجك و لأولادك ، بل لأعلاء راية الإسلام و التوحيد من خلال زوجك و أولادك ، فأنت فردٌ في أُمَّة ، و أسرتُك لَبِنَة في صرح عظيم ، يحاول أعداءُه هدمه بشتى الوسائل و السبل ، فهوِّني عليك موضوع تعــدد الزوجـات ، فإن هنالك ما هو أعظم و أجدر بالاهتمام .

 و هذه كلمة أوجهها لمن تقدم لخطبتها رجل متزوج ، أن تتريث قبل أن ترفض ، و أن تفكر مليّاً في الأمر ، فما المانع يا أختي إن كان رجلاً معروفاً بالصلاح و التقوى و الخلق الحسن ؟! فانا أخشى أنك إن رفضت ، أن تندمي يوم لا ينفع الندم ، و الغيب لا يعلمه إلا الله ! فاستشيري في أمرك ذوي الفضل و اصحاب العقول الراجحة الذين يخشون الله ، ثم استخيري و دعي الله يختر لكِ . و إياك ثم إياك أن تطلبي منه طلاق زوجته الأولى ، فقد قال عليه و آله الصلاة و السلام : " لا تسأل المرأة طلاق أختها .. " [ صحيح ، الألباني ـ صحيح الترمذي : 1190 ] ، أسمعت يا أختي ماذا قال لك نبيك – عليه و آله الصلاة و السلام - ، نهاكِ عن طلب طلاق من ؟ أختكِ ! .. يا الله ما أجمل هذا الخطاب الندي الراقي . هكذا ينبغي أن تكون الأسر المسلمة ؛ في نقاء و ارتقاء و ترفعٍ عن المعاني الدنيوية ، و سمو بالأرواح نحو الآخرة .

 اللهم هيء لنا من أمرنا رشداً ، و اغفر لنا ضعفنا و تقصيرنا .. اللهم آمين ، و الحمد لله رب العالمين .