إلى الإخوان المسلمين عشيرة وأهلا وتوجُّها!!

ازداد اللغط في وسائل الإعلام مؤخرا عن أزمة الإخوان المسلمين المتفاقمة، ودهش الكثيرون من طريقة تناول هذه الأزمة من بعض القنوات الفضائية والمواقع الإليكترونية المحسوبة على الإخوان أنفسهم!! وقبل الحديث في هذا الموضوع أسوق بين يدي هذه القصة الرائعة من تاريخنا الإسلامي المشرق.

ففي فجر الفتوحات الإسلامية تعرضت جبهةُ المسلمين مع الروم لضغط شديد من قبلِهم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: "والله لأنسينهم وساوس الشيطان بخالد" وأمَرَ الخليفةُ أبو بكر خالدا بن الوليد بالتوجه من الجبهة الشرقية حيث جهاد الفرس إلى جهاد الروم، وجعله أميرا على الجيش بدلا من أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنهم جميعا.

حقق خالد بن الوليد رضي الله عنه انتصارات مهمة على جيوش الروم، ثم تُوفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فعزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالدا من إمارة الجيش خوفا من افتتان الناس به، وأعاد أبا عبيدة أميرا على الجيش لحلمه وعدم اندفاعه ليكون رفيقا بجند الإسلام ... فهذا في رأيه أنفع للإسلام والمسلمين من جرأة خالد.

وصلت رسالة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة والجيش يتأهَّب لخوض غمار معركة كبرى ... فكتم أبو عبيدة أمر الرسالة وطلب ذلك من الرسول الذي جاء بها حتى لا يفُتَّ الخبرُ في عضد المجاهدين.

وبعد انجلاء المعركة نما إلى علم خالد بن الوليد خبرُ وفاةِ أبي بكر، فكلم أبا عبيدة في شأن رسالة عمر بن الخطاب، فقال له أبو عبيدة: والله ما كنتُ لأوهِن عزم المجاهدين قبل المعركة، وما كنتُ لأفسد عليك هناءة نصرك بعدها ...!!

فقال خالد: رحمك الله يا أبا عبيدة وأنت والله أمينُ الأمة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عليَّ أن أجاهد في سبيل الله وأنا واحد في غمار الجند ..؟!!

فقال أبو عبيدة: والله يا أبا سليمان (يعني خالدا) ما سلطانَ الدنيا أريد وما للدنيا أعمل، وإنما نحنُ إخوانٌ نقومُ بأمر الله عز وجل ... وأنت عندي على منزلتك وتقدمك ...

فقال خالد: طِبْ خاطرا يا أبا عبيدة فكيف أخالفُك وأنت أقدمُ مني إيمانا وأسبق إسلاما وأكثر مني صحبةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ... والله إني أُشهدك وأشهد إخواني هؤلاء أنني جعلت نفسي حبسا في سبيل الله ولا أخالفك أبدا ...!!

***

بمثل هذه الأخلاق انتصر المسلمون وعزَّ الإسلام ... فأين هذه الروح أيها (الإخوان المسلمون) ؟!!

ما كنا نود أن نسمع عبر وسائل الإعلام المختلفة ما سمعنا لاسيما في هذا الوقت والجميع يعدون العدة لموجة ثورية جديدة تصحح مسار ثورة 25يناير المباركة التي انقلب عليها المتآمرون في الداخل والخارج.

أما وقد حدث ما حدث فلعل الخلاف يتوقف عند هذا الحد، ولعل مناقشته علانية بمثل هذه الطريقة الفجة من جانب البعض تنتهي، وقدر الله وما شاء فعل، وأقدار الله كلها لنا خير، فلنأخذ الدرس والعبرة ولنعد أنفسنا لخدمة الدين والوطن في أي موقع كنا.

أيها الإخوان الكرام أقسمنا عليكم ألا توهنوا العزائم وألا تمزقوا الصف وألا تفرقوا الكلمة ...!!!

وأتمنى من الجميع ألا يتعجل في الحكم وألا يهاجم أحدٌ أحدًا عبر وسائل الإعلام من فضائيات وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي ... فقد تنقص أحدنا المعلومة، وقد يفتقد بعضنا التواصل الفعال فتنقطع عنه الأخبار والحقائق بسبب الظروف الراهنة ... فالله الله في دينكم وفي وطنكم وفي جماعتكم وفي ثورتكم وفي أنفسكم ... والفيس بوك وتويتر ليس ساحة مناسبة للنقاش بهذه الطريقة ... وفرق كبير بين النقد البنَّاء وبين الغضب والتهور والانتصار لحظوظ النفس ... والله تعالى أعلم!!!

وسوم: العدد 647