لماذا يتنحى القضاة عن قضية أحداث مسجد الفتح ؟

في يوم السبت الموافق 12 من نوفمبر الجاري تنحي القاضي "سعيد الصياد" عن نظر القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث مسجد الفتح"،  والتي وقعت في ميدان رمسيس وسط القاهرة، في 16 أغسطس2013، وهو ثالث قاضي يتنحي عن نظر القضية ذاتها.

أحداث "مسجد الفتح"  أو "مجزرة مسجد الفتح" هي واحدة من تسعة مجازر قام بها الإنقلاب العسكري، والتي راح ضحيتها ما يقارب 200 شهيداً إحتجاجاً على سقوط ألاف من الشهداء جراء قيام قوات الجيش والشرطة بفض اعتصامي "رابعة العدوية" ونهضة مصر" بالقاهرة الكبرى في الـرابع عشرمن الشهر ذاته.

نفذ رجال الجيش وشرطة الانقلاب العسكري مذبحة  مسجد الفتح بحق المعتصمين والمتظاهرين الذين خرجوا للتنديد بالانقلاب وبطشه عقب صلاة الجمعة، فما كان من زبانية الانقلاب إلا أن أطلقوا الرصاص على المتظاهرين بالقرب من المسجد، وعندما احتمى بعضهم داخل مسجد الفتح الذي تحول إلى مستشفى لمداواة الجرحى؛ حاصر العسكر المسجد واقتحموه بالقوة، وقتلوا أكثر من بداخله، ولم يراعوا حرمات الله، واعتقلوا ونكلوا بمن بقي حيًّا من الثوار.

قضية مذبحة مسجد الفتح مازلت تضم فيها 304 متهم منهم علماء هذه الأمة أمثال الدكتور صلاح سلطان عضو الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، والدكتور عبد الرحمن البر عميد كلية أصول الدين والدعوة وعضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ،  وعبد الحفيظ المسلمي إمام مسجد الفت وغيرهم من علماء المسلمين.

والتساؤلات الآن: 

إذا لم توجد أدلة تدين هؤلاء الشرفاء ، فلماذا لم يحكم القضاة في حقهم بالبراءة بدلاً من التنحي لإستشعارهم الحرج كما يقولون؟

لماذا لم يٌحرك هؤلاء القضاة ضمائرٌهم التي غابت عن منصة القاضي بدلاً من الإستجابة للإنقلابيين؟

وما ذنب هؤلاء الشرفاء أن يٌحرموا أهلهم وأولادهم وتلاميذتهم ما لم يوجد دليل لإدانتهم؟.

ألم يعلم هؤلاء القضاة أنه باستجابتهم للظالمين والخونة في حبس الشرفاء دون ذنب أو جُرم سيكونون وقوداً للنار؟.

ألم يقرأ هؤلاء القضاة قول رسول الله صل الله عليه وسلم : (القضاة ثلاثة : قاضيان في النار ، و قاضي في الجنة ، قاضي قضى بالهوى فهو في النار ، و قاضي قضى بغير علم فهو في النار ، و قاضي قضى بالحق فهو في الجنة ) الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4447

لقد إستخدم الإنقلابيون قضاة اليوم أداة قمعٍ وترعب  للشرفاء حتي يصدوهم عن كلمة حقٍ ينطقونها أو وقف حرٍ لتعود الشرعية إلي ما كانت عليه،  والحقوق المغتصبة إلي أصحابها.  

لن ينس التاريخ أن قضاة اليوم قد خذلوا منصتهم وشرف مهنتهم وارتموا في حضان الظالمين لينصروهم بدلاً من منعهم عن الظلم لمواطنيهم.

إن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كتب إلي القاضي عبدالله بن قيس يقول له : ) سلام عليك ، أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك ، وأنفذ إذا تبين لك، ولا تيئس ضعيف من عدلك ، ولا يمنعك قضاءٌ قضيته اليوم  فراجعت فيه عقلك ، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق ، فمراجعة الحق خير من التمادي في الباطل(.

فأين قضاة اليوم من تلك العبارات... وإلي أين هم ذاهبون؟

إن القضاة هم حائط الحق وباب العدل، فلا يصلح لمكانهم من أضاع مكانتهم، ومن كان عوداً لمشانق الأبرياء علي أعتاب الطغاة ظلماً وبهتاناً، فلا نامت أعين الجبناء (الَذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ ولا يُصْلِحُونَ (152)سورة الشعراء.

حسبنا الله وكفى.

وسوم: العدد 694