حظر الحركة الإسلامية مقدمة لعبث واسع في ملفات القدس والنقب

مركز القدس

أولا: المقدمة

تعد الحركة الإسلامية الجناج الشمالي "بقيادة الشيخ رائد صلاح"  من أكثر الحركات متابعة في الأراضي المحتلة عام 1948، من الجهات السياسية والأمنية الإسرائيلية منذ انطلاقها، في العام 1996 وانشقاقها عن الحركة الأم بقيادة الشيخ عبد الله نمر درويش، لاعتبارات أهمها خلفية الحركة المقرب من حركة حماس(فكر الإخوان المسلمين)، ودورها في ملفات القدس والأقصى.

بالإضافة إلى نوعية الخطاب الذي انتهجته الحركة على صعيد تعريف العلاقة مع دولة الإحتلال الإسرائيلي، وأثره على ثقافة المجتمع الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1948 .

وقال مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني علاء الريماوي" إن الأهمية لهذا التقدير تنبع من حجم الخطوة التي اتخذتها إسرائيل تجاه الحالة السياسة في الداخل والتي تعد الأخطر منذ العام 1956".

ثانيا: الحركة الإسلامية تعريف عام

بدأت الحركة الإسلامية في المناطق المحتلة عام 1948، العمل الرسمي( المنظم)  منذ العام 1971 على يد مجموعة من الدعاة المقربين من (حركة الإخوان المسلمين) وعلى رأسهم عبد الله نمر درويش، ثم توسعت دائرة العمل الإسلامي، عبر الجيل الشاب في الحركة الإسلامية خاصة في مناطق شمال فلسطينية المحتلة وجنوبها.

حيث كان الأثر الأهم على تبلور الفكر الحركي في الداخل الفلسطيني المحتل، نشاط حركة لإخوان المسلمين في الضفة الغربية تحديدا جنوب الضفة، وشمالها، بالاضافة إلى قطاع غزة.

وفي مسار العمل العام، تعزز وجود الحركة الإسلامية (الجناح الإخواني) بشكل فاعل منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، الأمر الذي كان له كبير الأثر على ثقافة المجتمع، في الداخل الفلسطيني، مما تسبب في تعاظم التوجس الأمني الإسرائيلي تجاه الحركة النشطة واسعة الانتشار.  

الجسم الموحد للحركة الإسلامية لم يحالفه الحظ بالاستمرار،على خلفية خلاف وجدل عميقين، حول مشاركة الحركة، في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، وشكل تعاطيها مع الخطاب العام ضد (إسرائيل) الأمر الذي تسبب بخروج القيادة الشابة (الشيخ رائد صلاح، كمالالخطيب) ومجموعة من قيادات الشمال(أم الفحم) وبعض القيادات في مناطق الوسط الجنوب وتشكيل حركة جديدة بقيادة الشيخ صلاح، الأمر الذي قوبل باحتضان من الحركة الأـم العالمية.

الحركة الوليدة استطاعت ومن خلال النشاط الاجتماعي الواسع في العام 1996 حيازة حضور كبير على حساب الحركة الأمن، وتجاوزت في حضورها الأحزاب التقليدية في الداخل، من خلال فوزها بقيادة بلديات مهمة في انتخابات المحليات.

الخطاب المجتمعي نمى معه خطاب سياسي آخر ارتكز على الأقصى، فتحولت بفضله الحركة،  إلى أهم تشكيل يعنى ملفات (المسجد الأقصى، ثم مناطق النقب، و ملف التهويد للمعالم الدينية في فلسطين التاريخية)، لما للقضيتين من حضور في الملف السياسي الفلسطيني، الأمر الذي تسبب في فتح ملف الحركة بشكل واسع لدى الأمن الإسرائيلي.

ثالثا: الحركة الإسلامية في ذهينة المؤسسة الإسرائيلية  

من رصد أجراه مركز القدس، مرت الحركة الإسلامية الجناح الشمالي في أربعة مراحل في نظر المؤسسة الإسرائيلية بدأت منذ نشأتها جاءت على النحو الآتي.

المرحلة الأولى: المتابعة وتكوين الصورة عن الحركة، عبر رصد مصادرها الإعلامية، والرقابة الأمنية خاصة لصحيفة صوت الحق والحرية اللسان الناطق باسم الحركة، بالإضافة إلى متابعة خطاب قياداتهاالناضج في قضايا الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

المرحلة الثانية: التصنيف الحذر، بدأت إسرائيل منذ العام 1998 تعتبر الحركة الإسلامية، من الحركات المتشددة في الساحة الفلسطينية، وبدأ الإعلام الإسرائيلي يتعاطى مع لفظ التشدد لبعض قياداتها خاصة رئيس الحركة الشيخ رائد صلاح.

المرحلة الثالثة: التضييق و الاستهداف، حيث شرعت إسرائيل بشن حملة منظمة تجاه الحركة الإسلامية منذ العام 1999 وحتى العام 2014، حيث عمدت إسرائيل القيام بالتضييق على الحركة واعتقال بعض شخصياتها، على رأسهم الشيخ رائد صلاح، وإبعاد بعضهم عن المسجد الأقصى، وصولا لصدور قرارات بمنع السفر لعديد قياداتها، عداعن استجواب متكرر لبعض قياداتها، والتلويح بحظرها، من قبل دهاقنة السياسة الإسرائيلية أبرزهم ( ليبرمان، نتنياهو، بالإضافة إلى قيادات إسرائيلية سياسية وأمنية بوزن شارون).

في هذه المرحلة ظل الأـمن الإسرائيلي يحذر من خطورة التعامل مع الحركة الإسلامية بسياسة(حرق السفن) الأمر الذي قد يحولها إلى حركة قريبة من حماس، ويأخذها إلى زاوية العمل السري".

المرحلة الرابعة: مرحلة الحظر والإخراج من القانون: شرعت إسرائيل في هذه الخطوة منذ نهايات عام 2014  بعد سلسلة من الخطوات التي اتخذت ضد الحركة، أولها الحكم الفعلي بالسجن على الشيخ رائد صلاح، إغلاق 2 من المؤسسات الخاصة بدعم الرباط في القدس، ثم حظر نشاط الرباط كحركة منظمة، وأخيرا الهجمة الإعلامية المنظمة التي قادها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصولا إلى حظر الحركة الإسلامية ضمن مسوغات، لم تجمع عليها المؤسسات الإسرائيلية، المختلفة المعنية بهذا الملف.

رابعا: الهدف من قرار الحظر

قدر المستوى السياسي الإسرائيلي، وبعض الدوائر الأمنية أن الحركة الإسلامية، باتت الباعث الأهم في التأثير على الرأي العام في ملف المسجد الأقصى، والثقافة المعادية للمؤسسة الإسرائيلية في المدن العربية.

هذا الحديث جاء على لسان 7 من القيادات الإسرائيلية المؤثرة، في الحكومة، منها وزير الأمن الداخلي، وزير الدافاع الإسرائيلي، رئيس جهاز الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ورئيس الشرطة، عدا عن توجهات وزراء مثل وزيرة الثقافة، ووزير الإسكان، وغيرهم من القيادات الإسرائيلية، التي  تعمل على تحقيق جملة من الأهداف في قرار الحظر وهي على النحو الآتي.

أولا : تمرير مخططات التقسيم الزماني للمسجد الأقصى دون جلبة تحرج أطراف مختلفة منها بعض الأنظمة العربية.

ثانيا: تجفيف منابع التحريض في ملف الأقصى لدور الحركة الإسلامية الكبير في ملف القدس والأقصى، الفاضح للسياسات الإسرائيلية.

ثالثا: تمرير المخططات الإسرائيلية في النقب، عبر تطبيق مخطط "برافير" بشكل هادئ خاصة في ملفات هدم القرى الصغيرة، التي شكلت الحركة الإسلامية نوات دعم صمود أهلها من خلال المشاريع المختلفة.

حيث تهدف إسرائيل حصر العرب في تجمعات سكاينة لا تزيد مساحتها عن 4% من مساحة النقب العربي.

رابعا: ضرب المنظومة الثقافية، والتعبوية في المدن الفلسطينية، التي تشارك الحركة الإسلامية في جزء منها، ضد ملفات الاندماج والهوية والتجنييد وغيرها من مخططات إسرائيل.

خامسا: إظهار قوة الحكومة الإسرائيلية في مواجهة انتفاضة القدس، عبر ضرب الحركة الإسلامية، لتسويق  القرار كإنجاز لحكومة نتنياهو التي فشلت في  اقناع الجمهور الإسرائيلي في أدائها الأمني في الأراضي الفلسطينية.

خامسا: السلوك المتوقع للحركة الإسلامية

هناك ثلاثة من الخيارات التي، تسيطر على نقاشات الحركة الإسلامية في هذه اللحظات وهي :

أولا : استيعاب القرار الإسرائيلي والذهاب إلى إعلان عن تشكيل جسم جديد يحمل ذات المنهج،  هذا القرار يتطلب على الأرض تغيير في وجوه التشكيل القيادي خاصة (الشيخ رائد صلاح) في المرحلة الحالية وإبراز شخصية أخرى".  

ثانيا: التمرد على القرار الإسرائيلي والعمل باسم الحركة الإسلامية، الأمرالذي  يتطلب حالة من الصمود وتحمل تبعاته، على صعيد الاعتقال والمتابعة.

ثالثا: تشكيل جسم جديد لنشاط الحركة وابقاء وجود رمزي للحركة الإسلامية من خلال الشخصيات البارزة، للحفاظ على مكتسبات ما صنعته الحركة الإسلامية من حضور عالمي ومحلي.

في هذا السياق يرجح مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني علاء الريماوي" أن يكون سلوك الحركة الإسلامية، مرنا باتجاه البحث عن نشاط تحت قبعة القانون في المرحلة الحالية ، لكن في ذات الوقت سيتعزز لدى أطراف في الحركة الإسلامية منهج السرية في العمل الأمر الذي سينقل العمل الحزبي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، إلى مرحلة جديدة، ستنضج مع الزمن.

خلاصة التقدير

قال علاء الريماوي مدير المركز : يعد القرار الإسرائيلي ضد الحركة الإسلامية الأكبر ضد الحركة السياسية الفلسطينية منذ خمسينيات القرن الماضي.

 وأتضاف الريماوي قبول الخطوة من الأحزاب السياسية الإسرائيلية سيعزز منهج الاستهداف للحركات الوطنية في الأراضي المحتلة.

وأوضح الريماوي " سيعزز القرار تسارع خطوات إسرائيل تجاه المسجد الأقصى خاصة في المرحلة الحالية، التي تحتاج معها الحركة الإسلامية وقتا للتعافي، وتحديد صيغة عمل في المرحلة القادمة.

ورجح الريماوي " إن إسرائيل ستذهب إلى حركة اعتقالات محددة، على رأسها اعتقال الشيخ رائد صلاح، لارباك الخطوات البديلة التي تفكر بها قيادة الحركة في هذه المرحلة.

من جانبه قال الباحث في المركز عماد أبو عواد " إن الظروف التي ساعدت على خطوة إسرائيل، هي قبول بعض الأطراف العربية للقرار، ثم أحداث فرنسا، وشهية إسرائيل نحو تنفيذ مشاريع الاستيطان والتهويد في القدس والأقصى".

وأضاف" إن الساحة الفلسطينية دخلت مرحلة جديدة من الصراع، بالصبغة الدينية، الأمر الذي تحاول إسرائيل الابتعاد عنه. 

وسوم: العدد 643