أيها العلماء:احذروا النفاق!

أيها العلماء:

احذروا النفاق!

حسن قاطرجي

من الأحاديث النبوية المؤثّرة والمحذّرة لطلاب العلم والعلماء لئلا ينحدروا إلى هاوية النفاق قولُه صلى الله عليه وسلم: «أكثر منافقي أمتي قراؤها».

وهو حديث حسن، رواه عن النبي عُقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم.

أما حديث عقبة بن عامر فقد رواه الإمام أحمد في المسند (17367و 17410و 17411) والحافظ المعمَّر جعفر الفِريابي في جزئه «صفة المنافق» (32 و 33 و 34 و 35).

وأما حديث عبد الله بن عمرو فقد رواه الحافظ الكبير ابن أبي شَيْبة في «المصنَّف»، (35476) والإمام أحمد أيضاً في المسند (6633 و 6634 و  6635و 6637) والفريابي أيضاً في «صفة المنافق» (36 و 37) والإمام البَغَوي في «شرح السنّة» 75:1.

وقد حَسَّن شيخُنا محمد عوّامة الحديث عن الصحابيَّيْن في تعليقه على «المصنَّف» 19: 71 ويُنظر «مجمع الزوائد» 229:6. ومن أراد التوسُّع في تقصّي طرق الحديث فليرجع إلى ما كتبه الدكتور خلدون الأحدب في «زوائد تاريخ بغداد» 377:1 وما بعدها.

معنى هذا الحديث الخطير:

قال شيخنا المُتقن المحدث الفقيه الواعي عوّامة حفظه الله وأمتع بعلمه  في تعليقاته الحافلة على «المصنَّف» 71:19-72: «ومعنى الحديث أن النفاق سيكثر في المنتسبين إلى العلم بالدين والشريعة يتقرّبون إلى ذوي السلطان والجاه بما يريدونه فيتلاعبون بالدين حسب أهوائهم وما يريدون وما يُراد منهم! ونسأل الله العافية )ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب(».

أقول: ألا يخوِّف هذا الحديث كلَّ قارئ يقرأ ليكون طالب علم أو عالماً وخاصة من انتسب إلى العلم الشريف ولكنه يمارسه بأداء غير شريف ويقع في مزالق النفاق والعياذ بالله؟! وألا يحذِّر هذا الحديث مشايخ السلاطين من النفاق وإيثار هوى الحُكّام وذوي الجاه علي مرضاة الله!

وماذا يقول أولئك الذين أفتَوْا بجواز الصلح مع اليهود المحتلين لفلسطين يخادعون الناس أنهم جنحوا للسلم! ألا ما أخزاهم وما أخونهم وما أكذبهم وما أسخفهم!!

وماذا يقول من يُفتي بحل الفوائد البنكية وقد اتفقت كل المجامع الفقهية على أنها هي الربا المحرم؟! وألا يخاف ذلك المتجرِّئ الذي تهجَّم على النقاب وزعم كاذباً أنه عادة وليس عبادة ألا يخاف الله رب العالمين؟ وألا  يخاف المقام بين يدي رب العالمين أؤلئك الذين تُظهر مواقفُهم في أكثر من بلد مسلم أنهم يتملّقون السلاطين ويتبعون العلمانيين وأهلِ الثراء الماجنين ويشايعونهم سياسياً مع إفسادهم في الأرض؟ ألم يبلغهم أثرُ الفُضَيل بن عياض ـ الإمامِ العابد شيخِ الإسلام رحمه الله (ت 187هـ) ـ في قوله ذي الدلالة العميقة في منهجية تربية وتعليم سلفنا الصالحين وعلمائنا الأبرار الأحرار الربانيين، وهو: كنا نتعلم اجتناب السلطان كما نتعلم القرآن؟! (شُعَب الإيمان: 8970).

اللهم احفظنا من النفاق وثبِّتنا على الهدى، واملأ قلوبنا - يا ربنا - بالتقوى، واختم لنا بالحُسنى، إنك أكرم الأكرمين.