براءة أيها العجزة المضيعون المفرطون

(( لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ ...)). ونحن والله نكره ما كره الله ، ولا نحب ما لا يحبه ولا نرضى ما لا يرضاه ...

ولقد صمتنا على افتئات هؤلاء الرهط على حقوقنا ، وأمهلناهم في أمر دمائنا وأسرانا ، وأرخينا لهم الطِوَل لعلهم يهتدون أو يحدث لهم الإمهال ذكرا ، فكانوا في الغي مثل ، صاحبهم الذي يزعمون أنهم يناضلون ، يغرهم الصمت ، ويغريهم الحلم ، ويخدعهم زخرف قول الأعداء ..

 حتى باتوا والأنباء تصلهم عن الحصار والمجازر والبغي والعدوان أسوأ حالا من مرتكبها ، وأكثر جرأة من الموغلين فيها ، يردون على المجزرة ، يقتل فيها الأطفال وتدمر المستشفيات ، كما حصل في دير العصافير وكم للعصافير في شامنا من دير ، بالمزيد من التكسر والتخلع والتلين والتنازل . وكلما قال احدهم قولا ، نبذه صاحبه أو نبذ إليه ، فكأننا وإياهم في مسرح للعرائس قد اشتبكت خيوطه وتكاثرت عليها أيدي العابثين ، فعلا اللغو ، وتداخل اللغط ، وتعسر الفهم على القاصدين ...

ووصلت إليهم حكاية ( كان يا ما كان في حديث الزمان ) المكونة من ست مائة ألف وثيقة تدمغ أصحابهم الذين يزعمون ( انهم لم تتلوث أيديهم بالدماء ) ،بأنهم كانوا في أمر الدماء أولا وتاليا وآخرا ، وأنهم كانوا في حكاية الدم الألف والباء والتاء والهاء والواو الياء ، فما وصلت إلى عقولهم ، ولا أثرت في قلوبهم ، ولا استطاعت التسلل إلى أجندتهم ، ولا ان تضيف أو تحذف او تقدم و تؤخر حرفا مما كان قد وضع قبلُ في مخلاتهم ...!!

ثم قذفتهم الأنباء بحصباء الجائعين في مضايا وداريا وحي الوعر ودير الزور وعن اليمين والشمال فلم يستطيعوا ان يثبتوا في الأرض قدما ، فيقولوا لمن أرسلهم ، ولمن أقامهم ، أو لمن استقبلهم لن نبرح موقعنا هذا شبرا حتى يأكل في سورية كل جائع ، ويفك الحصار عن كل مستضعف وخائف ، فما قدروا على هذه ، أو ربما ما مرت لهم على بال ، وما زالوا يخرجون علينا بأنهم هم الذين ( يحرجون وفد بشار ) !!

وسجلوا ووثقوا أكثر من ألفي خرق لهدنه ، نزا عليها الروسي ، والإيراني والحزبلاوي والأسدي ، خرقها الطيران ودمرتها البراميل ، وتبجح بانتهاكها الصفوي الإيراني وهم لا يجرؤون على رفع رأس بالقول بأنه : لا لقاء على ما سيأتي إن لم يحترم ما قد سبق . وإلا فأي معنى لأي اتفاق .!!

وتأتيهم الأنباء من حلب خراب ودمار ، وحملة بعد حملة ، وشواظ روسي وقدم صفوية ، وزعانف متطرفين ... وثلاثون ألف مشرد وطريد وعشرات الشهداء في كل يوم ، ولكن حلب لم تكن تعني هؤلاء من قبل ، وهي لن تعنيهم من بعد أبدا ، تعبر الأوربية موغيريني عن قلقها وهم لا يقلقون ، ويميل كيري على لافروف أن خففوا الوطء وهم لا يشعرون ؛ فلا يملك واحد من هؤلاء الدبلوماسيين المخضرمين جدا أن يقف على رؤوس الناس فيعلن : سنعلق حضورنا في جنيف حتى تتوقف الحملة على حلب . عبارة تحتاج إلى من هو أعظم حليين ، وأشد شكيمة ومراسا ليعلكها ثم لينطقها ، عبارة قصيرة موجزة لا يقدر على مثلها المهازيل ، الذين تربوا في بيوت الطاعة ، ودُيّثوا من قبلُ بالصغار ...!!

وكلما تحدث متحدث ، او اعترض معترض على جهابذة مدرسة العجز والخضوع قالوا له متطاولين : بديلك ؟! وبديل شعبنا الأول فيكم ايها العجزة المحاويج ، بديله الأول في بديل يصنع البديل ولا يسأل عنه ، وبدلا من أن تسالوا المنتهكة والثكلى والأرملة واليتيم والمشرد عن بديلهم ، اسألوا الذين لم يجدوا غيركم ، يخزي العين ، عن بديله حين تصبحون رجالا ، وتتدربون على نطق كلمة : لا ...

براءة لا بد منها ، منهم ، وممن ركن إليهم ، ووالاهم ، وصمت عنهم حتى تعود القوس إلى يد باريها ...

ثقوا بالله أيها السوريون ، واركنوا إليه ، وتعلموا أن نصركم لن يصنعه غيركم فقد صدقكم والله أمير الشعراء احمد شوقي القول :

بَني سورِيَّةَ اطَّرِحـوا الأَماني      وَأَلقوا عَنكُمُ الأَحلامَ أَلقوا

فَمِن خِدَعِ السِياسَةِ أَن تُغَرّوا      بِأَلقابِ الإِمارَةِ وَهـيَ رِقُّ

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 664