خليفة المسلمين ومستقبل المنطقة

خليفة المسلمين ومستقبل المنطقة

ليث الزرقاني

تماماً و كأي مواطن عربي لقد لفتت انتباهي الاحداث الاخيرة في المنطقة كسقوط الحدود بين دول كبيرة كسوريا و العراق و ظهور داعش ، ولكن ما لفت نظري اكثر هو انصار داعش الوسيمين ذو الميول الوردية بأشكالهم الجميلة اللائقة بالعصر .

فبعيدا عن اي توجه موجود في الدنيا ، فإن العصرنه مطلوبه جداً عند انبثاق اي فكر جديد يحاول ان يجتاح العالم و يكسب لنفسه انصار ، تماما كفكرة ( الخلافة الاسلامية ) التي تبنتها داعش المجرمة .

فهؤلاء الجهلة و معهم جهلة سبقوهم و جهلة سيلحقونهم بكل تأكيد ، اخذوا من الاسلام نتف الشارب بالموس ، و تقصير الثوب ، و قتل اليزيديين و الشيعة و المسيحيين و حتى السنة الذين يخالفونهم ، و تركوا كل ( خير ) موجود في ديننا الحنيف الذي لم نعد نرى له اي ذكر ما عدى العبادات و بدون اي فهم للعبادة نفسها و السبب من ادائها . علماً بإن العبادة اقصى ما يمكن ان يكون عقاب تاركها هو عفو ربنا سبحانه و تعالى عنها ، فهو الرحمن و هو الرحيم و هو الغفار و هو الغفور . و اصبح جل تركيز الاسلاميين في عصرنا الحديث من الدواعش و النصرة و القاعدة و كافة اشكال الحركات الدينية من غير اي استثناء ، على تقديم حق الله على حق العباد و هذا بهتان عظيم .

فربنا سبحانه و تعالى سيغفر للناس حقهم ماداموا يستغفرون ، ولكنه لن يغفر تجاوزا وقع بحق اي انسان ، فحق الناس شئ مقدس عند رب الكون سبحانه و تعالى .

و لكم في فتاوى كبار علماء الدين مع شديد التحفظ على مستوياتهم و من اهّلّهُم و صحة الشهادات التي صدرت لهم و من اين صدرت ، نموذجاً على تقديم حق الناس على حق الله .

على سبيل المثال الطبيب الجراح الذي يعمل عملية جراحية لمريض في غرفة العمليات و اقبلت عليه الصلوات ، فتكملة عمله الا و هو اداء العملية ( حق الناس ) اوجب عليه من عبادة خالقه ( حق الله ) ، الا و هي الصلاة .

هنا و بعد هذا الشرح يخطر في بالي سؤال مهم :

اذاً لماذا جميع الحركات الدينية في ال ٤٠٠ عام الأخيرة ، تهمل حق الناس و تسحقه و تدعي رعاية حق الله ؟

بل الابشع من هذا ، تتجاوز على حق الناس بإسم الدين و حق الله !!!

الجواب قد يختلف من شخص لآخر و ما رأيي الا مكملاً لرأي البقية او داعما او ناقضا و الاختلاف سنة بشرية منذ بداية الخلق البشري .

و ما اعتقده هو ان ما خليفة المسلمين سوى ضرورة مرحلية قصوى ، تحتاجها القوى الاقليمية بالتعاون مع القوى العظمى من اجل تقسيمات جديدة في المنطقة كما حدث في بداية القرن المنصرم .

فتعدي داعش على باقي الديانات و المذاهب ليس عمل اسلامي ابداً ، بل هو اقصى ما يمكن تخيله من الذنوب و المعاصي الكبار حسب الدين الاسلامي ، و هنا استشهد بقوله سبحانه و تعالى :

 مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا

و يتضح هنا بإن تعديات الجماعات الاسلامية ( كداعش ) على حقوق الناس تتم طبقاً لمخطط لجعل الاسلام ديناً مكروهاً من قبل التوجهات الدينية و الفكرية الموجودة في المنطقة بل و حتى مِن مَن يتشاطرون مع داعش نفس المذهب الا و هو المذهب السني .

فكلنا رأينا زيارة صباح الاحمد شيخ الكويت  السني الى ايران و كيف صرح علناً بإن خامنائي هو مرشداً للمنطقه بأجمعها و ايضا تصريحات احمد الكبيسي من احد مساجد دولة الامارات التي قال بها بإن البغدادي و ايضا محمد بن عبدالوهاب هم صناعة الاستخبارات الصهيونية .

الغريب بالأمر بإن دولة الامارات لديها غرفة عمليات مشتركة مع السعودية ، فكيف تسمح للكبيسي ان يقول ما يقوله بدون رغيب ولا حسيب ؟

و الأغرب بالأمر هو هجوم الدول العربية على داعش التي تعتبر صنيعة استخباراتية من دول لديها قواعد في بلدانهم و مدحهم لإيران الدولة العدوة !

و هذا يؤكد السيناريو المحتمل الأكثر شيوعاً الا و هو استعانة ( بعض ) الدول العربية و الخليجية تحديداً ، بإيران لإنقاذهم من الاسلام السياسي و داعش التي اصبحت تهدد عروشهم ( اعلامياً ) ، و هنا تسقط المنطقة في التقسيمات الطائفية نتيجة هذا الصراع المنتظر بين عدو الامس و مخلص اليوم ايران ، و بين داعش الصاعده ( اعلامياً ) بشهادة الاعداء فقط لا الاصدقاء . مما يعني ان هناك من يعظم من شأنها لسبب ما و هي لا تمتلك تلك القدرة الفعلية على ارض الواقع .

مع تحفظي على رأيي في ما سأنقله من معلومة ، الا اننا كلنا نعرف  بإن تشكيل المملكة العربية السعودية تم بتحالف ديني سياسي مع محمد بن عبدالوهاب و زوال حكم الشيخ خزعل الكعبي تم بفتاوي دينية سياسية من مراجع بارزين انذاك بإنه شخص كافر و تعامل مع الانجليز ، و هذه مجرد امثلة عابرة عن ما ينتظركم في المستقبل الغير بعيد .

فسنرى دول تنبثق و دول تختفي ، و بتقسيمات طائفية بحته لا تمت للواقع بصلة .

السؤال المطروح الان اين ستكون القضية الأحوازية من هذا المخطط ؟

حسب ما ارى كمتابع للشأن الأحوازي فإن القضية الأحوازية كانت مطروحه في الشرق الاوسط الجديد التي تحدثت عنه كونداليزا رايس كولايات متحدة عربية شيعية ، ولكن وفقاً للأحداث التي حصلت في العشر سنوات الأخيرة تقريبا ، فإن القضية الأحوازية انحرفت عن المسار الذي كان مرسوماً لها ، حيث دخلت عوامل عدة كالتسنن الى القضية الأحوازية ، و امتطت هذا العامل جهات اقليمية دعمته اعلامياً بطريقة ملحوظة حتى اصبح الكثير من متابعين القنوات الاسلامية يعتقد بإن سكان الاحواز هم من السنة ، متجاهلين تماما غالبية الشعب الشيعة .

ناهيكم عن الاخبار الايرانية التي تصدر بين فترة و اخرى عن نشاط داعش في الأحواز ، مما تعتبر رسالة علنية ايرانية للغرب بإن الأحواز منطقة نفوذ سنية داعشية يجب قمعها .

و هذا الأمر اصبح له مردودا سلبيا على قضيتنا في الآونة الأخيرة ، فرصدنا جهات تنتمي لداعش ( الاستخباراتية ) و هي تحاول تمويل اطراف احوازية .

فلا تستغربوا تسليم الانتربول لشخصيات احوازية الى ايران في صفقة تجارية هم سيضعون انفسهم فيها عبر تلقيهم اموال من جهات اسلامية او افعال اخرى لا اريد الخوض في تفاصيلها .

و لا تستغربوا ايضا من شطب ( الولايات المتحدة العربية الشيعية ) التي تحدثت عنها كونداليزا رايس من جميع الخرائط الحديثة التي صدرت مؤخرا من اكبر الجامعات في العالم بسبب ما حصل من تغيير في توجه الساحة الأحوازية ، مع بقاء الدول التي ستنشأ على ما هي عليه ك كردستان و اذربايجان التي حاربت هذا التوجه الاسلامي السياسي السني علانية و لم تنخرط في الأفخخ التي وضعوها لها ...

ما اقوله يا اخوان ان القضية الأحوازية لا تحتمل اهمال او عدم دراسة الاوضاع المحيطة ، اكثر من هذا ، و ان الرب و التاريخ و الشعب لن يرحما من تاجر بها و قادها الى ما هي عليه ، و لن يرحموا ايضا اي متخاذل عرف ما يدور حوله من ضربات تستهدف القضية و لم يحرك ساكنا بل شارك الفُسّاد و شاطرهم التجارة.