مغفلون مع سبق الاصرار

د.إبراهيم بن حميدان الحارثي

 (والله لا تمسح عارضيك بمكة وتقول خدعت محمدا مرتين) 

قال هذه العبارة الحازمة سيد الرجال محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام لأبي عزة الجمحي..

هذا الرجل عفا عنه عليه الصلاة والسلام في بدر بعد أن عاهده ألا يعود لقتاله مرة أخرى ولكنه خان عهده وعاد للقتال في أحد فأسره المسلمون فأراد أن يكرر الطلب فقال له عليه الصلاة والسلام والله لا تمسح عارضيك بمكة وتقول خدعت محمدا مرتين وأمر الزبير رضي الله عنه بقتله..

نعم هكذا يكون الحزم وتكون الفطنة..

 (لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين) 

ليت اللذين لا يزالون يُلدغون من ذات الجحر مراتٍ ويقعون في نفس الفخ مرة بعد أخرى ولا يتعلمون من التجارب ولا تفطمهم الأحداث يقرأون هذا الموقف ويتعلمون من هذا الحديث..

كم هم الذين كرمناهم في مهرجان الجنادرية من عتاة اليساريين والليبراليين ممن كانوا ولا زالوا يكنون الحقد الأعمى والكراهية لنا ولديننا وبلادنا ؟

كم عاشوا بيننا وكم وقدوا علينا وأغدقنا عليهم العطايا فلما جد الجد قلبوا لنا ظهر المجن وسلقونا بألسنة حداد..

كم الذين استكتبتهم الصحف والمجلات السعودية المحلية والمهاجرة وكرمتهم ومجدتهم وروجت لهم ولأفكارهم وهم ممن يحملون صورة سوداء مشوهة عن بلادنا ويتبنونها عن سبق إصرار وتعمد ويسخرون منا ومن تفكيرنا ومنهجنا وشريعتنا كلما سنحت لهم الفرصة ؟

بل كم هي المرات التي استضفنا فيها مفتي مصر السابق الذي لا يمثل مصر العزيزة ولا علماءها الكبار ولا أزهرها العظيم في مؤتمراتنا ومنتدياتنا الكبرى ؟

جولة سريعة على موقع اليوتيوب العالمي لبعض مقاطع هذا المفتي وهو يتحدث عن الدعوة السلفية وشيوخها تؤكد مدى الكراهية التى يحملها للدعوة السلفية والحقد الدفين عليها ويعبر عن ذلك بطريقة لا تمت للعلم ولا للأخلاق بصلة..

وبعد مؤتمر الشيشان سيء الذكر بأيام قليلة حل أحد الموقعين الكبار على البيان البغيض الذي أخرجنا من إطار أهل السنة والجماعة ضيفا علينا في مكة وشارك في الندوة السنوية الكبرى وتم تكريمه على جهوده في خدمة الإسلام..

أليس هذا مما يصيب المرء بالحيرة والدهشة والتعجب ؟

وفي يوم عرفة استضافت قناة mbc[السعودية] شيخا أزهريا طالما سبنا وشتمنا واحتقرنا ورآنا خطرا على العقيدة واتهمنا بتحريف الدين وتضليل الناس ورمي شيوخ الدعوة السلفية بالضلال والزيغ والبدعة..

هذا الشيخ نفسه اتهم شيوخنا بن باز وبن عثيمين وبن جبرين رحمهم الله بأنهم شيوخ الارهاب..

هذا الشيخ أيضا سمى اعتراضنا على توصيات مؤتمر الشيشان بالنباح !!

وقبل أيام صرح بأن حرب السعودية على اليمن اعتداء سافر وأن جنودنا في الحرب معتدون وأن الذين استشهدوا من جنودنا ليسوا شهداء أبدا وإنما بغاة في النار..

واليوم تستضيفه القناة الرسمية الأولى مرة أخرى ويسمح له بالتحدث إلينا عبر قناتنا الرسمية !!!

بالله عليكم كيف يمكن أن يُستضاف هذا أو يُسمح له بالتصدر والتحدث في قناة يقولون عنها سعودية ؟

شيء عجيب لا يكاد يصدق..

لا يزال الخطأ يتكرر والغفلة والغباء هما سيدا الموقف..

يسخرون منا ويمسحون عوارضهم مرات ويقولون لبعضهم كم خدعنا هؤلاء الناس ثم لاهم يتوبون ولاهم يرعوون..

ثقوا أن هذه النماذج ستكون غدا في صدارة الموجة الأولى من الهجوم ومحاولات التجريم الرسمية للسعودية وتحميلها نتائج الارهاب في العالم..

السؤال:

منابرنا الثقافية والإعلامية من يقودها ؟

هل تحمل همّ بلدها ؟

هل تؤمن بمنهج بلادها الشرعي ودعوتها السلفية التي قامت عليها ؟

هل يمكن أن يكون المسئولون عن هذه المنابر مخدوعين بهذه النوعيات أم هي الغفلة إلى هذه الدرجة الغريبة أم هو التبني لهذه الأطروحات والتماهي معها والقبول بها أم ماذا ؟

ربما نحتاج إلى إجابات واضحة ولكن قطعا نحن نحتاج إلى إصلاحات عاجلة جدا ومحورية في منابرنا الثقافية والإعلامية الغائبة عن الوعي..

وسوم: العدد 686