التحالف الإيراني الروسي الغربي لذبح الشعب السوري

في الوقت الذي تستعد فيه  إيران لإجراء أكبر عملية نقل للسلاح والعتاد والمليشيات إلى سورية ، تتحضر روسيا أيضاً بخطى متسارعة  للبدء بمناورات عسكرية ضخمة قبالة السواحل السورية ، بعد أن شحنت أسلحتها النوعية  هي أيضاً ، وبشرت بقرب استخدامها لتحقيق الحسم الميداني قبل وصول الإدارة الأميركية الجديدة ، إلى جانب ذلك  توجت  طهران تجيشها  النوعي لنظام بشار الأسد ، لتطلق رسائل تحذيرية نوعية  إلى  كل من يعنيه الأمر من  بعض الدول العربية ، وتركيا ،  مضمونها بأن ساعة الحسم قد دقت لتغيير المعادلة العسكرية على الأرض لصالح إيران ، وتوجه ذلك إعلان مساعد قائد الحرس الثوري بأن استكمال بناء إيران لجمهوريتها العظمى  من خلال رحلة العبور للمتوسط باتت حقيقية واقعة لا محاله .

 لا شك بأن الحشد  العسكري  الإيراني – الروسي غير المسبوق في سورية، وفي هذا التوقيت تحديداً،  جاء وسط معلومات يتم تسريبها  في الإعلام الإيراني بين الفينة والأخرى  تشير أن النية تتجه ليس فقط  لتجسيد  ملحمة الانتقام الإلهي  لمزيد من عمليات ذبح  السوري ، ؛ بل  أيضاً لإحداث أكبر أزمة تهجير قسري في التاريخ الحديث  ،  وإفراغ سورية من  الأكثرية السنية  ؛ بل ومن سكانها الأصليين .

 كل هذه التطورات تزامنت مع  المزيد من استدارة أوباما ظهرها لما يحدث في سورية  ، وتزامن أيضاً  مع  اجتماعات «أمنية» مكثفة  ومبهمة لرؤساء أركان الدول الأوروبية، بعيداً عن الأضواء، ، مع التلويح  بـ «تفويض ضمني غير معلن » بالتدخل العسكري في سورية تحت ستار «قتال داعش» ، لكن  ذلك حتماً سيتم بالتنسيق مع الروس والإيرانيين ، بضغط أميركي طبعاً ، كل هذه التطورات تتزامن مع إعلان تركيا عزمها  دخول عسكري مباشر على خط مواجهة داعش ، والاستعداد للدخول بقوة على جبهة الموصل .

من المهم  التوقف عند جملة من الملاحظات الخطيرة  في خضم هذه التطورات ، أولها : أن ذبح الشعب السوري مستمر ، وبات رقم رياضي يتزايد كل يوم في ظل صمت وتوافق  دولي مخيف ، ومثير للريبة ، ثاني هذه الملاحظات : أن موضوع تفريغ وتهجير الشعب السوري باتت إستراتيجية تتبناها روسيا وإيران والنظام السوري برعاية أممية  غير مسبوقة ، وأصبحت أزمة اللاجئين السوريين  مجرد قضية إنسانية عادية ، تُرك التعامل معها لمؤسسات الأمم المتحدة ؛ وكأنها لا تجري على كوكب الأرض . الملاحظة الثالثة : توجيه الجهود الدولية لا سيما بعد  القرار الفرنسي - البريطاني، والذي لحقت به أستراليا قسراً ،  الذي يقضي ببدء توجيه ضربات في سورية تحت عنوان محاربة «داعش»، مع  إغفال المجازر التي يتعرض لها الشعب السوري الأعزل كل لحظة ، ما رسم أكثر مقاربة غريبة عنوانها الاستفهام  حيال الهدف الحقيقي من وراء هذا القرار ، وفي هذا التوقيت ، والذي  يشي بنوايا مبيته لمزيد من معاناة الشعب السوري ، ولاستهداف الفصائل المعارضة المعتدلة التي تدافع عن الشعب السوري ، ولتكون بذلك إلى جانب المحور الروسي الإيراني لذبح الشعب السوري .

وفي السياق ذاته ،  بدأت إيران تتحدث علناً ، عن عزمها إرسال أسلحة  نوعية و وحدات عسكرية خاصة لتنفيذ مهام نوعية على الأرض السورية. كل هذه التطورات جاءت في سياق المخطط لتدخل عسكري وشيك في سورية من جانب تركيا وبعض الدول الأوروبية ، ومهمتها  منع مهاجمة أهداف عسكرية سورية حساسة تتعلق بحماية أمن النظام السوري ، لكن من المرجح  أيضاً قيامها بارتكاب جرائم واسعة وغير مسبوقة ضد الشعب السوري ، لتفويت الفرصة على  تركيا ومنع  تدخلها المباشر  في حلب والموصل ، مما يسهم في منع إقامة المنطقة العازلة التي تريدها أنقرة في الشمال.

الإستراتيجية الإيرانية تسعى إلى افتعال «مجزرة إنسانية غير مسبوقة » قد  تُلصق تهمة تنفيذها بتركيا ، و من غير المستبعد أن ترتدي القوات الإيرانية لباس  الجيش التركي ، لتكون مبرراً لإلصاق التهمة  بها . 

روسيا تنتهج نفس المسار ، وكانت  رسالتها الأخطرقد اتضحت من خلال عدم استبعاد ارسال قوات روسية في القريب العاجل إلى الساحة  السورية مباشرة إلى جانب إيران ومليشياتها ومرتزقة النظام ، بعد أن استكملت إرسال نوعية جديدة من مقاتلاتها وأنظمتها الصاروخية إلى سورية، وكان أبرزها نظام «أس اي 22» الصاروخي المضاد للطائرات، وأسلحة عسكرية «حساسة » جُهزت للانضمام بالمنظومة الصاروخية الجديدة، مع تهليل مصادر عسكرية إيرانية  لوصول سرب  روسي من مقاتلات «سوخوي 35» إلى مطار جبلة في اللاذقية ، واستمرار طهران فتح مطار همدان للقاذفات الروسية ، وتقديم الدعم الكامل لها بأمر مباشر من المرشد ، إضافة إلى مشاركة إيران عن طريق طائراتها المسيرة لسفك دماء الشعب السوري ، كل ذلك بهدف  الإسراع في الحسم العسكري ، وللجم فاعلية أي دور لسلاح الجو الغربي في المستقبل القريب ، و لتعزيز عملية  الانخراط في تنفيذ مهماتها  الثأرية ، الملفت أن كل ذلك يتم بموافقة إسرائيلية ، حيث تحرص على  مراقبة  الأجواء السورية، والاعتماد على تنفيذ الغارات النوعية بين الفترة والأخرى ، لرفع شعبية النظام السوري  المتهالكة ، والترويج لفكرة الممانعة  .

الدول العربية  بعضهم من انخرط في عملية ذبح الشعب السوري ، والأخر يتابع بقلق ، والبعض لا حول له ولا قوة ، في حين تتابع « الدول الغربية وأميركا وإسرائيل»  باهتمام،  نتائج الاستعدادات والتحضيرات  العسكرية الروسية والإيرانية   .

لا شك بأن موسكو وطهران قد  وجهت  من خلال رفع مستوى حشدها العسكري رسائل للجميع ، وأعلنت بشكل واضح لا لبس فيه أن إستراتيجية  دعم النظام  بات يندرج ضمن إطار حماية أمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية ، وانضمام طهران لحملة التحذير من الاشتباك مع قواتها ومع الروس من جانب قوى التحالف .

لك الله يا شعب سورية

د.نبيل العتوم

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية

مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

وسوم: العدد 690