الأسلحة والأطفال "رسالة إلى مؤتمر القمة العربي في نواكشوط"

إستفاق بدر شاكر السياب من ضريحه ، على عويل امهات حلب وهن يشيعين أطفالهن إلى المقام الابدي، يستعيد الشاعر العراقي  ملحمته الخالدة (الاسلحة والاطفال) :

عصافيرُ؟ أم صبيةٌ تمرحُ؟

أمِ الماءُ من صخرةٍ ينضحُ

ولكن على جثةٍ داميه؟

وقبرةٍ تصدحُ

ولكن على خربةٍ باليه؟

عصافير؟!

بل صبيةٌ تمرحُ

وأعمارُها في يدِ الطاغية؟

وألحانُها الحلوةُ الصافية

ماذا يحدث في عالمنا ؟

هل أتاك نبأ الرضيع الحلبي الذي قضى في مهده وهو لم يتجاوز من عمره سوى 48 ساعة ؟!!

هل سمعت بكاء أمهات الشهبــــــــاء يندبن اطفالهن الذين حولتهم طائرات القيصر الروسي إلى كومة من رماد ؟

أم أن العرب غافلون عما إقترفته ثلاثية موسكو وطهران والنظام من حرب الإبادة  العامدة المتعمدة  لمدينة حلب التي أصبحت  مشافيها كما الاطلال  خارج الخدمة وأطفالها الرضع بلا أوكسجين.. !!

لقد جاء في نشرة انباء الرابع والعشرين من تموز أن طائرات روسية وأخرى تابعة لقوات نظام بشار الأسد كثفت من قصفها على مشافي حلب وريفها بالمناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة، ما أدى إلى إخراجها عن العمل، فيما وصف سكان محليون ما يحصل بجرائم ضد الإنسانية .

1 ـــــ قصفت الطائرات بسيل من صواريخها  (7) سبع مستشفيات ميدانية ، اليوم الأحد، 24 /7 / 2016  وأخرجتها عن العمل، وبينها مشفى الأطفال، ومشفى الزهراء، ومشفى البيان، ومشفى الدقاق  .وان  بنك الدم المركزي في حي الشعار توقف عن العمل أيضاً بسبب الغارات الجوية العنيفة التي استهدفته  ، بقصد أن يبقى الحرحى ينزفون حتى الموت  .

2 ــــ أصوات بلا صدى تتلاشى في افق العدم ليس ثمة من إستجابة في أي من أركان المعمورة ، فما يزال الضمير غائبا  ، فلا مجيب  لاستغاثة  منظمة "الأطباء المستقلين" التي تقدم خدماتها للمشافي في حلب، فقد أعلنت بصوت مذبوح  إن "الضربات الجوية التي شنها الطيران الروسي والآخر التابع للنظام استهدفا معا مشفى للاطفال في الاحياء الشرقية للمدينة أسفر عن مقتل رضيع يبلغ عمره يومان". .. ولم تكن هذه الزهرة التي أطلت على الحياة لتمكث طويلا ، فقد عاجلها البرابرة ، وانتزعوا حياتها قبل أن تشرق شمس يوم القجر الثالث !

3 ــــ بعد مرور تسع ساعات فقط من نازلة الموت الاولى للمشفى، تسبب المتوحشون  بضربة لاحقة  فقذفت طائرات القصر ذخائرها القاتلة  عند الساعة الواحدة من صباح هذا اليوم 25 تموز بقطع إمداد الأوكسجين عن الرضع.

4 ــــ أخفق المسعفون والاطباء من عملية إخلاء الاطفال الرضع ، فلم يتمكنوا تحت سيل القنابل المنهمر من من الوصول إلى قاعة الحاضنات، التي حولها القتلة إلى غابة من الحرائق ـ

في هذه الواقعة وأمام الحرب على الاطفال والعدوان على الحياة ، يصبح من العبث الحديث عن الضمير والعدالة ، فلم يعد من المسوغ إنسانيا ولا واقعيا أو قانونيا ؛ استخدام العبارات الدبلوماسية أو اللجوء إلى مفردات السياسة الدولية المتداولة من قبيل : الاستنكار والادانة والاعتذار .. إن هذه الجمل الباردة والجاهزة في مكاتب منظمة الامم المتحدة ، والتي يجري إعلانها بين حين وآخر ، تفتقر إلى ابسط قواعد اللياقة الاخلاقية ، وتفتقد أيضا الحس الإنساني، وهي ثانيا ليست أكثر من بيانات فارغة المضمون ـ  

 لم تعد هذه اللغة المضللة سوى سراب خادع ، بل اصبحت موضع سخرية الشعوب كلها ، لانها ببساطة تفتقد استقلالية القرار، بسبب الهيمنة الامريكية فتلجأ في سياستها إلى استخدام المعايير المزدوجة  تجاه القضايا العربية الاسلامية ،  الامر الآخر أن مواقف المنظمة الدولية تفتقر الحد الادنى من الموضوعية  حيال مايجري في سوريا ، وازاء الاوضاع المأساوية التي يعاني منها المهجرون السوريون والعراقيون ، ومايحدث اليوم من الابادات الوحشية ضد السكان المدنيين في حلب والفلوجة يعد دليلا قائما على حجم الجرائم التي رتكبها كل يوم قوات النطامين في دمشق وبغداد وحلفائهما  ومرتزقتهما من المليشيات وفرق الموت  ـ لذلك كله تتطلب الحالة المأساوية عملا عربيا عاجلا وموحدا بوازي طبيعة المخاطر التي يتعرض لها شعبنا العربي في سوريا والعراق.

د.سيف الدين هاشم                                                                    

مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

وسوم: العدد 678