نريد *ضمانات* لحماية الأكثرية

مجاهد مأمون ديرانيّة

ما زلنا نسمع ونقرأ منذ بداية هذه الثورة المباركة عن حرص المجتمع الدولي على حماية الأقليات، وما تزال الضمانات المطلوبة لحماية الأقليات هاجساً يتردد ذكره في كل منتدى ومؤتمر ويُعاد طرحه مع كل مشروع سياسي جديد.

لا بد أن الذين يطالبوننا بضمانات لحماية الأقليات يعرفون تفاصيل ما يجري في سوريا منذ خمس سنين، فليخبرونا إذن: كم عائلةً علوية في سوريا ذُبح فيها الأب والأم والأطفال ذبحَ النعاج والدجاج، وكم عائلةً درزية أو إسماعيلية أو مسيحية لقي أفرادها هذا المصير؟ كم اغتُصب في سوريا من نساء علويات، وكم اغتُصب فيها من الدرزيات والإسماعيليات والمسيحيات؟ كم حياً علوياً في سوريا قُصف بالمدافع وراجمات الصواريخ وهُدمت بيوته فوق ساكنيها، وكم حياً درزياً أو إسماعيلياً أو مسيحياً قُصف بالمدافع والصواريخ؟

*   *   *

إن كان القوم لا يعرفون الجواب لأنهم لا يقرؤون أخبار الحاضر فعسى أن يقرؤوا أخبار الماضي، فليخبرونا إذن: من أين جاء ملايين العلويين والدروز والإسماعيليين والمسيحيين الذين يعيشون اليوم في سوريا؟ أجاؤوا مع الفرنسيين يوم احتل الفرنسيون بلاد الشام؟ أم وُلدوا بعد ذلك من غير آباء ومن غير أمهات؟ هل هؤلاء في سوريا أقليات أم أكثريات؟ أمَا عاشوا -وهم أقليات- الدّهرَ الأطول مع المسلمين من أهل الشام في *عافية وأمان*؟

لو كان مسلمو سوريا بحاجة إلى دروس في "حماية الأقليات" لما عاش في سوريا هذا العددُ الكبير من أبناء الأقليات، وما هم إلا أحفادُ الأجداد الذين عاشوا مع أجدادنا وأولادُ الآباء الذين عاشوا مع آبائنا، الذين كانت ديارنا لهم دياراً وكانت بلادنا لهم البلاد.

*   *   *

لا يا أيها السادة، إنكم لم تفهموا المسألة على وجهها الصحيح. افتحوا أعينكم -لو كانت لكم عيون- وانظروا تَرَوا أن الذين تُقصَف أحياؤهم وتُهدّم بيوتهم على رؤوسهم، والذين تُذبَح عائلاتهم وتُغتصب بناتهم، والذين يحاصَرون ليموتوا جوعاً ويُمنَع عنهم العلاج لتفتك بهم الإصابات والأمراض، كل أولئك ليسوا من أبناء الأقليات، إنهم أبناء طائفة واحدة لو كنتم تبصرون!

أيها السادة: نحن في سوريا نريد ضمانات لحماية الأكثرية العربية السنّية، فمَن منكم يستطيع تقديم هذه الضمانات؟

أقول : *لا ضمان إلا الإيمان و الإعداد علما و قوة.

وسوم: العدد 687