خطر التشيع والتبشير على الأمن القومي العربي

استند الفقه الشيعي في نشأته الأولى وأسسه الفكرية والعقائدية وأحكامه وطقوسه وممارساته، على ما دونه عدد من رحال الدين الفرس الذين استبطنوا كراهية وحقدا على العرب وأظهروا التشيع والولاء لأهل البيت للوصول إلى غايات ما بالإمكان الوصول إليها لو أنها أسفرت عن وجهها الحقيقي، وإذا كان التشيع السياسي قد بدأ من خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، إلا أنه تقولب بصورته الراهنة على أيدي عدد من المتعصبين الفرس الذين أظهروا الولاء لآل البيت واستبطنوا إثارة الانقسام في صف المسلمين، وعلى هذا نستطيع القول أن التشيع كان يأخذ مناحٍ من التطرف والتعصب وتكفير كل من لا بقر بولاية علي بن أبي طالب لأن منكرها عندهم آيس من دخول الجنة، ومن أجل إعطاء هذا الأمر مزية متفردة في خصوصيتها على سائر ما عداها فقد تم الترويج لجملة من الأفكار منها إن "طاعة علي لا تضر معها أية معصية، ومعصية علي لا تنفع معها أي طاعة"،  كما أن المسلمين جميعا أفردوا لعلي بن أبي طالب ثلاث صفات تم حجبها عن الخلفاء الراشدين الثلاثة رضي الله عنهم أجمعين، الأولى وهي خاصة بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك بالقول علي عليه السلام، والثانية لا يرد اسم علي إلا ومعه كلمة الإمام، والثالثة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، نعم هو الإمام وهو أمير المؤمنين ولا شك في ذلك، ولكنه لا ينفرد بهذه الصفات، أما القول عليه السلام فلا يستقيم مع الشائع من الترضي على أصحاب النبي الكريم.

وكانت الإضافات والمعجزات المنسوبة لآل البيت مما لم يتأتى حتى للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم أو لأي من الأنبياء السابقين عليهم السلام، فالإمام عندهم يحي ويميت ويستحضر المعجزات غير المسبوقة على سبيل المثال فإن ما ينسب العفر الصادق من معجزات أنه وبحضور أحد المشككين بمكانة الأئمة تناول تمرة ثم وضع نواتها في الأرض فنمت نخلة وحملت تمرا في ثوان معدودات بحضور المشكك، أو أنه استدعى الحوت التي ابتلعت سيدنا يونس من بين ملايين الحيتان وأقرت أمام زائره بولاية علي، نعم كانت القصص تترى في المدونات الشيعية التي ينظر إليها الشيعة في الوقت الحاضر على أنها بعد القران بالأهمية على الرغم من أن متقدميهم والمتأخرين منهم يقولون بأن القران محرف ووقع عليه حذف وإضافات وينسب الكليني إلى جعفر بن محمد قوله "عندنا مصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟ مصف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد"[2] إلى أن جميع المزارات الشيعية في العراق وإيران وسوريا هي مزارات مزيفة ولا أصل لوجود أي من الأئمة الأحد عشر مدفونا فيها، بما في ذلك ضريح علي بن أبي طالب والحسين ومحمد الجواد وجده موسى بن جعفر وعلي موسى الرضا في إيران، وتحضرني هنا واقعة حصلت في منتصف ستينيات القرن الماضي إذ أرسلت الحكومة العراقية في ذلك الوقت وفدا رسميا لاستعادة رفاة الخليفة العباسي هرون الرشيد الذي دفن في مشهد بعد مرض أصابه بعد قضائه على فتنة تحركت في إقليم خراسان، ولأن المأمون  الذي ورث الخلافة عن الرشيد بعد نزاع مع أخيه الأمين، يعرف طبائع أخواله الفرس وغدرهم بالموتى إذا عجزوا عن النيل من الأحياء ويعرف ونزعتهم العدوانية تجاه العرب باسم التشيع لآل البيت، فقد أمر بإقامة بناء فوق قبر أبيه وبعد وفاة ولي عهده علي موسى الرضا أمر بدفنه في قبر إلى جنب قبر أبيه وجعلهما متشابهين في أدق تفاصيلهما، وجعل البناء من دون أبواب فضاعت معرفة أي منها يعود للرضا وأي منهما يعود للرشيد، ومن أجل اختراع رواية بديلة زعم الإيرانيون فيما بعد أن قبر الرشيد يبعد عن قبر الرضا بمسافة ليست قصيرة وأنهم جعلوا منه مكانا للتبول، ومع ما في هذه النزعة الحاقدة على التاريخ العربي الإسلامي سواء كان راشديا أو أمويا أو عباسيا من همجية واستهانة بقبور المسلمين، إلا أنها تؤكد حقيقتين الأولى أن الإيرانيين لا يعرفون أين يقع قبر علي بن موسى داخل القبة الذهبية في مدينة مشهد، والثانية أنهم يناصبون العربي أيا كانت توجهاته كراهية نابعة من عقدة الدونية الفارسية تجاه العرب الذين لم ينتصر الفرس عليهم في أية معركة.

ويتميز التشيع عن المذاهب الإسلامية الأربعة بما يلي: -

1 – القول بتحريف القران وفيه نصوص كثيرة لرموز التشيع القدامى والمتأخرين، وكل ما كان يدّون من قبلهم يتم نسبه إلى جعفر بن محمد أو أحد أبنائه وأحفاده، ناسفين بذلك قول الله سبحانه بسم الله الرحمن الرحيم "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"[4]، وقال المفيد في المقنعة: "لا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يُغسّل مخالفاً للحق في الولاية ولا يصلي عليه".

وتكفير بقية المسلمين تعتبر من شروط التشيع، كما أن الحط من مكانة العرب هو دينهم الحقيقي، فهم يسمون العرب "الأعراب" تذكيرا بالآية الكريمة "الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم" وهذه ثقافة موروثة من تاريخ الفرس القديم، يقول كسرى "لم أرّ للعرب شيئا من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا ولا حزم ولا قوة، مع ما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها"

[2] - خلال عملي في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون طلب الدكتور مصطفى جواد يوما من السيد محمد سعيد  الصحاف فريقا تلفزيونيا لتوثيق اكتشاف تاريخي وأثري وديني مهم جدا، كان ذلك في النصف الأول من عام 1969، وحينما خرج معه الفريق التلفزيوني كانت مثابتهم في منطقة الكرخ في منطقة العيادة الشعبية القريبة من مستشفى الولادة في الكرخ، وجد الفريق التلفزيوني، أن مجموعة من المسّاحين كانت قد وصلت إلى المنطقة قبلهم، وقد جلبوا نواظيرهم وأدوات تحديد المواقع على الأرض على نحو دقيق، قال لي أحد المصورين إن الدكتور مصطفى جواد، كان يتنقل من مكان إلى آخر في مساحة صغيرة جدا، ويذرع خطوات ثم يتوقف، ويغير اتجاهه ثم يفعل الشيء نفسه، فيدقق في ورقة كان يحملها، ثم توقف في مكان معين وقال هنا قبر موسى الكاظم عليه السلام، ومع هذه الكلمة كانت أفواه الفريق تفتح بذهول، ماذا؟ ومن يرقد تحت قبة الكاظم الذهبية إذن؟ ولمن تقدم له النذور ومن هو الذي يزوره مئات الآلاف من الناس ويسمونه قاضي الحاجات؟ أهي مزحة من الدكتور مصطفى جواد الذي يعرف عنه بأنه لا يمزح حتى في القضايا البسيطة، فكيف إذا ارتبط الأمر بقضية لها هذه الخصوصية والحساسية الدينية الطائفية والسياسية والاجتماعية في مجتمع يقرب الشيعة فيه من نصف عدد سكان العراق، وهم على استعداد لقبول أن الشمس هي التي تدور حول القمر ولا يقبلون فرضية أن موسى الكاظم يرقد في مكان آخر غير الذي ودوا آباءهم يزورونه ويقدمون له النذور ويطلبون منه تحقيق أمنياتهم بما فيها الحصول على الشهادات الجامعية والحصول على وظيفة مناسبة، نعم هذه القضية ترتبط بمعتقدات جانب مهم من أبناء الشعب العراقي؟ أم هو التاريخ الذي خضع لأكبر عملية تزوير؟ ومن سيصدق أن هذه هي إحدى أكاذيب التاريخ البيضاء حتى لو خرجت من فم الدكتور مصطفى جواد. د. نزار السامرائي، جسر الإعلام وعربات السياسة، معد للنشر، أما قبر علي بن أبي طالب "رض" ففيه روايات عديدة، منها أن الخليفة العباسي هارون الرشيد كان في نزهة في ظاهر الكوفة فوجد غزالا مطمئنا إلى جانب ذئب، فدهش للحالة وسأل كيف يحصل هذا، فقيل له هنا يرقد علي بن أبي طالب، فأمر ببناء قبة فوق القبر، وهناك رأي يقول بأن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مدفون في مدينة "مزار شريف" في أفغانستان، وتنسج حول الموضوع حكايات كثيرة منها أن الناقة التي وضع عليها جثمان الإمام علي قد حلقت في الفضاء وهبطت في مزار شريف، وأثناء الحرب العراقية الإيرانية أثار أكثر من معمم إيراني أن النجف لا تضم جثمان الإمام علي والحقيقة أنه مدفون في إيران، وهناك رأي يقول بأن المغيرة بن شعبة هو المدفون في تحت القبة الذهبية في مدينة النجف، وعلى العموم فإن عدم حسم الجدل بشأن الموضوع يؤكد أن منطق الاستثمار المالي والمذهبي هو العامل الرئيس لتعدد الروايات. 

[4] - الكافي للكليني: (1/438).

5 – العقد الفريد لابن عبد ربه، ج1، ص275.

وسوم: العدد 685