أطفال حلب ...هل يعنون للأدعياء شيئا !؟

المأساة ليست هي المأساة ..

المأساة ليست فيما يجري على بلدات الغوطة أو حمص أو إدلب أو حلب أو مدن الجزيرة السورية ...

المأساة ليست في صور الأطفال الرضع ، يُصفون على الأرض خارج محاضن طفولتهم ، ينتظرون ساعة الموت ..

المأساة ليست في عيني طفلة ياقد العدس ، تقضم ظفرها ، وتوصوص بعينيها تحت طباق ثرى يدفنها حتى صدرها ، ولا تدري أين هي ، ولا ما يدور حولها ..

المأساة ليست في الدماء ، ولا في الأشلاء ، ولا في الدمار ، ولا في الإبادة .. ولا في الاعتقال ..

المأساة ليست في الحصار ، ولا في الجوع ، ولا في العطش ، ولا في العري ، ولا في البرد ، ولا في المرض ، ولا في فقدان الدواء ...

المأساة ليست في الروس ، ولا في المجوس ولا في الأسديين ولا في الاحتلال ، ولا القنابل ولا في الكيماوي ولا في النابلم ولا في مشتقاتها ..

المأساة ليست في الأصدقاء الأدعياء ، لا البعيد منهم ولا القريب ، ليست في الذي تجمعنا به الإنسانية ، ولا في الذي تجمعنا به القومية ولا في الذي يجمعنا به الإسلام الدين ، العقيدة والشريعة ومنهج الحياة ..

المأساة الحقيقية ليست في كل أولئك ولا في كل هؤلاء .. المأساة الحقيقية هي في قوم تقلدوا أمر هذه الثورة ، وزعموا أنهم ولاة أمرها ، والقائمون عليها ، والمالكون لزمامها وقرارها ، والممدون لقويها و الحاملون لكلها وضعيفها ، وأنهم المناضلون عنها ؛ المأساة الحقيقية في هؤلاء ثم نبحث عنهم وسط أمواج الصور تغدو أمام أعيننا وتروح ، هذا رضيع مختنق ، وتلك طفلة موؤودة ، وهذه امرأة مبتورة . المأساة في هؤلاء الذين نبحث عنهم وسط زحام الدم والردم فلا نحس منهم من أحد ولا نسمع لهم ركزا ...

نعم والله هذه هي المأساة الحقيقية التي كتبت علينا كما كتبت الذلة والمسكنة من قبل على بني إسرائيل ...

لكم الله يا أهل الشام كل الشام .. لكم الله .. يا أطفال حلب ..لك الله يا أشجار التين والزيتون في إدلب الخضراء ..لكم الله يا أبناء الوعر الأشداء لك الله يا أرض الجزيرة الشماء

لكم ولنا الله .. وحسبنا الله .. ولا قوة إلا بالله , وإنا لله وإنا إليه راجعون

وإنا بالله لمنتصرون

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 695