"مولانا" المدنس .. و"أبونا" المقدس!

من الحيل الماكرة المعروفة عند أهل الهلس ( الفن سابقا ) افتعال أزمات ونشر أخبار لا أساس لها من الصحة من أجل لفت الأنظار إلى أعمالهم الرديئة، وإلى شخوصهم التي خيم عليها النسيان لضحالة الموهبة أو تجاوز مرحلة الشباب ..

وإذا سألت عن سر لجوئهم للهلس اتهموا الإسلام بأنه يعوقهم عن الوصول إلى الفن الراقي وألقوا عليه فشلهم وخواءهم وتسافلهم من خلال ما يسمونه التطرف والتشدد والإرهاب. يقدمون فيلما سخيفا أو كتابا رديئا فيخترعون فِرْية أن المتطرفين يمنعون الجمهور من مشاهدته أو قراءته، أو يزعمون أن الأزهر أو جهات إسلامية طالبت أو تدخلت لوقفه أو مصادرته. ولذا كان بعض الناس ينصحون الجهات المتّهمة بعدم الرد أو الاهتمام لكي تموت البضاعة الفاسدة في مخازنها.

يحاولون تحقيق الربح الحرام والشهرة المزيفة من خلال الهجوم على الإسلام وعلمائه والمنتسبين إليه وما أكثر الأعمال التي صوّروا من خلالها العلماء المسلمين وأبناء الإسلام في صور دموية وحشية فصامية ، ولكنهم لا يستطيعون أن يقتربوا من شخصية راهب أو قسيس أو حاخام يهودي ، فأبونا مقدّس ، ومولانا مدنّس على طول الخط! إنها الحرب على الإسلام بقيادة الانقلاب والرعاة الصليبيين !

من هذا القبيل ما جرى مؤخرا بشأن فيلم اسمه "مولانا" كتب قصته الصحفي الناصري الانقلابي إبراهيم عيسى، وقام بالدور الأساسي فيه الممثل عمرو عبد الجليل الذي ارتبط اسمه بالأفلام المقزّزة البائسة التي تصطنع القبح والتشوّه والدمامة والبؤس ولا تقدم بديلا مقنعا. إبراهيم عيسى معروف بصلاته الوثيقة مع الأجهزة الأمنية مذ كان تلميذا مع آخرين للصحفي الناصري عادل حمودة في مجلة روز اليوسف؛ مفرخة الصحفيين الأمنيين من أيام تأميم الحكم العسكري للصحافة حتى الآن. ورواية مولانا لا تختلف عن بقية رواياته التي تعتمد على النميمة والشائعات والترويج الدعائي لما توحي به الأجهزة الأمنية وتسعى لنشره علي نطاق واسع، وخاصة في مجال الحرب على الإسلام وتشويهه، وتجريم رموزه وأتباعه ..

لم تكد تمر أيام قليلة على بدء عرض فيلم “مولانا” في مصر وقلة عدد مشاهديه،  حتى أخذت عروض الترويج المفتعلة والزعم أن هناك من يطالب بضرورة وقفه وعرضه على الأزهر من أجل إجازته. وقالوا إن النائب البرلماني شكري الجندي، عضو اللجنة الدينية في برلمان "أمي بتدعيلك" طالب بوقف الفيلم وعرضه على لجنة متخصصة من الأزهر ووزارة الأوقاف من أجل إقراره. وأوضح عضو البرلمان أن الدراما الدينية بوجه عام لابد أن تعرض على الأزهر، ولابد أن يكون للأزهر حصانة لدى المتلقي(؟)، مع أن النائب البرلماني لم يشاهد الفيلم، إذ أكد أنه شاهد بعض أجزائه فقط. وعبر مخرج الفيلم مجدي أحمد علي؛ اليساري الناصري الانقلابي المعادي للحرية والديمقراطية والإسلام، عن اندهاشه من طلب النائب البرلماني، لأن تجار الفيلم  حصلوا على ترخيص قانوني بعرض العمل، وبالتالي تعد مطالبة النائب مخالفة للقانون، إلا إن كان سيقوم بتحريك دعوى قضائية.

وزعم المخرج اليساري أن المصريين بأكملهم يرفضون عرض الفيلم على لجنة متخصصة بالأزهر، وأعرب عن دهشته من كون النائب لم يشاهد الفيلم ويتحدث عن مصير العمل ويطالب بوقف عرضه. ودعاه إلى مشاهدة الفيلم دون تربص وبعدها مناقشته.

واعتمد تجار الفيلم على تصريح آخر لكبير الأئمة بوزارة الأوقاف ويدعى الدكتور منصور مندور، الذي وجه دعوة إلى المسئولين من أجل وقف العرض، مشيراً إلى كون الممثل عمرو سعد، الذي يجسد دور “مولانا” قدم أفلاما وصفها بالساقطة من قبل، وهو ما سيعرض صورة الإمام للسخرية والضحك، معتبرا أن مؤلف الفيلم إبراهيم عيسى محارب للدين الإسلامي.

كان من الممكن تجاهل التصريحين، ولكن ركود الفيلم وعدم الإقبال عليه بسبب امتحانات الفصل الأول على الأقل؛ جعل تجار الفيلم يفتعلون معركة وهمية ويشوهون صورة من يخالفهم من الإسلاميين، أو ينتسبون إلى جهات إسلامية، فضلا عن تجنيد الأقلام والأبواق الناصرية واليسارية غير المتوضئة في الصحف والمجلات والفضائيات والإذاعات للدعاية للفيلم الرديء.

كنت قد قرأت الرواية مكتوبة بعد صدورها، وسجلت بعض الفقرات الأولية تمهيدا لدراستها دراسة فنية أنقل بعضها فيما يلي:

"تعالج الرواية حالة داعية إسلامي يظهر على الفضائيات التلفزيونية، بعد أن كان مجرد إمام وخطيب في مسجد بأحد الأحياء الشعبية ناحية القلعة، ويكشف من خلال عمله التلفزيوني وشهرته مدى تأثير الإعلام على الجمهور وكيفية التلاعب به وتمرير الأفكار والتصورات التي يريدها صاحب القناة أو المنتج أو أجهزة الدولة بما يخدم وجودها في مواجهة الآخرين وأفكارهم".

"تبدو صورة الداعية هنا خاضعة للمال الذي تجلبه الإعلانات، وأوامر أجهزة الأمن التي تكون دائما على صلة بالقناة والإعداد والمذيع المحاور للداعية، حيث يخضع تماما لما يريده هؤلاء جميعا، وإلا فقد المال والشهرة والظهور على الشاشات".

"الرواية من هذه الناحية تقدم لنا مجالا جديدا بما يجري فيه من نفاق وتدليس وتضليل وتجارة وعلاقات ثلجية تخلو من المشاعر والعواطف، وتصنعها المصلحة أو الفائدة وحدها، وتخبرنا أن ما يظهر على الشاشة هو تجارة بالدين وليس الدين الخالص كما يفترض أن يراه الناس وهو ما كان يفعله إبراهيم عيسى نفسه ..".

"على غير عادة اليساريين نجد الرواية تعيش قضايا إسلامية، ولكن بتصورات غير إسلامية يعيشها بطل الرواية، وتعيدنا إلى رواية أخرى للكاتب هي " دم على نهد " حيث صور فيها أحد الدعاة الشرفاء المشهورين بصورة كريهة فصامية بعيدة عن الإخلاص التقوى".

"تبد أ الرواية بالأخت جورجيت وهي تضع الماكياج على وجه الداعية بآلية أصابع محترفة ويسأله المذيع أنور عثمان :

" تفتكر ما هو إحساس المصلين وراءك والمريدين لك وطالبي فتواك لما يشوفوا مولانا وشيخنا يضع مكياجا قبل التصوير ؟ " 

فيرد الداعية بحسم منبسط:

-        " ما النبي صلى الله عليه وسلم يا خويا كان بيحنّي شعره وبيكحّل عينيه ، النبي تتلهي يا أنور من أسئلتك الرخمة دي " (  الرواية ص 7)  .

والسؤال والإجابة يطرحان مشكلا له جانبان : الأول هو قدرة الداعية على تقديم مَخْرَج لكل حدث يبدو متناقضا مع طبيعة السلوك الإسلامي، والآخر يتمثل في لغة الرواية الهجين التي لا تستطيع أن تضعها في الفصحى الخالصة أو العامية الخالصة ، فهي تمزج بين الاثنتين بصورة تبدو مفتعلة وغير محققة لجماليات التعبير الأدبي".

تدخل الرواية في سياق التشويه المتعمد للإسلام على تفصيل تتسع له الدراسة.

الله مولانا. اللهم فرّج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!

وسوم: العدد 706