الوجود الإيراني في العراق دليلٌ على سقوط الدولة

 

clip_image002_1395a.jpg

أكد نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي، في حديث مع “الشرق” أن لا مصداقية لكلام وزير خارجية نظام طهران، ولا ثقة فيه، والعرب غير معنيين بما يصرِّح به ساسة إيران مادامت ميليشيات قاسم سليماني، تعبث بأمنهم القومي. وقال: أوجه نصيحتي لأصحاب القرار في إيران، وأقول مصداقيتكم تكمن فيما يلي: أن تصلحوا ما أفسدتموه، وتضعوا حداً لشلال الدم وسفك الدماء في سوريا والعراق واليمن، وتوقفوا تدخلكم في البحرين، ولبنان، وتعيدوا الجزر العربية الثلاث المحتلة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وتنصرفوا إلى شؤونكم الداخلية، وتتركوا شعوب المنطقة تعيش بسلام ووئام. فهل أنتم فاعلون؟ متى فعلتم فستجدون العرب في انتظاركم. وحول تعيين ممثل لخامنئي في العراق قال الهاشمي: أن يكون لخامنئي ممثل في العراق، هو تأكيد لسقوط العراق في براثن نفوذ دولة ولاية الفقيه، هو تحصيل حاصل لأمر واقع.

تعيين ممثل لخامنئي في العراق هو تأكيد على سقوط الدولة في براثن نفوذ دولة ولاية الفقيه

نائب الرئيس العراقي السابق: إذا أرادت إيران الحوار مع العرب فلتصلح ما أفسدته

نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي، انتقد التخندق الطائفي في العراق واستقال من منصب رئيس الحزب الإسلامي، وانضم إلى القائمة العراقية الوطنية التي يقودها إياد علاوي أعلن الهاشمي استقالته من منصب نائب رئيس جمهورية العراق 2013، استنكارا لسياسات نوري المالكي وردا على العدوان الذي تعرضت له الأنبار وتضامنا معها. «الشرق» تحدثت للهاشمي وطرحت عليه بعض الأسئلة حول الوضع في العراق والتدخلات الإيرانية في المنطقة والدور الأمريكي.

 في البداية كيف تعلق على دعوة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للحوار مع العرب وفتح صفحة جديدة؟

– لا مصداقية لكلام وزير خارجية نظام طهران ولا ثقة فيه، والعرب غير معنيين بما يصرح به ساسة إيران، مادامت ميليشيات قاسم سليماني تعبث بأمنهم القومي، لتحسين الخطاب وإضفاء مسحة من التقوى وحسن النية، اقتبس ظريف 3 من الآيات القرآنية الكريمة، وأرد عليه بآية من كتاب الله عز وجل بقوله «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد» البقرة. هذه نظرة العرب بل المسلمين جميعاً إلى إيران ولاية الفقيه، ولهذا أوجه نصيحتي لأصحاب القرار في إيران وأقول مصداقيتكم تكمن في: أن تصلحوا ما أفسدتموه، وتضعوا حدا لشلال الدم وسفك الدماء، في سوريا والعراق واليمن، وتوقفوا تدخلكم في البحرين، ولبنان، وأن تعيدوا الجزر العربية المحتلة الثلاث لدولة الإمارات العربية المتحدة، أن تنصرفوا لشؤونكم الداخلية وتتركوا لشعوب المنطقة حقها في العيش بسلام ووئام. فهل أنتم فاعلون؟ متى فعلتم ستجدون العرب في انتظاركم.§          قبل أيام عيّن علي خامنئي ممثلا له في العراق كيف تنظر إلى هذه الخطوة؟

– أن يكون لخامنئي ممثل في العراق، هو تأكيد لسقوط العراق في براثن نفوذ دولة ولاية الفقيه، هو تحصيل حاصل لأمر واقع. مجتبى حسيني لن يكتفي بنقل أوامر أو تعليمات خامنئي، بل سيجلس للإفتاء وتحصيل الخمس، مهمته الأساسية فرض الوصاية الدينية ونشر الفكر الديني على طريقة الولي الفقيه، إيران تحكم قبضتها على العراق في السياسة والاقتصاد والأمن، والدين بالطبع . وإيران لا تخفي ذلك ولا تتستر عليه.

§          إلى أي مدى ترون فرقاً بين سياسة المالكي وعلاقته مع إيران ودول الجوار وسياسة العبادي؟

– لا تغيير في السياسة الخارجية بين العبادي وبين المخلوع سلفه، حزب الدعوة هو من يحكم في الحالتين. الهوية العربية للعراق تواجه خطر التفريس في كل المجالات، والعلاقة مع العرب باتت شبهة. والعراق تحول لساحة إيران في تصدير الفوضى والخراب للدول العربية، ما حصل في البحرين مثلاً، حقائق ليست جديدة نكررها للتذكرة، لأن السؤال الذي مازال معلقاً ينتظر الرد هو: وماذا بعد ضياع العراق؟ جمجمة العرب ورمح الله في الأرض؟ أنتم الضحية..العرب..ما تراكم فاعلون؟.

§          تتداول الأخبار أن هناك اتجاها في العراق اليوم، إلى تحميل المالكي مسؤولية سيطرة داعش على الموصل والمناطق العراقية وتقديمه للمحكمة الجنائية كمجرم، تلطخت يده بالدم العراقي.. هل ترون أن هذا ممكن ومتوقع؟

– هذا هو واقع الحال، الشخص الذي ينبغي أن يوجه له الاتهام على سقوط الموصل وما تبعها من محافظات، هو القائد العام للقوات المسلحة في حينه المسؤول الحصري عن الملف الأمني، ومع ذلك فإن المالكي مازال متنفذاً ولاعبا رئيسا في السر، من خلال أتباعه ومؤيديه الذين زرعهم في مفاصل الدولة المتعددة، واشترط على العبادي كثمن لتنازله عن السلطة، ألا يمسهم بسوء ولا يجرؤ على تغييرهم وهذا ما حصل، العبادي لا يدير العراق بل المخلوع نوري المالكي عن طريق «الدولة العميقة أو المنظمة السرية»، أتباع المالكي مازالوا نافذين في اللجنة الأمنية التابعة لمجلس النواب، وقد ترددت اللجنة حتى الآن في إعلان تقريرها على الرأي العام، لأنها تبحث عن كبش فداء يعفي المالكي من المسؤولية ويعلقها على غيره، في عراق اليوم كل شيء بات ممكناً، وكما قيل «عش رجباً ترى عجباً»، ليست هذه فحسب جريمة نوري المالكي، فسجله الإجرامي في الإرهاب والإبادة الجماعية ضد الإنسانية تؤهله التقديم لمحكمة الجنايات الدولية، وفي هذا المجال نناشد العرب التحرك.

§         هل هناك آفاق لحل الأزمة العراقية ولإعادة بناء الدولة العراقية، أم إنها تسير نحو التفكك والانهيار؟

– الدولة العراقية مع أسفي الشديد تتفكك، العراق مقسم على أرض الواقع، وهناك عدد من المحافظات مازالت تحت النار وفقدت الحكومة السيطرة عليها، ظاهرة العنف والإرهاب تطبع المشهد العراقي، والدولة تنحرف تدريجياً من الدولة المدنية إلى ولاية الفقيه، الفساد ينخر فيها، المليشيات قضت على المؤسسة العسكرية الرسمية، وباتت هي من يدير الملف الأمني بالتنسيق مع الحرس الثوري وحزب الله، التخلف في الإدارة ينعكس في تردي الخدمات إلى حد خطير، وما نشهده هذه الأيام من مظاهرات في بغداد والجنوب مؤشر على ثورة شعبية ليست على العبادي، وإنما على النظام. أما السيادة فأصبحت في ذمة التاريخ، بعد أن بات العراق التابع المطيع لدولة ولاية الفقيه، قوة الدولة بشعبها وحكومتها، فإذا كان الشعب منقسما تغلب عليه هوية الطائفة بدل الدولة، ومن يتمتع بثروة العراق الهائلة هم القلة من سياسيين ورجال دين ورجال أعمال وبطانة من فاسدين، بينما تشكو الغالبية من الفقر والعوز. البريء مطارد والمجرم الفاسد حر طليق، والحكومة لا تتحكم في مواردها، ولا تدير أمنها ولا ترسم سياستها الخارجية ولا تضبط حدودها، لا تطارد فاسدا ولا تلاحق مجرماً..لا تحترم دستوراً ولا تراعي قانوناً.أسأل ماذا بقي من العراق؟.

قد يكون إصلاح العراق ممكنا، لكن طالما وجدت هناك تحديات هائلة ومتنوعة، أبرزها السيادة والهوية والنزاهة والتنمية والأمن، وهي تحديات تتجاوز إمكانات العراقيين مجتمعين، والوضع بحاجة لمؤتمر دولي حول العراق برعاية عربية، من أجل مراجعة تجربة عمرها 13 سنة وإجراء التغيير المطلوب في ضوء ذلك. وحتى الآن لا يبدو أن هذا ممكن.

أولاً لأن إيران المستفيد الأول من حالة الفوضى. فهي تضع العصي في عجلة أي رغبة في الإصلاح والتغيير، وثانيا العراق يبدو ليس على قائمة الأولويات العربية.

وثالثاً لأن هناك تفاهمات دولية بين الشيطان الأكبر ومحور الشر حول العراق، تقضي بتغييب القضية العراقية ومنع أي مسعى دولي للحل.

دول الخليج العربي أول المتضررين من حالة عدم استقرار العراق، إذن ما الذي يمنع لو دعت إلى مؤتمر طائف آخر حول العراق؟

§         هل تستطيع تفسير غياب ممثلي التيار أو المكون السياسي السنّي في العراق؟ ما أسباب هذا الغياب؟ في حين نشهد الحضور الطاغي للمكونات الأخرى التي تتبع لإيران؟

– ضعف أداء المكون العربي السني له أسبابه، لكني لا أتردد في القول، لو توفرت حاضنة أو دولة عربية راعية لهذا المكون كما توفرت لبقية المكونات الأخرى ما حصل الذي حصل، لقد أدينا ما علينا وتحملنا في سبيل ذلك تضحيات جمة، الذي قاتل الاحتلال بالسنان الذي قاتل الاحتلال باللسان والسياسة، كلاهما قدم أفضل ما لديه، لكن الذي قطف الثمار بالخبث والدهاء كانت إيران، التي كان لديها منذ البداية مشروع وفرت له كل مستلزمات النجاح، وحاربت العرب السنة من خلاله منذ اليوم الأول وعملت على إضعافهم للمستوى الذي بات عليه الممثلون اليوم، حيث لم يعد لمشاركتهم لا في الحكومة ولا في مجلس النواب أي مسوغ أو مغزى. العرب السنة يتعرضون لحملة تطهير طائفي لم يسبق لها مثيل، بينما العرب يتفرجون ويتحسرون. أقول إلى متى؟ أكرر العراق بحاجة لمبادرة عربية عاجلة.

§          دعنا نعرج على الأزمة اليمنية والحرب على الحوثيين والرئيس المخلوع صالح والتدخل الإيراني كيف تقرأ هذه الأحداث؟

– خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أخذ بزمام المبادرة وباركنا له في ذلك وندعو للمملكة العربية السعودية بالتوفيق والسداد، لاشك لدي يقين بأنه ستنتصر إرادة اليمنيين بمساعدة المملكة والدول العربية المتحالفة بعد الله سبحانه وتعالى، في تصديهم للانقلابيين من الحوثيين مهما طال الزمن وينبغي أن يتواصل الزخم حتى تنفيذ المهمة، تحرير عدن من المبشرات التي ستعقبها نجاحات وانتصارات أخرى، وأنا متفائل بمستقبل اليمن، ولا مفر للحوثيين سوى الاستماع لصوت العقل والمصلحة الوطنية والعودة للمفاوضات دون شروط، ولا مناص من وضع حد لتدخلات إيران الخبيثة في الشأن الداخلي اليمني.

المأمول ألا تتوقف هذه «الفزعة» عند حدود اليمن، بينما عبثت إيران بأمن العرب القومي وحولت دولا عربية إلى حديقة خلفية للتخريب والتآمر، لقد تعرضت شعوب عربية إلى ضرر فادح وباتت عيونها معلقة بالمملكة تناشدها النخوة. كما أثبتت الأيام بمرور الزمن أن لا مفر من الاعتماد بعد الله على النفس، وفي حوزة الأمة كثير من عناصر التمكين والظفر.

§          مارأيكم في موقف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حول ملاحقة القوات التركية لداعش وحزب العمال الكردستاني ضمن الأراضي العراقية؟

– أستغرب موقف العبادي الذي فتح أبواب العراق على مصراعيها ليس فقط لدول التحالف بل لإيران، بحجة محاربة الإرهاب وعندما قررت تركيا المشاركة في هذا الجهد غير موقفه واستنكر! المواقف المتناقضة والمعايير المزدوجة تطبع سياسات حيدر العبادي، ولا غرابة في موقف حكومته الأخير.

أنا بالطبع لست مخولاً بالتصريح نيابة عن تركيا، لكني كعراقي سياسي صديق لتركيا تهمني مصلحة بلدي، أتطلع إلى تنمية العلاقات العراقية التركية، وعلى العبادي أن يراجع معلوماته في الجغرافيا، ذلك هو يتجاهل حقيقة كون القواعد التي ينطلق منها الإرهاب تقع في المنطقة الجبلية الحدودية بين العراق وتركيا. وإذا كان العبادي حريصا على سيادة العراق وهو موقف من حيث المبدأ لا غبار عليه، فإن الحفاظ عليها يستدعي غلق الأبواب أمام الإرهابيين مهما كان شكلهم وانتماؤهم، ما كان ينبغي إدانة العمل العسكري دون النظر لدوافعه وأسبابه، وفي هذا المجال أضم صوتي للسيد مسعود البرزاني رئيس الإقليم، وأقول الحفاظ على سلامة المدنيين مطلب لا يختلف عليه أحد، ولابد أن نحرص عليه ولا أظن تركيا تقصد الإضرار بالمدنيين، وهي تنظر للكرد باعتبارهم إخوانا في الدين وشركاء في وطن واحد، ولكن كي تتحقق سلامة المدنيين فإن الضرورة تستدعي حرمان الإرهاب من استخدام المناطق الآهلة بالسكان كملاذات آمنة.

§          وهل تدخلت تركيا لأنها مضطرة أم إنها تدخلت لمساعدة من يريد أن يقضي على التطرف والإرهاب في المنطقة ؟

– تركيا متضررة بالطبع .. وأعلنت تركيا مراراً أنها باتت تواجه ثلاثة أنواع من الإرهاب، إرهاب تنظيم الدولة داعش، إرهاب حزب العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي الكردي، إضافة لإرهاب النظام السوري الذي قتل ما يزيد على 250 ألفا وشرد خمسة ملايين مواطن سوري. منهم مليونان فتحت تركيا أبوابها لهم، وهي تنفق عليهم ما يربو على خمسة مليارات دولار سنوياً، موقف تركيا الأخير كان مطلوباً لمواجهة مخططات تقسيمية مشبوهة، ربما تضررت منها تركيا قبل غيرها، وطالما أن الأطراف الثلاثة ضالعة في هذا المخطط، لذلك أتوقع أن تحارب تركيا على ثلاث جبهات وحسب ما يقتضيه الموقف. تركيا قادرة لكن المهمة تحتاج إلى صبر.

ولنتذكر سوياً تصريح نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتملوش عندما قال «أمن تركيا تعرض إلى إرهاب مزدوج من جانب تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني، وكأنما طرف ما ضغط على زر وحرك الطرفين في نفس الوقت» ولهذا أتوقع أن تتصدى تركيا لجميع أشكال الإرهاب على نفس الدرجة من الحزم.

§          كيف تقرأون التدخل التركي وهل سينعكس بالإيجاب على الساحتين السورية والعراقية؟

– عندما تقترن الحكمة بالقوة يتحقق الظفر، لقد صبرت تركيا على المجتمع الدولي وهو يدير الأزمة السورية على مدى ثلاث سنوات وأكثر والنتيجة حصاد مر بكل المقاييس، تركيا لم تتدخل ولم تعلن الحرب على أحد وإنما ردت بتدابير أمنية حازمة على أنشطة إرهابية داخلية، ترافقت مع تحركات تجري على الأرض بالقرب من حدودها باتت تهدد أمنها القومي، ما استدعى تدخل الطيران والعمل على توفير المنطقة الآمنة على طول الحدود مع سوريا ابتداء من غرب الفرات.

التنسيق مع تركيا في المسائل الأمنية قدر تعلق الأمر بالعراق مرغوب، ليس فقط تفعيلاً للاتفاقية الأمنية الموقعة في زمن نوري المالكي، بل لأن تركيا تحمل مواصفات الشريك النزيه، وهي قوية وجديرة بالثقة ولا أطماع لها خارج حدودها كما هو الحال بالنسبة لإيران، التي أعلنت عن إمبراطوريتها المزعومة وعاصمتها بغداد.

§          في الختام ..ماذا عنكم شخصياً هل هناك أمل في العودة إلى العراق وممارسة الحياة السياسية من جديد.. وماذا حول قضيتكم؟ هل أسدل الستار عليها وأنك استسلمت للواقع؟ وهل أنت على تواصل مع حلفائك في العراق؟

– لا جديد، أعود متى توفرت فرصة حقيقية لخدمة بلدي، وهي لا تبدو متاحة في المستقبل المنظور. نعم مازلت ناشطا سياسيا وأتابع باهتمام تطورات الأوضاع، وأجتهد في أن أصوب ما استطعت رغم أن المهمة لم تعد سهلة.

وسوم: العدد 627