عبثية مفاوضات فيينا بالحضور الإيراني

تمييع القضية السورية

لم تتوقف محاولات تمييع القضية السورية وشراء الوقت لإطالة أمدها منذ أن انطلقت الثورة وكانت بصورتها السلمية، وتفنن المجتمع الدولي باختلاق الذرائع والاختباء وراء حجج سخيفة لتبرير عجزه عن تقديم حل لوقف شلالات الدماء وتشريد الملايين داخل وخارج بلادهم، فتارة اختبأ المجتمع الدولي خلف الفيتو الروسي، ليخرج العالم بمظهر العاجز أمام هذا الفيتو، وكأن الحلول كلها توقفت عند هذا الرفض...

ثم ما لبث شراء الوقت يأخذ طابعاً جديداً مغلفاً بصورة جميلة، تتمثل بمؤتمرات دولية واجتماعات على مستويات عليا، وكان البدء باجتماعات جنيف 1 ثم جنيف 2، وربما لولا الضغط الشعبي وعبثية المخرجات لوجدنا جنيف 3 و 4 و10، وكان الختام بمؤتمر فيينا الحالي الذي لا يمكن لأكثر المتفائلين في العالم أن يتوقع نتائج جيدة منه، خاصة بدخول الخط الإيراني ولأول مرة على معادلة المفاوضات الدولية..

عبثية المفاوضات بوجود إيران

إنّ دخول إيران خط مفاوضات فيينا الحالية لا يفهمها الشعب السوري إلا أنها رسالة أراد منظمو الاجتماعات إيصالها للشعب ومفادها أنّ الثابت الرئيسي للسوريين بعدم إشراك إيران في أي حل مستقبلي لا بد من كسره، وأنّ الخط الأحمر الذي رسمه الثوار حول إيران وعصاباتها لا بد من تجاوزه...

ثم إنّ مجرد إدخال إيران على خط التفاوض فهذا يعني أنها يجب أن تحصل على مكسب من أي نوع، خاصة بعد المليارات التي صرفتها في مغامرتها في سورية، فأي نوع من المكاسب التي سيعطيها العالم لهذه الدولة المارقة؟ وكيف سيقبل السوريون بأي مكسب لدولة أوغلت في دمائهم وأعراضهم وأموالهم وديارهم؟ بكل تأكيد لن يقبل الشعب بأي تنازلات بعد ما قدمه من شهداء ودمار..

لذلك فإن دخول إيران إلى معترك المفاوضات يثبت من جديد عبثية تلك الاجتماعات، فلا الشعب سيقبل بتنازلات لغريمه الرئيس، ولا مجرمو طهران سيقبلون بالخروج من المفاوضات دون أخذ القسم الأكبر من الكعكة السورية التي تسيل لها لعاب دول كبيرة وصغيرة...

حل القضية السورية:

يوماً بعد الآخر تزداد القضية السورية تعقيداً، ويدخل عامل جديد على معادلة الصراع في تلك البلاد، مما يعطي انطباعاً أن الحل هناك يحتاج عقوداً من الزمان ومليارات من الدولارات، إلا أن الواقع يشير أنّ الحل لا يحتاج أكثر من إرادة حقيقة من الدول الصديقة للشعب السوري، التي تشترك مع السوريين بالمخاطر في حال سيطرة الطائفيين أو أصحاب النزعات الانفصالية، على مفاصل البلاد..

والإرادة الحقيقية لتلك الدول تكون بزيادة الدعم النوعي للثوار، وذلك بتزويدهم بالصواريخ المضادة للطائرات والمضادة للدروع، ومختلف أنواع السلاح الثقيل القادر على كسر ميزان القوى على الأرض، مما سيكسب الثوار المعركة على الأرض، وهو الحل الوحيد لإنهاء الصراع الدائر في البلاد منذ سنوات..

فقد عملت الدول الكبرى وبعض الدول الإقليمية على تحقيق ميزان القوى في سورية، فلا النظام قادر على حسم المعركة لصالحه ولا الثوار كذلك، فالنظام برغم امتلاكه لكل أصناف الأسلحة الخفيفة والثقيلة وامتلاكه الأجواء بشكل كامل إلا أنّه ينقصه الرجال وينقص رجاله العزيمة والإرادة للقتال لصالحه، ولا الثوار قادرين على حسم المعركة برغم امتلاكهم الرجال والعزيمة والإرادة للقتال لتحرير بلادهم، لكن ينقصهم القليل من الأسلحة النوعية...

التفاوض مع إيران

في حال قررت الدول الإقليمية المتضررة من الأوضاع في سورية زيادة الدعم للثوار هناك، فحينها فقط ستجبر إيران على التفاوض مع السوريين، لكن هذه المرة تحت ضربات الثوار، وليس تحت ضربات السلاح الروسي، ووقتها سيقبل الشعب بالتفاوض مع إيران لكن فقط على آليات خروجها من سورية، وتسليم الأراضي السورية للشعب السوري ممثلاً بالحكومة الانتقالية..

وسيكون التفاوض أيضاً على التعويضات المطلوبة من الدول الداعمة لنظام الإجرام في دمشق، فمن حق كل ولي شهيد وكل صاحب عقار متضرر أن يحصل على شيء من التعويض، وهنا لا أفرط بالتفاؤل، لكن أتحدث عن الأمل، وهو ليس بعيد عن شعب صمد كل هذه السنوات...

30-10-2015

وسوم: 640