صفقة رئاسية ناجحة لترامب.

على غير المتوقع داخل امريكا و خارجها ربح رجل الاعمال الامريكي ذو التوجه اليميني المتطرف منصب الرئاسة الامريكي . وأعتقد أن وجود ترامب في البيت الابيض سيخلق حالة جديدة داخل امريكا و خارجها، حالة ستخلط الاوراق اذا نفذ فعلا مؤشراته البرنامجية و التي صرح فيها بحملته الإنتخابية و التي تؤكد دفن النظام الامريكي البالي و المرفوض ، و بناء نظام جديد مقلق غير واضح المعالم فما هي القراءة الرئيسية لهذا النجاح داخل امريكا و إنعكاساتها العالمية عموما و العربية خصوصا .

أولا : تؤكد الترشيحات التي تمت على عجز الحزبين الديمقراطي و الجمهوري في إنتاج كوادر سياسية قادرة على تجديد هذه الفئات المسيطرة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية . فالحزب الجمهوري فقد كل كوادره المؤثرة على الساحة السياسية و استطاع تامب إقتحامه بسهولة فائقة ، و الحزب الديمقراطي لم يستطع أن ينتج مرشح سياسي جديد قادر في إقناع حتى أعضاء حزبه فقدم كلينتون و هي من الكوادر القديمة و الغير متجددة والغير مقبولة .

إن أحد عناوين السقوط هي سقوط سياسة اوباما التي اضعفت الولايات المتحدة الامريكية في الداخل و الخارج كما يرى الامريكيين . و المجتمع الأمريكي بحاجة الى التغيير فقدم له رجل الأعمال الناجح خطابا تغيريا استهوى الناخبين الامريكيين و دفع بترامب الى الرئاسة ..في مواجهة نظام غير مقبول ، و(يسار) عاجز ممثله في الإنتخابات الامريكيه السيناتور بيرني ساندورز الذي اعلن انه يساري اشتراكي يريد تغيرات اقتصاديه جذريه في الولايات المتحده ، وقال ان ٩٩٪ م عائدات هذا البلد تذهب الى ١٪ من سكان امريكا وهم الأكثر ثراء معتبرا أن الاقتصاد الامريكي غير أخلاقي ولا يخدم الفقراء .

و بالمقابل فإن صعود اليمين الامريكي هو منسجم مع صعود اليمين المتطرف الاوروبي ، و اعتقد كقراءة اولية ان هذا اليمين سيدفع العالم بشكل عام نحو المزيد من التأزم و نحو افاق مجهولة ، و اذا كان ما يعنينا اولا هو تاثير نجاح ترامب على المنطقة العربية فمن خلال تصريحاته المعادية للسعودية و الداعمة للاسرائيليين و الذي طالب فيها من الفلسطينيين الموافقة على خطة السلام الاسرائيلية و من خلال دعمه للاسد كونه يحارب الارهاب و من خلال دعمه لحزب الpyd الكردي المتطرف كونه ايضا يحارب الإرهابيين فأعتقد ان الوضع في المنطقة سيصبح أكثر خطورة وتطرف وإستباحه ، و أكثر تازما و سيزداد الاقتتال المذهبي و القومي .

وستستنزف الثروات العربية و ستقمع الحريات و خصوصا في ظل الضعف العام للحركة الوطنية العربية و جبن الانظمة العربية الاخرى كل هذا سيسمح لترامب بتنفيذ سياسته بدقة في المنطقة العربية باعتبارها المنطقة الاكثر ضعفا .

و من خلال العلاقة التاريخية بين الانظمة العربية و الولايات المتحدة الامريكية ،اعتقد ان الانظمة العربية و الخليجية خصوصا ستحاول استرضاء ترامب و نظامه الجديد على حساب تقديم المزيد من التنازلات و فقدان القدرة على مواقف جدية تدافع فيها عن ثرواتها الموجودة في الخليج و عن شخصيتها الوطنية و عن حريتها في اتخاذ القرار .

و ايضا فإن الوضع الفلسطيني سيزداد تازما خصوصا ان القيادة الفلسطينية منقسمة على بعضها و ان القسم الذي يحكم الضفة الغربية مستسلم تماما للادارة الامريكية و القسم الذي يحكم غزة معزول دوليا .

و أعتقد ان الوضع في سورية سيكون صعبا جدا اذا لم تبادر القوى الوطنية بكل مكوناتها و تياراتها للعمل من اجل الحفاظ على سورية كوطن نهائي للسوريين وتتوحد بشكل قادر على المساهمة في اسقاط نظام الاستبداد و بناء الدولة الديمقراطية عن طريق وحدة العمل ،و اذا لم تستطع تغيير الخطاب المذهبي الطائفي و القومي المنتشر في كافة الاراضي السورية .

ان مهاما كبيرة و سريعة تنتظر الحركة الوطنية بقواها العسكرية و السياسية و المدنية و التي يجب ان تتحد على خطاب جديد قادر على استمالة كافة مكونات العشب السوري و قادر على تحريك اقسام واسعة من الصامتين لصالح الانتقال الى الدولة المدنية الديمقراطية .لتتفادى التداعيات الخطيره لسياسة ترامب المعلنه إتجاه الثورة السوريه .

وسوم: العدد 694