إلى النائمين في العسل ..

( غير المضحوك عليهم ولا المخدوعين !!)

اسوأ جريمة ارتكبتها قوى المعارضة السياسية في سورية متضامنة مع المجتمع الدولي بحق الدولة والمجتمع في سورية هو سكوتها عن بقاء ( ختم الدولة السورية ) بيد قاتل مستبد فاسد لم يتمتع يوما بشرعية حقيقية لا هو ولا أبوه من قبله ، ولا نظام الحزب الانقلابي الذي اغتصب السلطة في سورية ذات ليل ..

ويوازي هذه الجريمة في السوء وفي الرزء أن يضع بعض الناس (ختمهم) في جيب آخرين ، يبصمون عنهم وباسمهم ، فيجعلونهم في مقام الحضور وهم الغيّب ، لا كلمة ، ولا رأي ، ولا مشاركة فهم طورا في مسلاخ ( تيم ) جلت تيم عن قول القائل ...

ويُقضى الأمر حين تغيب تيم ... ولا يستشارون وهم حضور

أو في مسلاخ من عناهم الأخطل :

مخلفون ويقضي الناس امرهم ... وهم بغيب وفي عمياء ما شعروا

لا أحد يدري ما الذي يدفع قوما إلى تحمل (وزر مشهد ) ليسوا بشاهديه ، وإثم قول لم يكن لهم رأي لا في نظمه ولا في نثره . ؟! وربما باستطاعة من يدري أن يفيض عليّ فيعلمني مما علمه الله .

إن خلاصة المشهد على الساحة السورية اليوم تذكرنا بما كان يجري في مدريد سنة 1991 يوم كان حيدر عبد الشافي وحنان العشراوي يبرمون ويحكمون ويبدئون ويعيدون ليخرج علينا وفد أوسلو بما زالت قضيتنا الفلسطينية تعاني منه منذ ربع قرن .

 ما كان لعاقل ليقبل أن يكون (حيدر عبد الشافي ) نفسه لو أعطي مكانه ، فكيف يقبلون أن يكونوا ورقة في جيب هذا الزوج المخدوع الذي هو في حقيقة الأمر آخر من يعلم وآخر من يقول .

لا نستطيع أن نجد سببا واحدا يدفع قوما إلى أن يكونوا في منظومة المخدوعين أو المضحوك عليهم كما كانت مجموعة حيدر عبد الشافي يوما !!

 يقولون في مدينتنا حلب ( الطبل بحرستا والعرس بالدانا ) وهذه الراوية أبلغ من رواية أهلنا في دمشق ( الطبل بحرستا والعرس بدوما ) لأن الدانا التي كانت يوم أطلق هذا المثل من أعمال حلب هي أبلغ بالبعد عن حرستا الدمشقية ...

وهكذا هو الحال اليوم فبينما يلاعب السيد ديمستورا مفاوضيه ويدغدغهم ، ويصعد وينزل بهم ويؤنثهم ويؤانسهم ، فإن الممسكين بتلابيب المشهد السوري حسب المصادر يمضون في طريق (أوسلو سوري ) جديد حيث يعقد مبعوثون للرئيسين باراك أوباما وفلادميير بوتين محادثات في جنيف للاتفاق على مبادئ دستورية للحل السياسي في سورية يفرض بقوة القصف الجوي الروسي والبراميل المتفجرة الأسدية ، والوطأة الصفوية الغاشمة . مبادئ دستورية تحدد دور بشار الأسد وسلطات الهيئة الانتقالية المزعومة وليس تفتح الأفق أمام مشهد سورية جديدة ..

وتؤكد المصادر المطلعة أن من بين المسئولين الأمريكيين المنخرطين في المفاوضات الجادة مسؤول الشرق الأوسط في البيت الأبيض ( روبرت مالي ) ومن بين المسؤولين الروس ، مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية ( الكسندر لابرنتييف ) وأن المفاوضات الحقيقية تجري في هذا اللقاء ليس على مصير بشار الأسد ، ولا على أي مفهوم من مفاهيم العدل أو الحرية ، بل على دور بشار الأسد في سورية الجديدة ، ودور المجموعة المعارضة التي ستضيف لونا أزرق إلى خرزات عقد سلطته ..

تجري المفاوضات الحقيقية – كما جرت أوسلو – بعيدا عن الإعلام حيث يعاد النظر في مسودة مبادئ دستورية كان الروس قد كتبوها من قبل وسلموا نسخة منها لكيري خلال زيارته لسورية في 24 / 3 أي الشهر الماضي ..

وتركز المفاوضات على نقاط محددة جدا ، ويدور الخلاف حول ( رغبة واشنطن بتوسيع صلاحيات الهيئة الانتقالية وتقليص دور الرئيس وحرص موسكو على إبقاء صلاحيات الرئيس كاملة ولاسيما فيما يتعلق بالجيش والأمن . الروس متمسكون بعرض بشار الأسد الأول حكومة موسعة بصلاحيات تنفيذية مع بعض السلطات التشريعية والقضائية ..) 

أنصح بقراءة ما بين القوسين فهو منقول من مصادرهم ، وأتساءل هل ختمكم يصلح لهذه المظبطة . ..؟!

إن الاسترسال في اللعبة حتى حافة الهاوية إنما يلعبها مغامرو السياسة ولا تصلح لأم حقيقية مهمتها أن تستشعر الخطر وتستشرفه وتسعى مبكرة لقطع الطريق عليه ..

هذه الحقائق تخاطبكم بلسان وما يجري على الأرض منذ اليوم الأول يشرح كل ما تقول ...

ويسألونني عن البديل وأنشد :

وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ...وفيها لمن رام القلى متحول

نعوذ بالله أن نكون من المضحوك عليهم كما نعوذ به أن نكون من المغرورين والمخدوعين ..

ويقولون لي : ملتزمون بوثيقة المبادئ الخمسة ونراقب ...

ونعم الالتزام ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 664