أمة مسخرة!!

الشيخ حسن عبد الحميد

ضُرب أبو حنيفة النعمان بالسياط أمام أبي جعفر باني بغداد ليتولى القضاء فأبى الإمام وقال له : لا أصلح ! قال أبو جعفر : كذبت ! 

قال الإمام : حكمت ياأمير المؤمنين ؟ القاضي لا يكون كذابا ! 

فقال المنصور الخليفة العباسي : اذهب إلى بيتك حياك الله وعاش فقها أنت إمامه  . 

أنا لا أحب مهنة الفتوى خاصة في الطلاق ؟ لكني في الدماء أقول : 

لا يجوز أن يكون القاضي عسكريا بل مدنيا ، والحكم يحضره قضاة أكثر من واحد يقسمون بالله أن يحكموا بالعدل ، ويحضر الحكم محامون أقوياء يخافون الله ويخشونه !

فعندما يختفي شرع الله تحدث المهازل ! وتجد الإنسان المكرّم في حاوية أو في نهر قويق !

لا تؤاخذوني إن قلت نحن أمة مسخرة ! واعذروا الشاعر عندما قال : 

أغاية الدين أن تحفوا شواربكم 

    ياأمة ضحكت من جهلها الأمم 

هذا في عهود الشاعر قديما ؟ فكيف لو رأى زمان ثورة آذار ! 

التي أوصلت أمة عظيمة ، أمة المجد والخلود إلى مستنقع العار والهزائم ! 

أمة يرفرف عليها علم العدل عبر التاريخ ..فمن مفاخر تاريخنا :

 درع  لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه وجدها عند يهودي ، رفع الأمر إلى القاضي شريح الذي قال : 

قم ياأبا الحسن فاقعد إلى جانب خصمك ! يغضب علي رضي الله عنه لأنه ميزه بقوله ياأبا الحسن ولم يقل له ياعلي ؟ وحكم شريح لليهودي بالدرع ، فأسلم اليهودي واعترف أن الدرع لعلي رضي الله عنه . 

والمؤسف أن نجد في أوربا وهي دول غير إسلامية نجد العدل والشهامة والإنصاف ، وصدق قول شيخ الإسلام :

إن الله لينصر الدولة الكافرة العادلة ، ويخذل الدولة المسلمة إن كانت ظالمة !

اسمعوا ماذا قالت القاضية الكندية وهي تمنح جنسية بلدها

للمهاجرين : 

أيها الناس دخلتم هذه القاعة مهاجرين وتخرجون منها مواطنين مثلي ، ادخلوا هذا البلد آمنين ، اعتنقوا الدين الذي به تؤمنون ، تعلموا قول الحق والعمل به ولا تخشوا في ذلك لومة لائم ، وعلموا أولادكم ذلك ! 

ومفتينا يقبل يد الغلمان خريجي البارات الذين حققوا النصر على فقراء الصاخور والميسر ! ويقول ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) ونسي أنهم قرمطيين ومجوس !!

 نحن أمة المهازل ؟

وزعيم سياسي يمشي في جنازة من يبصق على قبرين ، قبر الصديق والفاروق رضي الله عنهما ، قال عنهما المصطفى عليه السلام هما السمع والبصر ! 

نحن أمة اللقالقيق ! 

وإليكم قصة ليست خيالية بل من الواقع النتن لخريجي البارات والملاهي ! من انتاج الرسالة الخالدة عندما يحكمون ؟

حدثني سجين غير سياسي قال : كنت في السجن فجاء قزم طوله متر لكنه بلباس عسكري حكم على ٩٠ سجينا بالإعدام بنصف ساعة !

 وأخذ المساكين إلى الساحات يطلق عليهم النار بحكم قضائي مسخرة ؟ 

لذلك اقول رأيي لايجوز أن يكون القاضي عسكريا بل مدنيا ، والمتهم قد وكل محاميا جم الثقافة القانيونية ، له دين وورع ، ويقسم على القرآن انه سيحكم بالعدل ، وكنموذج أقدم لكم المحامي الحلبي عبد القادر السبسبي رحمه الله 

يقول محدثي ابتسمت لما صدرت الأحكام الصبيانية وهي في الدماء ، لا في الفجل والبصل ، فيأتي القاضي صاحب النسر ويقول : ( ولك أنت تضحك بشرفي بعدمك معهم ؟ ) وقضينا في تدمر ربع قرن نقاسي القهر والجوع والتعذيب والخوف ؟

صار قتل الإنسان في بلادنا أهون من قتل عصفور ، فلا تستغربوا هزيمتنا في حزيران ! ولا تصدقوا نصرنا في تشرين ؟ 

( وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين )  ومثاله الطاغية ( جامع ) كان في دير الزور يمشي في الأرض مرحا مختالا ، أتته رصاصة فسقط الصنم يخور ؟ ( إن ربك لبالمرصاد ) وهو سبحانه يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته 

اما تعليقي على قصة الواقع التي رواها ابن بلدنا سجين تدمر فأقول : 

كل من شارك في إعدام الأبرياء هم مجرمون ينتظرهم عذاب جهنم وبئس المصير 

والجنود الذين أحضروا الأبرياء للاعدام ويقولون أوامر ؟ مجرمون 

مت أنت ولا تنفذ حكما بالإعدام ؟ أو تعين عليه ! تمرد ولو ذهبت رقبتك فداء وقوفك مع الحق . 

ان ديننا يقول ( إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم ياظالم فقد تودع منهم ) رواه الحاكم في المستدرك 

( وإذا كان أمراؤكم شراركم ، وأغنياؤكم بخلاءكم ، وأمركم إلى نساءكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها ) قال رواه الترمذي وقال حديث غريب 

إن كل من شارك بقتل امرىء مسلم ولو بكلمة تشجيع هو شريك في القتل ! ومن جلب المتهمين الأبرياء إلى الزنازين مجرم ؟ 

ومن وقف متفرجا باء بغضب الله وسخطه إن لم يقل للقاضي قف ! 

نيينا عليه السلام يقول ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) 

كيف تنصره ؟ امنع عنه القتل ! 

وليس في الإسلام كلمة ( عبد مأمور ) افد الحق بنفسك كما قتل واستشهد سيدنا خبيب بن عدي رضي الله عنه 

إن أمة قضاتها العساكر خريجوا بارات وملاهي أمة لا تستحق الحياة ، وستعلوها صرماية أعدائها ! وتعيش في مستنقع الذل والهوان حتى تعود إلى ربها ، ويكون شعارها الله أكبر ، تقول بصدق في سجودها سبحان ربي الأعلى 

والله اكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 703