الاعتداء على الجاليات المسلمة في بلاد الغرب

الاعتداء على الجاليات المسلمة في بلاد الغرب نتيجة مباشرة لتصريحات  غير مسؤولة صادرة عن مسؤولين غربيين تستهدف الإسلام

مرة أخرى استهدف مسلمون وهم في صلاتهم  ، وهذه المرة بالقطر الكندي الذي يوصف تمييزا له على غيره بأنه أرض الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان  ، وقد قتل منهم من قتل وجرح منهم  من جرح غدرا ، وظلما ،وعدوانا بسبب دينهم الذي هو حق بشري لا يحق لأي مهما كان أن يصادره بأية ذريعة مهما كانت . فها قد أتت تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب غير المسؤولة  ضد الإسلام أكلها . فعندما يتلقى المواطن الغربي خلف المحيط الأطلسي وتحديدا في أمريكا الشمالية خطابا يقول فيه زعيم أكبر دولة " سنحارب الإسلام العنيف " والله أعلم بقصده ، وإن كان المرجح  إذا ما أحسن الظن بنواياه أنه يقصد عصابات داعش الإجرامية، علما بأن المجتمع المسلم في العالم بأسره يتنكر لهذه العصابات  ويتبرأ منها ، وينفي نفيا قاطعا علاقتها بالإسلام أو انتسابها إليه بحكم ما اقترفته  وتقترفه من فظائع والإسلام ممن يرتكبها براء . ومعلوم أن معظم الشعب الأمريكي لا يعرف  الإسلام المعرفة الصحيحة  ، وكل ما علق بذهنه هو إلصاق تهمة تفجيرات الحادي عشر من شتنبر بالإسلام ، وكذلك الشأن بالنسبة للشعوب الأوربية التي لا تعرف عن الإسلام سوى أنه دين أناس يسفكون الدماء ، ومن ثم فهو دين عنف بالرغم من أن ترجمة بسيطة لكلمة إسلام  تقدم لكل تلك الشعوب كافية لتقنعهم  بعكس ما يلفق له من تهم العنف والإرهاب ، وهي تهم إنما تصدر عن عقائد معادية له ضاربة في جذور التاريخ الذي لا يقدم لتلك الشعوب لتعي خلفية استهداف المسيحية المتصهينة له . وعندما تسأل الشعوب الغربية أوربية وأمريكية عن الإسلام، فإنها تختزله غالبا  في كونه مجرد عقيدة عنيفة أو عقيدة حربية . وقد كرس هذا التصور لديهم ما يقوم به الإعلام الصهيوني الذي يصور المقاومة الفلسطينية ضده كمحتل غاصب لأرضها بأنها عصابات إرهابية وإجرامية ،الأمر الذي يصدقه بسهولة الإنسان الغربي وهو ضحية  ذلك الإعلام الذي يسيطر عليه اللوبي الصهيوني في الغرب بشطريه الأوروبي  والأمريكي . وكل ما علق في ذاكرة الشعوب الغربية عن الصهيونية أنها أنقذت الشعب اليهودي من الإبادة الجماعية التي تعرض لها على يد النازية ، ووفر له  كيانا مع تجاهل  تام على حساب من كان تأسيس هذا الكيان ، ومع تجاهل تام لحقوق أصحاب الأرض الشرعيين الذين أقيم الكيان الصهيوني فوق أرضهم بل أكثر من ذلك  تصويرهم كمجرمين وإرهابيين يستهدفون اليهود  تماما كما استهدفتهم النازية من قبل  . والذي جعل هذا التصور يترسخ لدى الشعوب الغربية هو ساستها الذين  يؤازرون الكيان الصهيوني ويدعمونه في عدوانه ضد الشعب الفلسطيني بلا حدود ، وهم يجددون فكرة المحرقة النازية في أذهان شعوبهم بزياراتهم المتكررة للكيان الصهيوني والوقوف أمام الشعلة الصهيونية بخشوع، وهو تقليد يهدف الصهاينة من ورائه  إلى استدرارتعاطف الشعوب الغربية  معهم والتي تعيش بعيدة عما يجري على أرض الواقع، وهو واقع يتعمد الإعلام الصهيوني  تزويره  فيقلب معادلة الجلاد والضحية حيث  تبدو الضحية الفلسطينية جلادا والجلاد الصهيوني ضحية .  ويحرص المسؤولون في الغرب على تصوير سياستهم في البلاد العربية على أنها خطط لحماية أمن بلدانهم ، واستطاعوا بتصريحاتهم المستهدفة للإسلام تأليب  شعوبهم عليه،  الشيء يجعل بعض حاملي الفكر العنصري المتعصب يرتكبون جرائم  وحشية ضد المسلمين كما حصل في كندا أمس الأول . ويلجأ المسؤولون في الغرب إلى اعتماد نوع من النفاق مع المسلمين حيث يتظاهرون بأنهم لا يستهدفونهم  بل يستهدفون ما يسمونه بالإسلام العنيف الذي  يتبرأ المسلمون  ممن يدعونه لتبرير الإجرام علما بأنه لا يوجد إسلام عنيف ، ولا صلة له بالعصابات الإجرامية التي تتاجر به  وتتعمد تشويهه بإيعاز من جهات غربية تقف وراء خلق وتسليح تلك العصابات لتوظيفها في تحقيق أهدافها غير المعلنة للرأي العام العالمي.  وتوجه الحكومات الغربية تهم  التحريض على العنف لبعض الدعاة والعلماء المسلمين ، لكنها تنسى التحريض الذي تمارسه ضد المسلمين، والذي يترجمه  بعض رعاياها  العدوانيين إلى عنف وقتل وسفك لدماء مسلمين أبرياء .  ولقد تنامى خطاب التحريض على الإسلام في بلاد الغرب بشكل غير مسبوق، وبلغ أوجه بما أقدم عليه الرئيس الأمريكي ترامب  من تصريحات غير مسؤولة في حق الإسلام ، وهو الذي لم تخل حملته الانتخابية من  تهديد ووعيد خصوصا ضد الرعايا المسلمين  المقيمين بالولايات المتحدة . ولقد بدأ في تطبيق ما هدد  وتوعد به بقراره  المجحف الأخير . ولقد كان تهديده ووعيده هو سر نجاحه في الانتخابات وسر رهان اللوبي الصهيوني عليه، والعالم يعلم جيدا كيف تمر الانتخابات الأمريكية ، ويعرف جيدا دور اللوبي الصهيوني في مسارها ، ونتائجها ، ولا يفوز بالانتخابات الأمريكية إلا أكثر المرشحين ولاء لهذا اللوبي وأكثرهم خدمة له  . ومعلوم أن التحريض على الإسلام وأخذ رعاياه بجرائر عصابات إجرامية  لا علاقة لها بالإسلام ، وهي مصنوعة  مخابراتيا في الغرب عمدا لتشويهه  وتبرير التدخل في الوطن العربي ستكون له آثار سيئة في عالم كان من المفروض أن تتعايش فيه الشعوب على اختلاف معتقداتها وأديانها دون أن يقع بينها تمييز على أساس المعتقد والدين. ويتعين على المسلمين في كل أصقاع العالم فضح  المؤامرة الغربية ضد الإسلام عن طريق تشويهه ونعته بالنعوت القدحية  لتأليب  شعوبهم عليه وعلى أتباعه، ولإضفاء المشروعية  على اضطهادهم واستباحة أرواحهم  في أماكن عبادتهم  وهم آمنون ويتمتعون بوضعية  إقامة قانونية تخول لهم التمتع بالأمن والحماية كما يتمتع الرعايا الغربيون بذلك في البلاد العربية . فمتى سيرفع هذا الحيف الصارخ ضد الإسلام والمسلمين  في بلاد الغرب ؟  

وسوم: العدد 705