بذور الإلحاد وجذوره وثمره ! (2)

انتهينا في مقالنا السابق إلى أن زرع (سانتلا) في الجامعة المصرية القديمة ليقوم بتدريس المذاهب الفلسفية اليونانية وأنه جزم منذ بدأ دراسته أن العلوم الإسلامية مؤسسه منذ بدء نشأتها على علوم اليونانية وأفكار اليونان بل وعلى  أوهام اليونان. كما جاء بكتاب (التقكير الفلسفي في الإسلام) للدكتور عبد الحليم محمود نشر 1974 وقد تأسس جيل كامل على هذا التصور البغيض ومن عجب أن الجيل الذي تربى على يد (سانتلا) أطلق عليه (جيل البعث)!! وتم تشويه عقيدتنا بشكل جرئ وكأنك تقوم بعملية اقتلاع للجذور وقد تم اقتلاع معظمها بتكرار النموذج (سانتلا) بأخرق اسمه (كريستوفر سكويب) واستطاع كل منهما أن يفسد العقل والوجدان للمجتمع الجامعي الناشئ وأيضاً استدعى عام 1946 المستشرق البغيض (أ . هـ . جب) ليناقش (تيسير الكتابة العربية) وعقد لذلك مؤتمر مجمع اللغة العربية حضره النخبة حينذاك (جب) عام 1947 ، سبقه (سانتلا) عام 1946!! ويقول جب عن تيسير الكتابة العربية :

ردود حضرات الأعضاء

1- رد حضرة العضو المحترم الأستاذ هـ.أ.ر. جب

"مستخرج من الجلسة الخامسة عشرة بتاريخ 19 من فبراير سنة 1944"

يظهر أن كثيرين من أعضاء المجمع اتفقوا على أن اللغة العربية مصابة بعلة لا شفاء منها إلا بعملية جراحية أو غير جراحية ، وأظن أن من الضروري تدقيق النظر في كيفية هذه العلة وطبيعتها، ولقد رأيت أن أكثر المنتقدين للمقترحات المعروضة علينا انتقدوها من وجهة التأثير الأدبي فقط. وليست المسألة مسألة مطابقة بين اللغة القديمة واللهجات العربية الحاضرة، وخصوصاً في هذا الأدب العقيم الذي تنعكس فيه أشعة من حضارة غابرة ذهبت ولن تعود، وحضارة حديثة يقف الأدب منها موقف الحذر المتجنب، بل ان المشكلة مشكلة مسايرة اللغة العربية لحاجات الحياة الحديثة في العلم والفن والصناعة والاقتصاد.

وفي رأيي أن من الجريمة على الشبان المصريين أن يدرسوا أو تدرس لهم هذه العلوم والفنون برموز تختلف عن الرموز الشائعة في سائر أقطار الدنيا ، ومن الجريمة أيضاً على الشبان المصريين أن يتخرجوا وهم في الفن والصناعة والعلم أنصاف أميين لم يتقنوا لغتهم الأصلية وليسوا أكفاء لحاجات الحياة الجديدة. عرضت علينا ثلاثة مقترحات أعتقد أنه لا رابع لها ، ويسعنى أن أصور الاقتراحات المعروضة بتشبيه اللغة العربية بجسم نام ملفوف في ثوب قديم ضيق يكاد يخنقها ، فاقترح لنا: (أولاً) أن نرقم الثوب بفتح بعض فتحات حتى يتسع للعضلات ولحركة الأعضاء التي تنمو في اللغة، فيصبح الثوب أرقط ذا ألوان لا هو الثوب القديم ولا هو الثوب الجديد. واقترح لنا (ثانياً) أن نهذب بعض أعضاء اللغة القديمة ذات الزوائد الكثيرة حتى يتسع الثوب القديم لجسم اللغة الجديد الذي هو أقل نتوءاً. واقترح (ثالثاً) أن نعرى اللغة من ثوبها القديم وأن نلبسها ثوباً جديداً فيه سعة لنمو لا نهاية له على حسب ما يأتي به الزمن. تلك هى المقترحات المعروضة ، فعلينا أن نحاسب كلاً منها محاسبة علمية لا أدبية فقط ، وأن نعرف لكل منها ما له وما عليه من كل جهة. ومثل هذه المحاسبة والتعرف يقتضى زمناً طويلاً، ومن المستحيل علينا في هذا المؤتمر أن نبت في شئ من هذه المسائل التى تعرض علينا الآن. ولكن أسمح لنفسى بملاحظة : هى أننا إذا جعلنا رائدنا المحافظة على لغة القرآن، فليس من حل لهذه المشكلة آخر الأمر إلا الحل الذي اقترحه حضرة صاحب المعالى عبد العزيز فهمي باشا. فهذا الإقتراح هو الوحيد الذي يجمع بين المحافظة على لغة القرآن وبين مقتضيات الحياة النامية الجديدة. فإن الثوب ليس من اللغة وليس من الصميم. وليكن نصب الأعين أن المسألة مسألة اقتصاد وتوسع صناعي وعلمي في هذه الحياة لا في أرجاء مصر وحدها، بل في البلاد العربية جمعاء.

2- رد الأستاذ عباس محمود العقاد

"مستخرج من الجلسة الخامسة عشرة بتاريخ 19 من فبراير سنة 1944"

دعا البحث في تيسير الكتابة العربية حضرة صاحب المعالى عبد العزيز باشا فهمى إلى اقتراح طريقة لرسم الحروف خلاصتها اتخاذ الحروف اللاتينية مع استبقاء عشرة من الحروف العربية على صورتها التي تناسب الكتابة الإفرنجية.

وواضح من الشرح الوافي الذي عزز به معاليه اقتراحه أنه يريد الكتابة على وجه لا تحتمل فيه الكلمة إلا صورة واحدة من صور الأداء أو الكتابة التي تجعل الناس يقرءون العربية قراءة مضبوطة.

وهذه ملاحظاتي على الاقتراح ، ومبلغ تحقيقه للذلك الغرض، بعد قراءة شرحه والاستماع إلى أدلة صاحبه العلامة الكبير:

أولاً ـ أن الاقتراح يتجه إلى تيسير القراءة دون تيسير الكتابة، مع أن الكتابة هي الأصل فيما يقرأ ، وشك أن الخطأ في النطق أهون ضرراً من الخطأ المكتوب او المطبوع ، لأن كتابة الخطأ تبقى خطأ النطق وتزيد عليه أنه تسجله وتبقيه.

وانتهى رحمه الله إلى رفض كلام _جب) (د. عبد العزيز فهمي)

(إنتهى)

إنه الإجرام الحقيقي لإبعاد الأمة عن دينها بإفساد لغتها أولاً ووضعها في توابيت كغيرها من اللغات الميتة هجوم كاسح لمحو اللغة العربية أولا تمهيداً لعزل الأمة عن كتابها ثم تسقط الذبيحة وينتهى أمر كل ناطق للعربية وهكذا أراد (جيل البعث) لأمته! إبعاد الأمة عن عقيدتها غاية يبذل الغرب الصليبي لها كل طاقاته وتحت يافطات البحث والدراسة والتنقيب عن الآثار وغيرها ترتكب أقذر الأعمال وأحط الأفعال ويحيا قراصنة الغرب بأموالنا في ظل غفلتنا الدائمة.

إستدعاء ثقافة وثنية كما قال جارودي لتقوم ثقافة (التوحيد)!! منتهى الاستخفاف والتنطع!! ثقافة تقوم على الأساطير وتعدد الآلهة تحكم ثقافة (التوحيد)!!

رواد الانبهار هكذا أرادوا! أرادوا أن يكون (نيتشه) و (دارون) و (فرويد) و (دوكايم) هم الأساتذة وأن ترحل ثقافتنا (القديمة) وأن نهيل التراب على كل ما هو (إسلامي) وأن نبعث للحياة كل فاسد من الأفكار التافهة الساقطة!! سبحان الله!

تكلم محمد أسد (ليوبولدفايس) ، (مراد هوفمان) ، (روجيه جارودي) ، (آنا ماري شميل) أبناء الحضارة الغربية عن وثنيتها الموروثة ورغم ما قالوه لا يزال رواد الانبهار لدينا على غرامهم وعشقهم للوثنية الغربية !!

رواد الانبهار بالوثنية الغربية أسسوا لقيام بناء متكامل في كل فروع العلوم الإنسانية فنرى (فرويد) في أقسام علم النفس ، و (دارون) في كليات العلوم و (نيتشه) و (سارتر) في أقسام الفلسفة بجميع الكليات الجامعية فتخرج جيل ملوث الفكر غايته إشباع الغرائز ليس إلا، وكما كان لاستدعاء (سانتلا) في عام 1947 لتدريس الآداب اليونانية الوثنية في الجامعة المصرية القديمة أثره البالغ على طلبة الجامعة الذين خضعوا لعمليات حشو للأدمغة التي لم تتحصن ضد الأفكار المسمومة خاصة وأنها لا تزال في قلب الإعصار.

وللدكتور (عدنان الوزان) دراسة رائعة (الاستشراق والمستشرقون) ضمن سلسلة كتاب (دعوة الحق) التي تصدرها الرابطة بمكة المكرمة تعد أفضل المراجع في هذا الشأن يمكن للقارئ أن يعود إليها وأيضاً ما كتبته (زيجرد هونكه) في كتابها (الله ليس كذلك) الذي بينت فيه فجور الاستشراق وأنه يد الاستعمار الغربي بعد رحيله من البلاد التى احتلتها كما قال (روجيه جارودي) في كتابه الرائع (حفاروا القبور ـ الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها)

إنه الاحتلال العسكري ثم الغزو الثقافي اللعين الذي قام به رجال الاستشراق في ظل غفلة مجتمعية تامة ظل يعمل رواد الإشهار عملهم في جد وإخلاص لإبعاد الأمة الكبيرة عن دينها ليس في مصر وحدها بل في جميع البلاد العربية بلا استثناء واحد وكانت وجوه مصرية بارزة في مقدمة الصف الذي قام بالتأسيس تحت راية (البعث والتجديد)!! أى بعث وأى تجديد؟! هل البعث والتجديد يعنيان الهدم والتدمير؟

نعم أرادوا لنا الهدم وصولاً للتدمير وقاموا بكل دقة بالمطلوب حتى تم زحزحة المفاهيم العقدية وحل محلها الإنطباعات المضللة.

نعم ومن النماذج الشاذة أن يستدعي رجل بغيض اسمه أ / هـ / جب ليحاضر في مجمع اللغة العربية عام 1946 عن (تيسير الكتابة العربية) فقال ماتال : وقد عرضناه وكان على رأس الحضور الدكتور طه حسين:

المجرم البغيض (جب) يحاضر في مجمع اللغة العربية عن (تيسير اللغة العربية) !!! بلاء مبين انتهى المستشرق البغيض (أ.هـ.جب) من كلمته والتى ألقاها على أهل اللغة والأدب مؤيداًً لاقتراح العلماني العتيد عبد العزيز فهمي وهو اتخاذ الحروف اللاتينية لرسم الكتابة العربية!!! ويسألونك عن إلحاد الشباب؟!

لقد فعلوا الأفاعيل بالشباب قتلوا فيهم حب اللغة واحترامها وراحوا يعلنوافي وقاحة بالغة أن لغتنا العربية لغة متحفية لا تصلح للحياة الجديدة! يا لها من وقاحة!! لا لسبب واضح إلا أنها لغة القرآن الكريم. اللغة المختارة.

ويسألونك على الإلحاد في بلادنا الإسلامية؟!

(يتبع)

وسوم: العدد 664