مهارات في اتقاء الشجارات

د. محمد رشيد العويد

التطعيمات ( اللقاحات ) التي نعطيها الأطفال وغيرهم لتكسبهم مناعة ضد الأمراض يعرّفها الأطباء بأنها ( أجزاء من الجراثيم أو الفيروسات الموهَّنة ندخلها إلى البدن عن طريق الفم أو الحقن لتحرض على إنتاج مضادات تلعب دوراً كبيراً في الوقاية من الأمراض ) .

ترى هل يستطيع الأطباء إنتاجَ لقاحات تقي الإنسان من الأمراض الاجتماعية ؟

وهل يستطيـع الباحثون في العلاقات الزوجية إنتاج لقاحات تقي الزوجين من الخلافات الزوجية ؟

سأحاول هنا أن أقترح لقاحاً يأخذه الزوجان من أجل وقايتهما من الخلافات الزوجية الشديدة أو النزاعات الحادة الخطيرة .

ولكن هذا اللقاح ليس بكتيريا ضعيفة أو ميتة أو موهنة ندخلها إلى جسم كل من الزوجين لتنشأ فيهما مناعة ضد الخلاف ! إنها أسباب مُوَّهنة أو ضعيفة للخلاف بين الزوجين إذا عملا بها نشأت لديهما مناعة ضد الخلافات الكبيرة أو الخطيرة .

ماذا أعني بالأسباب الموهنة أو الضعيفة ؟ وكيف يأخذها الزوجان ؟ وكيف تعمل على وقايتهما من الخلافات الحقيقية ؟!

سأحاول الإجابة عن جميع هذه الأسئلة :

1. ليتفق الزوجان على يوم من أيام الأسبوع يخصصانه لتناول هذا اللقاح .

2. في هذا اليوم يحق لأحد الزوجين استفزازَ صاحبه بما شاء من الكلمات أو التصرفات ، وعلى صاحبه الصبرَ عليها وتلقيها بحلم ورحابة صدر .

3. هذه الكلمات والتصرفات مثل الفيروسات الموهَّنة ، فهي كلمات وتصرفات موهّنة أيضاً ، أي غير حقيقية ، ففيها قدر من التمثيل والتكلف .

4. معرفة الطرف المتلقي للكلمات والتصرفات الاستفزازية بأنها ليست صادرة عن قلب صاحبها ، ولا تـعبر حقيقة عن إحساسه وشعوره ؛ ستجعله غير ضائق بها أو منزعج منها .

5. في اليوم نفسه من الأسبوع التالي سيتبادل الزوجان الأدوار ، فالزوج الذي كان يطلق كلمات وتصرفات الاستفزاز سيكون هو المتلقي لها في هذا اليوم ، والزوج الذي كان يتلقاها ويصبر عليها سيكون اليوم هو من يطلقها .

6. يستمر الزوجان على هذا عدة أسابيع يتبادلان في ذاك اليوم دّوْر مَنْ يصدر كلمات وتصرفات مستفزِّة ودور من يتلقاها ويصبر عليها .

والآن ؛ كيف تعمل هذه الأسباب الموهنة على إحداث المناعة ؟

1. الزوج الذي يمارس الاستفزاز سيشعر بالراحة لأنه ينفّس عن كل ما فيه ، ويبدي ملاحظة على كل تقصير من صاحبه ، ويوجه النقد على كل شيء يراه خاطئاً منه . إنه يشعره بالأمان من أن يقوم صاحبه بالرد عليه ، ورفضِ ملاحظاته وانتقاداته واتهاماته ، لأنه يقوم بدور المتلقي الصابر الحليم .

2. الزوج الذي يتلقى الاستفزازات ، من كلمات وتصرفات ، سيكتسب قدرة على الصبر والحلم ، ولو كان هذا تكلفاً ، لأن (( الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم )) .

3. سيبقى بعض الأثر من ذاك التصبر والتحلم إلى اليوم التالي ؛ ويصبح الزوجان أصبر وأحلم في تلقي ما يستفزهما ويثيرهما .

4. مع مضي الأسابيع تتقوى أخلاق الحلم والصبر لدى كل من الزوجين ، وتنشأ لديهما مناعة ضد كثير من الأسباب التي تؤدي عادة إلى خلافات زوجية شديدة .

تبقى تنبيهات في تطبيق ما سبق :

* إذا أحس أحد الزوجيـن أن صاحبه يتأثر من ذاك التصرف أو الكلام فليذكره بأنه غير حقيقي .

* يحسن أن يقول الزوجان ما يقولانه من كلمات وما يقومان به من أفعال في جو من المرح والدعابة والابتسام .

* عندما ينجح أحد الزوجين في تلقي كلمات وأفعال صاحبه بالحلم والصبر والرضا فليحرص الزوج الآخر على أن يثني على نجاحه .

* لا بأس من أن يكافئ الزوجان نفسيهما في نهاية كل أسبوع بالخروج معاً في نزهة أو تناول وجبة في مطعم .

وفقكم الله أيها المتزوجون .

وسوم: العدد 667