عن الحرب الطائفية المعلنة علينا

ملعون ( أبو الطائفية ) ملعون من يدعو إليها

ولكن ..إلى متى ستظل السذاجة تتحدث؟!

زهير سالم*

[email protected]

هجاء الطائفية والطائفيين في عالمنا العربي والإسلامي لا يتوقف . وإدراك المكتوين بنار الأحقاد والسياسات والسلوكيات الطائفية لبشاعتها وأخطارها وتداعياتها وتخوفهم من أن تلقى تحدياتها الاستجابات المروعة لا حدود له . ولكن التخوف من التداعيات أو من الاستجابة للتحديات شيء ، ونكران هذه التحديات ، أو التهرب من مواجهتها بما تستحق من حكمة وجد وحزم شيء آخر .

هجاء الطائفية والطائفيين أصبح شرطا لازما لكل من يريد أن يلامس موضوعها بجد أو بهزل ليدفع عن نفسه تهمة الانغماس فيها . إنه أشبه باللباس الواقي للعاملين في محطات الإشعاع ، أو في مختبرات الأوبئة والجراثيم أو بين المصابين بالأمراض المعدية الفتاكة .

نحن ( أبناء الأمة المسلمة في جميع أقطارها ) عايشنا المخالفين في الدين أو في المذهب كما لم يعايشهم أحد في التاريخ الحضاري والسياسي على مدى ألف وخمس مائة عام . والكلام للتحدي التاريخي العلمي المقارن ، وليس مجرد ادعاء . تعالوا نتابع  تاريخ الحضارة والسياسة عصرا بعصر ، وقرنا قرنا ونرصدوا كيف كان أحوال المخالفين من أتباع الملل والنحل على ظهر المسكونة على مر القرون .

في مطلع القرن العشرين وبينما كان مكماهون يمكر بشعوب هذه المنطقة ، وسايكس بيكو يعدان خرائطهما لتمزيق جسدها . كان شعبنا السوري يستقبل اللاجئين الأرمن المخالفين : دينا وعرقا وموقفا سياسيا ،على نحو أفضل وأكرم وأكثر رحابة ورفقا مما يفعله الشيعي اللبناني والمسيحي العوني مع اللاجئ السوري في عصر الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ..!!

يُختزن الموقف الطائفي في الجينات التكوينية لبعض البشر . الشعور بالرغبة في الانتقام من الآخر . وفي الانتصار عليه ، وفي تجريده من كل ما يملك ، بل وفي كثير من الأحيان وكما هو حاصل اليوم في سورية في محوه من الوجود مهما أمكنت الفرصة . ألم يصرح حسن نصر الله أن حربه مع السوريين هي ( حرب وجودية ) تعبيرا عن رغبته في إبادة مخالفيه وإفنائهم ومحوهم من الوجود ؟!

وخوفا على المصابين بالجذام الطائفي أو لنقل ، حسب لغة العصر ، با لإيدز الطائفي يظل أدعياء الحكمة يهدئون من روع الأصحاء أن المرض لا يعدي أو أن فرص العدوى محدودة ، أو أن المرض لم يعد قاتلا أو مميتا أو مهلكا ، أو أن شرره لم يعد قادرا على إشعال حريق ...

كنا في مرحلة نسميه كلام الطيبيين ، وشعارات الطيبين ، ومحاولات الطيبيين للاحتواء ، أو للوقاية ، أو للحماية ، ولكن وبعد تشريد عشرة ملايين سوري وقتل نصف مليون إنسان بفعل الوباء الطائفي المقيت يُطبق على الشعب السوري من كل أرجاء الأرض لم نعد قادرين أن نصف الذين ما زالوا يرطنون باللغة نفسها إلا بالسذج والبلهاء ولا نريد أن نقول دائما بالمتواطئين والخائنين ...

من كان من السوريين الذين خرجوا في الشهر الثالث من عام 2011 ينادي بصوت صريح ( الشعب السوري ما بينذل )، أو ( الله ...سورية ... حرية وبس ) ؛ تخطر بباله  الحرب الطائفية المذهبية على خمنئي إيران أو على حسن نصر الله  في لبنان ...؟!

مَن من السوريين عندما خرج يطالب بحقه في الكرامة الآدمية ، وبحقه في أن ينام في بيته آمنا ، أو يخرج منه سالما كان يفكر أنه يتحدى بفعله هذا المراجع الشيعية حول العالم أو الكنائس المسيحية الغربية منها والشرقية على السواء ...؟! لماذا يعتبر هؤلاء حصول السوري على حريته وتمتعه بكرامته تهديدا لهم منتقصا من حقوقهم يستحق أن يعلنوا الحرب الساخنة والباردة من أجله عليه ؟!

المشروع الطائفي ملعون كريه مدمر والحرب الطائفية ملعونة كريهة مدمرة تخدم شياطين الجن والإنس وكل أشرار وتخدم الصهيونية والامبريالية وكل قوى الاستكبار العالمي ، نعم هذا صحيح  ؛ ولكن ماذا نفعل إذا كان السيد خمنئي وحسن نصر الله والكثير من  مراجع الشيعة حول العالم قد باشروا هذه الحرب علينا ولم يعلنوها فقط ؟! ماذا نفعل إذا كان هؤلاء قد حجزوا مقاعد في الدرجات العلى من الجنة لكل من يقتل سوريا مطالبا بحريته وكرامته وحقوقه الآدمية ؟!

ماذا نفعل إذا كان جنود الولي الفقيه ما زالوا يتدفقون على سورية ليمارسوا الذبح الطائفي ، والانتهاك الطائفي ، والإبادة الطائفية ؟! كيف نواجه ؟ كيف نتقي ؟ هل بالمزيد من هجاء الطائفية التي لم تكن يوما في مخيالنا أو في أفقنا أو في واقع حياتنا يمكن أن ندفع عن وجودنا أو عن حضارتنا أو عن عقيدتنا ...

أما مللنا الكلام المعاد . أما مللنا من إمطار أنفسنا ، وليس أعدائنا ، بقصائد الهجاء والطائفيون يمطروننا بأحقادهم ومقاتليهم وصواريخهم ورصاصهم وحرابهم وسكاكينهم ..؟!

ملعونة الطائفية ، ملعون الساعون في ركابها  ، ولكن اللعن لم يكن في يوم سلاحا مجديا في رد عدوان ، أو في صد هجوم ، أو في فلّ حد ، أو في حماية حق ، أو في الدفاع عن الوجود ...

فلنتوقف عن لعن الطائفية والطائفيين فهذا عمل العاجزين ...

ولنعترف بالتحدي المفروض علينا حربا طائفية مذهبية ساخنة ودينية باردة يشترك فيها حليفان لدودان جمعتهما رغبة تاريخية موثقة  في إبادتنا وفي محونا من الوجود ، أو تحويلنا إلى عبيد مستذلين   ..

ولنقدر هذا التحدي حق قدره في مخاطره وفي تداعياته وفي استحقاقاته على كل المستويات التي يفتح ناره فيها علينا ..

ولنتوقف عن تمويهه وعن تجاهله وعن التهرب من استحقاقاته التي فلم يترك لنا الطائفيون ، الملعنون أينما ثُقفوا ، لنا فيها خيارا ...

 لقد أعدموا كل الخيارات . ولم يبق إلا أن نحسن ونحكم رد حجر الشر من حيث جاء  ..

ورحم الله من قال :

إذا كان دفع الشر بالخير حازما ...

فما زال دفع الشر بالشر أحزما

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية